بقلم/ د. هاني العقاد
اخيراً استطاع (يائير لابيد) رئيس حزب " يش عتيد" ان يشكل حكومة جديدة في اسرائيل ويسقط (نتنياهو) بعد فترة حكم تعدت 12 عام حاول خلالها ان يصنع لنفسه امبراطورية يمينة تبعد عنه شبح النيابة العامة ولوائح الاتهام في ملفات أربع خطيرة.
سقط (نتنياهو) وقد يذهب الي السجن وتغيرت الوجوه في اسرائيل لكن قد لا تتغير السياسة التي انتهجها واسس لها اليمين في اسرائيل اتجاه الفلسطينيين كثيرا لان تغيير الفكر العنصري الذي نما علي مدار سنوات لن يأتي بين عشية وضحاها وخاصة ان احد اقطاب هذا الفكر هو الذي يتراس الحكومة الجديدة والتي بنيت علي اساس ان (نتنياهو) يضر بإسرائيل والمتدينين وقد يفرط في ارض اسرائيل الكبرى، اما اذا مارست إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ضغطا ايجابيا علي هذه الحكومة لتحدث تغيرا حقيقيا في الموقف السياسي لإسرائيل وتساهم في بناء اتجاهات سياسية اكثر قبولا بالفلسطينيين والاعتراف بحقوقهم السياسية وتحقيق السلام العادل فان هذا يمكن ان يحدث ولا اعتقد ان هذا متوقع علي المستوي القريب علي الاقل بالرغم من تغير معطيات الصراع بعد الحرب علي غزة وتربع كل قضايا الصراع علي طاولة المجتمع الدولي والامريكان، نعم سقط (نتنياهو)وجاء من سيكمل كراهيته ويكمل مشروعه الاستيطاني وخطة الضم ومخطط اقتلاع الفلسطينيين من القدس الشرقية وحصار غزة بأسلوب جديد ولا اعتقد ان يتخلى (نفتالي بين) عن هذه المشاريع التي تعتبر من الثوابت لإسرائيل بسهولة . اليوم كل الانظار تتوجه للحكومة الجديدة في اسرائيل وبرنامجها السياسي وعلاقتها مع الفلسطينيين، الكل يحاول استقصاء التوقعات وقراءة سياسات هذه الحكومة والتوصل للبنود السرية في ائتلاف (لابيد) (نفتالي بينت) بشأن التعامل مع الفلسطينيين وقضايا الصراع.
سيتولى (نفتالي بينت) رئاسة الوزراء الفترة الاولي من الحكم بعد نيل الثقة والتصويت على حكومته من قبل الكنيست ومن ثم سياتي (يائير لابيد) ويكمل النصف الثاني لكن قد لا يتغير المشهد في العلاقة مع الفلسطينيين كثيراً ولن يكون أفضل من (نتنياهو) في قبول التفاوض على اساس حل الدولتين والشرعية الدولية مع الفلسطينيين. هذه حكومته عبارة عن مزيج يميني حاد ويميني وسط ولا اعتقد انه ستكون حكومة يسار ووسط قد تفكر وتنتهج منهج السلام لتحقيق الامن والاستقرار ولا اعتقد ان هذه الحكومة ستنحاز لبرنامج مفاوضات مجدول زمنياً علي اساس حل الدولتين، فما من حكومة بإسرائيل يمكن ان تفكر بتحقيق السلام والقبول بإقامة دولة فلسطينية تعيش بالتساوي مع إسرائيل، ( نفتالي بينت) من يتولى رئاسة الحكومة اول فترة كان قد انحدر من المؤسسة العسكرية حيث عمل في مناصب عدة في وحدة النخبة "سيرت همتكال" وبالتالي فان (نفتالي بينت) ترعرع علي الكراهية ومعاداة العرب الفلسطينيين وتتلمذ علي يد (نتنياهو) عندما عمل كزعيم للمعارضة عام 2006 وكان قد قاد حملة الانتخابات الخاصة بنتنياهو في حزب " الليكود" ,في 2010 شغل منصب المدير العام لـ "مجلس مستوطنات الضفة الغربية ". وفي 2012، انتخب رئيسًا لـ" البيت اليهودي"، حزب الصهيونية الديني وخلال الازمة السياسية الحالية استقال هو وزميلته (ايليت شاكيد) واسسا حزب اليمين الجديد ثم "يمينا" هو سياسي يميني متطرف يحمل ايدلوجية صهيونية صرفة يؤمن بحق اسرائيل الكامل في ارض فلسطين ويؤمن بفكرة اسرائيل الكبرى التي تمتد من النهر الي البحر ,ويؤمن بان لليهود الحق في بناء المستوطنات في كل بقاع الارض الفلسطينية, ويؤمن بالردود العسكرية القاسية علي اي عملية فلسطينية مسلحة وهو من سن قانون القومية ليصبح القانون الاساسي للدولة العبرية وهو اكثر المعارضين لمنح العرب في اسرائيل اي حقوق مدنية وسياسية لذلك قد لا يتغير الواقع العربي في اسرائيل للأفضل برغم مشاركة "القائمة الموحدة" في حكومة بينت لابيد .
قد تكون الخلفية الايدلوجية ل (نفتالي بينت ) هي وازع ايدلوجي لمزيد من الكراهية ضد الفلسطينيين وبالتالي فان موقعة الان قد يفرض عليه عدم اظهار هذه العقيدة علنا وخاصة انه مقرب جدا من الامريكان الذين بدأوا يعتبروا حل الدولتين للصراع هو الحل المنطقي والقابل للتطبيق , لذلك فان (نفتالي بنت) سيسير علي طريق المماطلة والتسويف اتجاه اي طلب امريكي بالجلوس علي طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين لأنه يؤمن كسابقة (نتنياهو) بفرض الحل الاسرائيلي علي الارض وهو تحويل الضفة لكانتونات فلسطينية تحت السيادة الامنية الإسرائيلية دون ان يكون لهم اي تواصل شرقا او علي البحر المتوسط او حتي عناصر سيادة كالمطارات والموانئ . لذلك فإنني اعتقد ان موافقة (لابيد) الليبراي الذي يؤمن ايضا بالاستيطان وبقاء القدس موحدة على تولي (نفتالي بينت) رئاسة الحكومة اولا لها علاقة بالحراك الامريكي المصري الان وخاصة بعد فشل (نتنياهو) في تخفيف معادلة ردع في غزة.
لعل هناك اتفاق كبير بين قطبي الحكومة الاسرائيلية الجديدة حكومة التغير لأحداث تغير نوعي في العلاقة مع الفلسطينيين فيما يتعلق بالأمن والردع وتفتيت اي توجه دولي لتطبيق حل الدولتين ولا اعتقد ان( لابيد) سيكون اكثر ليونة من (نفتالي بينت) لان سنتين من عمر الحكومة ستكونان كافيتان لاستكمال برنامج الضم وتهويد القدس، ولا اعتقد ان حكومة بينت لابيد قد تكمل فترتها الدستورية اي تستمر لأربع سنوات لأنها خليط غريب بين الايدلوجيا والليبرالية اللتان اتحدتا معا لإسقاط (نتنياهو) لما له علاقة بملفات فساد كبيرة وتعريض امن اسرائيل للخطر من خلال سوء ادارته للصراع مع الفلسطينيين والسماح لحماس بغزة بالترعرع بموافقته لإدخال الاموال القطرية لغزة، اضافة لفشلة مؤخرا في تحقيق ردع حقيقي وتعريض هيبة الجيش للضرر مما جعل اسرائيل مسخرة امام القوي المختلفة بالعالم هذا ما سيجعل نفتالي بينت يسارع في ترميم ما دمره نتنياهو في الملقي السياسي والامني مع الفلسطينيين.