أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ومسؤول الدائرة السياسية الدكتور محمد الهندي، أن المعركة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية مؤخراً كانت نيابةً عن الأمة كل الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، الذي أقيم لتمزيق الشرق الإسلامي، ومنع نهضته، ونهب مقدراته.
وقال الهندي في ندوةٍ افتراضية، نظمتها جمعية الشتات الفلسطيني في السويد وتجمع (عائدون)، عبر تقنية "زوم"، بمناسبة ذكرى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية: "صحيح أننا في جولات سابقة لم نُهزم وحققنا إنجازات، لكن هذه الجولة في توقيتها وعنوانها ونتائجها شكلت نقطة تحول في هذا الصراع -بفضل الله-، وسيكون لها ما بعدها وفق سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل".
وأضاف "إذا كان منحنى صعود العدو وترسيخ وجوده في قلب المنطقة، وترسيخ معادلاتها بدأ بعد نكبتنا الثانية عام 1967 وذلك باستسلام النظام العربي الرسمي بوجود العدو، واعترافه به، وأنه لا فائدة من مواجهته وضرورة الاتفاق والتحالف معه، بعد أن صدعوا رؤوسنا بشعارات فارغة مروراً باتفاقيات "كامب ديفيد"، "وادي عربة"، "أوسلو" واتفاقات "أبراهام" الأخيرة، فإن الصورة اليوم تنقلب تماماً، وهذا المنحنى الصاعد للعدو بدأ ينكسر في اتجاهٍ معاكس".
ولفت الهندي إلى أن أصواتاً مؤثرةً تعلو اليوم في الغرب وداخل كيان العدو نفسه، لأنه لا فائدة من إنكار حقوق الفلسطينيين، ولا تنفع كل الاتفاقيات والحروب في إخضاعهم، وهذه هي نقطة البداية فقط.
ونوه إلى أن الأمل يتجدد بأن هذا الكيان يندفع للخلف وإلحاق الهزيمة به وصولاً إلى تفكيكه إن شاء الله، وهذا يرتب على الفلسطينيين وعلى المقاومة في فلسطين مسؤوليات وتحديات كبيرة.
وتابع الهندي "بتنا اليوم أمام حقائق، منها أن العدو أصبح يواجه حركات مقاومة شعبية مؤمنة بعقيدتها وتراثها وتاريخها وعدالة قضيتها، وهي تمتلك رؤية واضحة، ومستعدة للتضحية والعطاء، فضلاً عن كونها محمية بقاعدة شعبية صلبة تكتسب منها قوتها، بعد أن كان يواجه جيوش أُسِست لخدمة أنظمة شكلها الغرب لحماية مصالحه".
وأشار إلى أن "المقاومة تصنع سلاحها بنفسها، وليست رهينة لعواصم التسليح، سلاحاً تصنعه يمكن أن يشل كيان العدو ويجعله رهيناً لسلاح المقاومة".
وشدد الهندي على أن المقاومة تملك إرادتها وقرارها والجرأة في تنفيذ تهديداتها.
كما لفت إلى أن وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، تتحقق لأول مرة خلف المقاومة، وانخرط شعبنا كله في هذه الجولة من الصراع كلٌ بوسائله المتاحة، غزة بالصواريخ، الضفة بالانتفاضة، ال48 تثور وتعيد الصراع إلى المربع الأول، وأهلنا في الشتات إسناد للمقاومة، وفضح لجرائم العدو بحق الأطفال والنساء، أمام العالم.
ووفق الهندي فإن هذا يُحفزنا أن نخترق مؤسسات دولية كانت مغلقةً على العدو، ومحرمةً على الفلسطينيين، مشيراً إلى انطلاق دعوات لحشد مسيرة مليونية في واشنطن في خطوةٍ تضامنية مع الشعب الفلسطيني.
كما نوه إلى القدس هي البوصلة والعنوان الذي يُلَخِص العقيدة والحضارة، والجغرافيا والتاريخ، لتكون محل إجماع الكل الفلسطيني بل الأمة الإسلامية بأسرها، وتُظهر عبث الصراعات الداخلية التي تستنزف طاقات وإمكانيات ومقدرات الشعوب.
وقال الهندي: "المعركة تدور على الأرض، وفي الوعي، والعدو تلقى هزيمةً في الوعي، وفي الميدان"، مبيناً أن هذه الهزيمة لم تكن لإسرائيل وحدها بل كانت لنهج الاستسلام والتطبيع والتفريط والداعمين له، ولذلك فإن التحديات كبيرة ومتعددة، وبدأت هذه التحديات منذ لحظة وقف النار.
ومضى يقول "هذه التحديات تستلزم استنفار كل قوى شعبنا وأمتنا وكل الأحرار"، معتبراً أبرز هذه التحديات محاولة سرقة هذا النصر لصالح مسار المفاوضات العبثية والشراكة مع العدو لتعود السلطة مرة أخرى لنشر الإحباط والتسويف والأوهام".
وزاد الهندي "ثاني هذه التحديات، معركة إعادة إعمار غزة، حيث تتداخل إرادة قوى دولية وإقليمية لتحقيق نفوذ لها في غزة".
وأوضح أن هذا التداخل يتقاطع مع هدف العدو الأول بفك ارتباط المقاومة بالقدس والضفة، وإغراق غزة بهمومها وحصارها وأوجاعها، وما يترتب على ذلك من ابتزاز لتقديم تسهيلات لإعادة الإعمار، وتغيير في آلية إدخال المنحة القطرية للأسر الفقيرة، واعتبار السلطة بوابة إعادة الإعمار، والثمن المطلوب من السلطة لقاء ذلك، هو انخراطها مجدداً بمسيرة التفاوض، وتوقف أي ملاحقة لقادة العدو أمام المحكمة الجنائية الدولية، وضبط انتفاضة أهلنا في الضفة الغربية، تحت شعار أن نقوم بالتزاماتنا وفق اتفاق "أوسلو".
وتحدث الهندي عن ثالث هذه التحديات، والمتمثل في قمع تألق الروح الوطنية لأهلنا المنزرعين في أراضيهم المحتلة عام 1948، الذين أعادوا الصراع على فلسطين إلى المربع الأول، وأفشلوا بضربة واحدة جهد واستثمار الغرب، ومشاريع الأسرلة على مدار 7 عقود، التي حاولت طمس هويتهم الدينية والوطنية.
واستطرد "مهما كانت إغراءات العدو وجرائمه بحق أهلنا في الـ 48 فإن الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، في حيفا وعكا ويافا واللد والرملة والناصرة وأم الفحم وكل المواقع والمدن الفلسطينية بالداخل المحتل، يدرك أكثر من غيره مدى هشاشة وانكسار وتمزق هذا الكيان من الداخل".
ولفت الهندي إلى أن الضفة وفي قلبها القدس، هي ميدان الصراع في المرحلة القادمة، معتبراً منع تطور انتفاضة أهلنا في الضفة الغربية هو هاجس العدو الأكبر الذي يستنفر كل وسائله لقمعه وفي مقدمتها إحياء الشراكة مع السلطة برعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي هو ترامب تماماً بدون تغريدات على "تويتر".
وأكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن أمام الشعب الفلسطيني ومقاومته مشوار طويل وتضحيات جسام، لكننا اليوم بإيماننا ووحدتنا وسلاحنا بدأنا طريق الصعود والانتصار ووعد الآخرة إن شاء الله.