شمس نيوز - غزة
"وكأني أشتم رائحة فهمي وصلاح" بهذه العبارة التي تحاكي قول نبي الله يعقوب "إني لأجد ريح يوسف" وصف والد الأسيرين فهمي وصلاح مشاعره وهو يتابع بشغف برنامج "ما خفي أعظم" بعنوان "في قبضة المقاومة" وبثته قناة الجزيرة الليلة الماضية.
ومنذ الإعلان عن الظهور الإعلامي الأول خلال البرنامج لمروان عيسى نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس) يقول الستيني أسعد أبو صلاح للجزيرة نت "كنا نعد الدقائق من أجل البشرى بصفقة تبادل أسرى قريبة".
ويتشاطر أهالي أسرى حماس في غزة المشاعر نفسها، ويقولون إن الأمل بإنجاز صفقة تبادل تحرر أبناءهم من سجون الاحتلال ارتفع بصورة غير مسبوقة، إثر التصريحات اللافتة لعيسى ضمن برنانج "ما خفي أعظم" وما سبقها من تصريحات لرئيس الحركة في غزة يحيى السنوار عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
أمل كبير
يقول والد الأسيرين فهمي وصلاح -الذي كان رفقة نجليه في سجون الاحتلال قبل تحرره ضمن "صفقة وفاء الأحرار" المعروفة شعبيا بـ "صفقة شاليط"- إنه كان يتابع البرنامج ويشعر وكأن نجليه سيطرقان باب المنزل في أي لحظة.
وكانت قوات خاصة إسرائيلية اختطفت أسعد ونجليه فهمي وصلاح من منزلهم في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة عام 2008، وحكمت عليه بالسجن 25 عاما، وقضت بسجن فهمي 22 عاما، وصلاح 17 عاما.
وقال الوالد، الذي قضى نحو 5 أعوام في سجون الاحتلال قبل تحرره أواخر عام 2011، إنه يثق بكتائب القسام والمقاومة، وإن ملف الأسرى له أهمية خاصة لديها.
وكان عيسى قد أكد في ظهوره الإعلامي الأول ضمن "ما خفي أعظم" أن المقاومة تمتلك أوراق مساومة لإنجاز "صفقة تبادل مشرفة".
وقال إن ملف الأسرى هو الأهم الآن على طاولة قيادة كتائب القسام، و"هذه الأولوية لهذا الملف تعني أن هناك جهدا يوازي حجم هذا الملف، مهما كانت الأثمان. فلا يمكننا أن نضيع المزيد من الوقت ونحن ننظر إلى معاناة أسرانا وأهاليهم، وحجم الإجرام الصهيوني الممارس بحقهم".
وتحتفظ كتائب القسام بـ 4 أسرى إسرائيليين، هم جنديان أسرتهما خلال الحرب على غزة عام 2014 ومصيرهما مجهول إن كانا أحياء أو قتلى، واثنان آخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة.
ومن بين أسرة أبو صلاح الذين تابعوا باهتمام شديد برنامج "ما خفي أعظم" كان الطفل أسعد (6 أعوام) الذي ولد من نطفة مهربة لوالده الأسير فهمي، ويقول الجد إن حفيده قال بعفوية "أبوي وعمي حيروحوا" (يعودوا).
ولم ير الطفل الصغير وشقيقته الأكبر -التي كانت رضيعة- والدهما مطلقا، كحال أهالي أسرى حماس في غزة المحرومين من الزيارة منذ نحو 7 أعوام.
"سماقية" الحرية
وتقول السبعينية فايزة أبو القمبز، للجزيرة نت، إنها بدأت التفكير في نوع الطعام الذي ستعده لنجلها ماجد القابع بسجون الاحتلال منذ عام 2006، ومحكوم بالسجن 19 عاما بتهمة الانتماء لكتائب القسام.
وطوال السنوات الماضية كانت الأم العجوز تخشى أن توافيها المنية قبل احتضان ماجد حرا، لكنها تقول إن الأمل تجدد لديها بـ "الفرج القريب".
وفي اتصاله الأخيرة بوالدته قبل نحو أسبوع، بدا ماجد متفائلا بما يتسرب إليهم داخل السجون من تصريحات للمقاومة حول صفقة التبادل، ونقل لها أن السعادة تخيم على الأسرى لما وصلهم (من أخبار) عن إنجازات المقاومة خلال الحرب الأخيرة.
وليقينه بأنه على موعد قريب مع الحرية، طلب ماجد من والدته أن تعد له "السماقية" وهي أكلة فلسطينية تقليدية تقدم في الأفراح والمناسبات السعيدة، وقالت أم ماجد "قضينا المكالمة نتحدث عن أنواع الأكلة التي يحبها".
وعندما اعتقل ماجد كانت ابنته زينة في عامها الأول، ونجله يوسف كان جنينا في رحم والدته، ورآه لأول مرة خلال زيارته الوحيدة في السجن بعمر 6 أعوام.
وتقول الجدة إن يوسف في 15 من عمره الآن، وهو دائم السؤال عن أبيه، ويفهم كل ما يدور حوله، ويتابع باستمرار ما تقوله المقاومة عن صفقة التبادل، ويتمنى أن يكون والده من بين الأسرى المحررين.
معنويات عالية
ويؤمن الأسرى داخل سجون الاحتلال أن "رتوشاً" بسيطة تبقت من أجل الإعلان رسميا عن صفقة تبادل، ويقول أبو صلاح إنه تحدث في آخر اتصال مع نجله فهمي مع أسرى آخرين وكانت معنوياتهم عالية ويثقون بالمقاومة وقدرتها على تحريرهم.
أبو صلاح ذاق مرارة السجن مرات عدة، ويقول إنه يعلم ما تمثله صفقة التبادل بالنسبة لكثير من الأسرى الذين يقضون أحكاما عالية بالمؤبدات، وينتظرونها كفرصتهم الأخيرة نحو الحرية.
ومن حديثه مع الأسرى، لمس أبو صلاح تمتعهم بمعنويات عالية، وأمل كبير بقرب معانقتهم للحرية، وأشار إلى أنهم كانوا يتابعون مجريات الحرب الأخيرة على غزة، ويتلقفون التسريبات التي تصل إليهم، ويبدون ثقة كبيرة بالمقاومة وكتائب القسام.
حديث مع أسير
وتواصل مراسل الجزيرة نت مع أسير من حماس تحدث بواسطة "هاتف مهرب" من داخل سجون الاحتلال، وقال إنهم تمكنوا من مشاهدة البرنامج عبر شاشة "مرئية الأقصى" الأرضية، في ظل حذف سلطات الاحتلال قناة الجزيرة عن أجهزة التلفاز داخل السجون.
وقال الأسير الحمساوي إن البرنامج رفع معنويات الأسرى داخل السجون، مضيفا أن ظهور قائد بوزن مروان عيسى زادتهم ثقة بالمقاومة وأن ملف الأسرى يمثل أولوية لدى حماس.
وأكد -في حديثه مع مراسل الجزيرة نت- أن حالة من السعادة تخيم على السجون، وأملا كبيرا لدى الأسرى خصوصا من ذوي الأحكام العالية بأن موعدهم من الحرية قريب.
نقلًا عن الجزيرة