غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

في الذكرى السنوية الاولى لرحيله

الشعب يكلل جبين الدكتور رمضان شلح بوسام العز والفخر

خالد صادق.jpg
قلم/ خالد صادق

تتداعى الكلمات وتتزاحم الافكار في رأسي وانا احاول ان اكتب عن قامة وطنية كبيرة بحجم الدكتور رمضان عبد الله شلح, من اين ابدأ وكيف افي هذا الامين حقه, وما هي الكلمات التي يمكن ان تعبر عن عطاءات هذا القائد وانجازاته لصالح القضية الفلسطينية والحركة الاسلامية, لكننا نحتسب ذلك كله عند الله عز وجل فهو وحده القادر على يثيب امثال هؤلاء الذين نذروا انفسهم لله وفي سبيل الله عز وجل, ولكي نقترب من شخصية الدكتور رمضان عبد الله شلح ابا عبد الله, علينا ان نرقب جزء من حياته فهو الداعية الكبير الذي كان يعتلي المنبر وهو في ريعان شبابه ويخطب في الناس ويجمع الكثير من الشباب حول موائد العلم التي كان يؤمها, وكانت تعرفه مصاطب المسجد الاقصى عندما كان يذهب الى هناك في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان ليخطب في الناس ويعلى من ذاك الصوت المقاوم الذي كان خافتا آنذاك خوفا من اجراءات الاحتلال القمعية, كان الدكتور رمضان يعلي صوته في الاقصى ويحطم حواجز الخوف لدى الناس فتعلو الهتافات وتطلق الحناجر شعارات الثورة والانتفاضة, فتتعزز لغة الطرح الجهادي المستنير للقضية الفلسطينية وفق رؤية الجهاد الاسلامي واطروحتها السياسية, فلم يكن الخطاب حزبيا ضيقا, انما كان خطابا واقعيا فضفاضا تتسع مساحته الفكرية لحلقات من النقاش والتمحيص كي تقف على اقدامها وتتجذر في افكار الناس.

ثم برزت شخصية الدكتور رمضان شلح ذاك الطالب الجامعي النابغة, والذي يدرس الاقتصاد في جامعة الزقازيق بمصر, حيث التقى هناك بالدكتور المؤسس فتحي الشقاقي, وتلاقت الافكار والرؤي, وتوحدت اللغة والمواقف السياسية, وبدأت ترسم نواة لفكر جديد تحمله حركة الجهاد الاسلامي, فكر يمزج بين السياسة والدين والثقافة والوعي, لم تتوقف احلام الدكتور رمضان شلح عند حدود, فقد تخطى كل الحواجز والعقبات وذهب الى بريطانيا لينال درجة الدكتوراه في الاقتصاد, ويعمل محاضرا في جامعة جنوب فلوريدا بالولايات المتحدة الامريكية, حتى انه كان ينتدب ليلقي محاضرات في معسكرات للجيش الامريكي, وكل هذا كان يصقل شخصيته ويزيد من قوته وصلابته, وينمي حالة الوعي السياسي والثقافي عنده وهو محصن ومدثر برداء الدين الذي كان المعيار الاساسي في تقييم سلوكه وخطواته في كل آرائه ومواقفه السياسية, وهو ما استفز الادارة الامريكية فوضعته على قائمة المطلوبين, ورصدت خمسة ملايين دولار مكافأة لمن يقوم باستهدافه او اعتقاله وتسليمه لأمريكا, لكن الدكتور رمضان كان يحلق في سماء الكون كالنسر الحر الذي يحمل لقب ملك الفضاء, وكان قد ترك العمل في جامعة فلوريدا بعد عامين من التعاقد معه ونزل الى سوريا للقاء الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور فتحي الشقاقي تمهيدا لعودته الى قطاع غزة والالتحام بشعبه الفلسطيني.

ارادة الله عز وجل قضت باستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي بعملية جبانة للموساد الاسرائيلي في مالطا, وكان الدكتور رمضان خير خلف لخير سلف, حمل الامانة وادى الرسالة, وحافظ على النهج, وواكب كل المتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية والشرق اوسطية بفكر راقي وواعي, فركز على قوة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين, وبنى قوة عسكرية كبيرة لتكون اليد الضاربة للاحتلال وتفشل اهدافه العدوانية, وحافظ على استقلالية القرار السياسي لحركة الجهاد الاسلامي, وسعى الى التقارب مع الحركات الوطنية والاسلامية, واقترب تحديدا من حركة حماس كحركة اسلامية تتغذى هي والجهاد الاسلامي من نبع واحد وتصب في حوض واحد, وتحكمها شريعة الله عز وجل ونهج النبوة, وذلك للحفاظ على حق مقاومة الاحتلال عسكريا بعد ان جرمت السلطة الفلسطينية المقاومة الفلسطينية وعناصرها, ثم سعى رحمه الله الى مواجهة رواية السلام الزائفة التي كانت تتبناها السلطة وتروج لها دول المنطقة, ففند هذه الروايات ووجه سهام النقد اليها, ودفع باتجاه تعزيز لغة الاعلام المقاوم, فكتب العديد من المقالات السياسية بلغات عدة, وافرد لنفسه زاوية في صحيفة الاستقلال كأول صحيفة مقاومة في قطاع غزة, اطلق عليها اسم مرايا, وكتب تحت اسم محمد الفاتح, وكان لها جمهورها العريض ومتابعيها الكثر خاصة من المثقفين والسياسيين, وكانت الزاوية تمزج بين الفكر السياسي والاسلوب الادبي الرائع, فأسس لهذه المدرسة التي بدء البعض يتبعها.

لعلها بعض الكلمات التي يمكن من خلالها ان نتعرف على هذا الرجل الشهيد الدكتور رمضان شلح ابا عبد الله ولكنها كفيلة بأن تكشف لنا شخصية هذا الرجل الفذ, وتجعلنا نمضي على دربه وننتهج نهجه, فنحن اليوم في صحبة الامين العام القائد زياد النخالة صاحب نفس المدرسة ونفس النهج وعاقد لواء المقاومة, والقائد سيخلفه الف قائد والشهيد سيخلفه الف شهيد, فامضوا على بركة الله وشعبكم معكم لن يتخلى عنكم ابدا.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".