قلم: خالد صادق
قبل ايام قليلة وصلتني وثيقة وقع عليها عدد من الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين لنزع الشرعية عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إما بالاستقالة أو الإقالة, هذه الوثيقة موقعة من د. سلمان أبو ستة. عضو مجلس وطني، بريطانيا د. انيس فوزي القاسم. خبير في القانون الدولي، الأردن د. اسعد غانم. أستاذ جامعي، حيفا، فلسطين حنين الزعبي – ناشطة سياسية، الناصرة، فلسطين وعدد من الشخصيات الوطنية الاخرى الوثيقة موجه الى الشعب الفلسطيني وتطالبه بنزع "ما تبقى من شرعية عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس" والمطالبة باستقالته أو إقالته الفورية من مناصبه القيادية كلها؛ رئاسة السلطة، ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، ورئاسة حركة فتح، ومساندة الحملة الوطنية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب قيادة بديلة للشعب الفلسطيني, وهذا المواقف بني على حقيقة ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لا يؤمن باي خيار سوى خيار التسوية ويتمسك باتفاقية اوسلو وينكر على الشعب الفلسطيني ومقاومته حقهما في مقاومة الاحتلال الصهيوني وانتزاع الحقوق الفلسطينية منه بالقوة.
في المقابل فان هناك مسار اخر تتبناه "اسرائيل" وتقوده الادارة الامريكية وحلفائها في المنطقة يدفع لاتجاه تحييد المقاومة الفلسطينية من خلال وصم حركات المقاومة "بالإرهابية" والتحريض الدائم عليها, ورفع غطاء الشرعية عنها, واحداث حالة من التباين في مواقفها السياسية فيما بينها, ومنع توحيد جبهتها لمواجهة مخططات الاحتلال, وفي سبيل ذلك يسعون لإدخالها في مسارات صعبة تشغلها عن الثوابت الفلسطينية وتمنعها من التفرغ لمواجهة سياسات الاحتلال وأطماعه, فيحاصرون غزة, ويمنعون ادخال الاموال, ويحرمون قطاع غزة من التواصل مع العالم الخارجي بعزله وبإغلاق المعابر ومنع ادخال المساعدات وتحويله الى سجن كبير, ثم تتحول غزة بفعل ممارسات هؤلاء الى منطقة لا تصلح للعيش الادامي حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية والبيئة واكثر من 90% من مخزون المياه الجوفية لا يصلح للاستخدام الانساني, وهناك تحذيرات من انتشار الاوبئة والامراض الفتاكة داخل قطاع غزة, وكل ذلك بفعل ممارسة هؤلاء الاشرار, لان غزة تقاوم الاحتلال, وتبحث عن حرية الوطن والشعب, وتتصدى لمحاولات تهويد القدس والسيطرة على الضفة المحتلة.
الخلاصة ان من يطالب بتحييد رئيس السلطة الفلسطينية وضرورة اقالته او استقالته تحكمه المواقف الهزيلة للرئيس محمود عباس, الذي لم يستطع ان يستفيد من نتائج معركة سيف القدس البطولية, والتي نفضت عنه التراب, وبات مقر المقاطعة محطة للتواصل بينه وبين رؤساء العالم, وحظى "بشرف" مهاتفة الرئيس الامريكي جو بايدن له, تلك المكالمة التي ما قدر لها ان تحدث لولا اداء المقاومة المشهود, وبعد ان علت صواريخ المقاومة لتضرب تل ابيب وما بعدها, وبدلا من ان يأخذ محمود عباس نتائج المعركة ويرتقي بها بالقول والفعل, حملها على كاهله وهوى بها الى مستنقع "قذر" بحثا عن السلام المدنس والمفاوضات العبثية, واستعداده للتفاوض على ما فاوض عليه مرات ومرات, وكأن التجارب كلها لم تعلمه ولم يستفد منها قط, وكأنه يسرح وحده في واد, والشعب الفلسطيني كله في واد اخر, وقد افرغ سيادته كل شيء من مضمونه, فتحولت منظمة التحرير كما قال رئيس حركة حماس في غزة القائد يحيى السنوار لمجرد صالون سياسي, وتحولت السلطة الى ادارة مدنية, وتحولت فتح من حركة مقاومة رائدة الى مجرد حزب سياسي يسعى للسلطة والجاه.
لعل الفرصة لا زالت سانحة امام الرئيس محمود عباس لتدارك هذا الامر واستغلال نتائج معركة سيف القدس بالشكل الامثل, فحوارات القاهرة تفتح امامه الابواب على مصراعيها للتوافق مع الفصائل الفلسطينية وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني والتحلل من اوسلو ومسارات التسوية "الهزيلة" لان الرئيس محمود عباس ان بقى متصلبا في مواقفه فسيكون كالدبة التي قتلت صاحبها, يحكى أنّ رجلًا كان يسير في الغابة، فقابل دبة صغيرة جميلة جدا جائعة ترتعش من شدة البرد. فأخذها ورعاها إلى ان كبرت وأصبحت هي التي ترعاه. وفي يوم من الأيام وقفت ذبابة على رأس الرجل وهو نائم، خافت الدبّة من الذبابة بأن تسبب قلقا لصاحبها وهو نائم، فأخذت حجرًا كبيرًا ورمته على رأس صاحبها، فطارت الذبابة ومات الرجل, ولا نحبذ ان يكون مصير الرئيس عباس كالدبة, لان الذي يتربص بعباس هم أصحابه الذين تربوا على يديه, وهو اليوم بات يتربى على ايديهم.