غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

فادي وشحة.. الشهيد الذي لا يغادر الذكريات

الشهيد فادي وشحة
شمس نيوز - شيماء الدرة

 مجرد أن تنظر إليه تعرف أنه فلسطيني، فملامح الوجه الفلسطيني العنيد تبدو واضحة على فادي وشحة 34 عامًا، الذي قتله الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، حين أصابه وتركه ينزف في بلدة بيرزيت شمال رام الله بالضفة المحتلة.
تركوه ينزف أمامهم طمعًا في أن يركع لهم، أو يتوسل إليهم، فظل شامخًا مرفوع الرأس، متحاملًا على جراحه، لم ينحن أو يظهر لهم ضعفًا!!  
فادي له من اسمه نصيب الفدائيين، أمضى شبابه فمطاردًا بين الجبال حاملًا قضيته، فأسيرًا ليصنع مع رفاق دربه معجزات في الصمود، ثم جريحًا ليلحق أخيرًا بقافلة الشهداء شهيدًا.


حياة حافلة
لم يتراجع فادي يوماً عن مقاومة الاحتلال، فمنذ نعومة أظافره قدم نفسه قربان  لحرية مسرى الحبيب المصطفى، أعتقل للمرة الاولى في عمر 14عامًا، وأفرج عنه بعد صفقة تبادل للأسرى، ليعتقله الاحتلال مرة ثانية عام 2014، كما يقول شقيقه رامي.
ويروي رامي متحدثًا عن حياة شقيقه ويقول:" عندما اعتقل فادي في 2014 خلال عميلة عسكرية إسرائيلية استشهد فيها رفيق دربه معتز، أوهمه المحققون بأن معتز معتقل وموجود في زنازين التحقيق".
ويضيف:" خلال فترة التحقيق ظل فادي يبحث عن رفيقه داخل زنزانته الضيقة، يصيح بأعلى صوته: يا معتز رد عليّ، لعله يجيب، سأل السجانين و الجدران والعتمة عنه، واكتشف في وقت لاحق أن المجرمين قد كذبوا عليه، عاش أياماً ثقيلة يكاد لا يبتسم.
التحق برفيق دربه بعد غياب سبع سنوات كانت ثقيلة على مقاتل فقد شريكه بالقتال، وقد أوصى وأصر على رامي قبل عام بأن لا يحفر قبرًا لغيره قرب قبر معتز، وعندما سأله  "ليش انت بدك تموت؟" أجاب فادي "اه .. جنبو بتدفنوني".


إعدام ميداني...
موسى شقيق الشهيد رامي، يقول إن الاحتلال تعمّد اغتيال شقيقه، كما حاول اعتقال فادي قبل خمسة شهور لكنه لم يتمكن من ذلك.
ويشير رامي إلى، أن شقيقه فادي رفض الامتثال لاستدعاءات "الشاباك"، فأصبح مطلوباً للاعتقال، مضيفًا "في الشهر الذي سبق إصابته، اقتحم الاحتلال المنزل بشكل مكثف مع تعمد التكسير والتخريب والصراخ وكان ضابط الاحتلال يهدد بأنه سيعيد فادي مقطعاً".
وأكمل:" حين قالت العائلة إن فادي لم يفعل شيئاً، ردّ الضابط: هل سننتظر حتى يفعل؟".
بعد نحو 15 دقيقة من إصابة فادي، هاتف ضابط إسرائيلي موسى شامتًا وقال: "هل أقول رحمه الله؟ هل أعزيكم به؟"، كما يروي موسى.
 ويتابع موسى: "هذا دليل على أنّهم اغتالوه على أرض المواجهات التي اندلعت قبل ثلاثة أسابيع في المسيرة السلمية على المدخل الشمالي لمدينة البيرة خلال العدوان على القدس وغزة".
وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر قد نعى المحرر الشهيد فادي وشحة من بلدة بيرزيت قضاء مدينة رام الله ، متأثراً بإصابته برصاص الاحتلال خلال مواجهات قرب المدخل الشمالي لمدينة البيرة.
وحذر اللواء أبو بكر من استمرار سياسة مطاردة الأسرى المحررين وتعمد استهدافهم وإعدامهم ميدانيا خارج نطاق القانون، وذكر أن  المحرّر وشحة تعرّض لعدّة إصابات سابقاً وللاعتداء عليه بوحشية خلال المواجهات، وكان قد أمضى نحو ثماني سنوات في سجون الاحتلال عرقلت إكماله مسيرته التّعليمية في جامعة بيرزيت لسنوات، وآخرها اعتقاله لخمس سنوات متواصلة بعد اغتيال ابن عمّه  الشهيد معتز وشحة في بلدة بيرزيت عام 2014.


تخرج شهيدًا..
وفي جامعته بيرزيت مشهد آخر لا يقلّ تأثيراً عن مشهد وداعه في منزله، شُيع الشهيد وشحة في حرم جامعة بيرزيت الذي لم يسمح له الاحتلال بالتخرج منها سوى شهيدًا.
 سيل بشري من الطلاب استقبل جثمان فادي بالهتافات، جابوا به الجامعة قبل أن يتوقفوا به وسطها أمام مجلس الطلاب، ثم أمام صرح الشهداء الذي كتب عليه أسماء الشهداء من طلاب الجامعة. 
يقول زميل الشهيد وليد حرازنة: رغم أنه في سن الـ 34 ،واصل مسيرته التعليمة التي التحق بها 2009 طالبًا بقسم العلوم السياسية، وكان حاضرًا بميادين المواجهة المتواصلة مع الاحتلال، وكأنه يرسل لنا رسالة كيف نستمر في مواجهة المحتل".
ويكمل حرازنة "كان فادي شقيقًا كبيرًا ليس فقط لي، بل للكثير من طلبة الجامعة وشبان بلدة بيرزيت ، يخاف على مصلحتنا وهو سند لنا، وكان أيضًا مثالًا للرجل المقاوم الصلب الحقيقي،هو ليس خسارة، فكل شهيد مكسب للوطن... لكن كطلاب خسرنا قائدًا طلابيًا ميدانيًا، ومواجهًا شرسًا مشتبكًا على الدوام".
  عرفه أصدقاؤه ومحبوه بعشقه لفلسطين واستعداده الدائم للتضحية،  وشارك زميله محمد الزبيدي على صفحته على فيسبوك "كان لفادي طلبان، رجاء عاجل في الأرض وأمنية مؤجلة في السماء، الرجاء العاجل لعائلته بأن لا يسمحوا له بأن يعيش لحظة واحدة مع إعاقة تمنعه الوقوف على رجليه، اما الثانية فهي من الله بأنه لا يريد الجنة بل يريد معركة جديدة ضد الاحتلال" عاش مقاتلًا وأراد أن يموت مقاتلًا, وكأنه فيه قيل نموت واقفين كأشجار فلسطين.