بقلم/ خالد صادق
من غربي القدس مرت ما تسمى بمسيرة الاعلام وصولا الى ساحة باب العامود وسط اجراءات امنية مشددة وانتشار كثيف لعناصر الامن الصهيوني, حيث فاق عدد عناصر امن الاحتلال في القدس اعداد المستوطنين الصهاينة المشاركين في المسيرة والذين قدر عددهم بالمئات بينما انتشر اكثر من 2500 من عناصر الشرطة الصهيونية داخل القدس المحتلة, مئات الاعلام الاسرائيلية التي رفعت في ساحة باب العامود كان في مواجهتها علم فلسطيني واحد رفعته فتاة فلسطينية ليدل على هوية القدس وانتمائها لفلسطين, استنفر هذا العلم الفلسطيني عناصر الشرطة الذين جن جنونهم كيف يصل هذا العلم الفلسطيني الى ساحة باب العامود فهاجموا الفتاة المقدسية وانتزعوا منها العالم وقاموا بتقييدها واعتقالها ولكنها كانت قد اوصلت الرسالة بالإنابة عن ملايين الفلسطينيين من ابناء شعبها, لم تنته الامور عند هذا الحد انما كانت صيحات المستوطنين الصهاينة بالموت للعرب تقابلها صيحات نحو خمس سيدات فلسطينيات استطعن التسلل الى ساحة بالباب العامود بان القدس عربية, القدس اسلامية- وبالروح بالدم نفديك يا اقصى-, وعالقدس رايحين شهداء بالملايين-, لقد كانت صيحات السيدات اعلى من اصوات مئات المغتصبين الصهاينة في ساحة باب العامود, لان صوت الحق اعلى دائما من صوت الباطل الخافت والمشلول, فما بالكم ان كان صوت الحق يصدح ويعلو بين اصوات غلاة المتطرفين, ويخترق كل هذا الارهاب والخطاب العنصري ليلقي بجرأة كبيرة برسالة الامة الى بني صهيون.
انسحبت مسيرة الاعلام من ساحة باب العامود مخلفة وراءها بقايا مخلفات القى بها قطعان المستوطنين الصهاينة على الارض ومن بين هذه المخلفات اعلام "اسرائيل" التي القوا بها في مجمعات النفايات وديست بالأقدام والقى بها على قارعة الطريق, فحملة الاعلام الصهاينة لا ينتمون الى هذا العلم الذي يرفعونه, وهم يعلمون انهم لصوص دخلاء سلبوا الارض وانتهكوا العرض واستولوا على المقدسات بقوة السلاح وبالقتل وسفك الدماء وازهاق الارواح, انسحبوا بعد ان خذلهم عدد المشاركين في المسيرة ونتيجة الاجراءات الامنية المشددة, انسحبوا لانهم كانوا يرتعدون خوفا من المقاومة التي تملك من الصواريخ ما تستطيع ان تفض به مسيرتهم في لحظات, هم فقط ارادوا ان يرضوا غرورهم بمسيرة حتى ولو كانت شكلية, لكنهم يعلمون ان القدس ليست لهم ولن تكون لهم يوما, وان التطبيع والخذلان والدعم الامريكي والدولي والرسمي العربي لن يمنحهم الحق في اعتبار القدس عاصمة موحدة "لإسرائيل", لذلك لم تصل الينا كفلسطينيين اية رسالة اسرائيلية من تنظيم مسيرة الاعلام سوى انها ذكرتنا بان القدس بشرقيها وغربيها هي عاصمتها الابدية, وان اهلنا المقدسيين يحتاجون ان نبقى دائما الى جوارهم لا نتخلى عنهم ابدا ولا نتوانى عن دعمهم ومؤازرتهم في معركتهم المفتوحة مع الاحتلال الصهيوني, وان هناك من يحاول ان يسطو على حقوقنا لذلك علينا الاستعداد جيدا للدفاع عن قدسنا واقصلنا ومقدساتنا ومواجهة مخططات الاحتلال الصهيوني واهدافه العدوانية.
مسيرة الاعلام مرت من هناك من القدس لتعصف في اذهان العرب والمسلمين واحرار العالم في كل بقعة من بقاع الارض, مرت بهتافاتها العنصرية بالموت للعرب, فوضعت "اسرائيل" في مأزق امام تلك الزعامات العربية التي ربطت مصيرها بمصير "اسرائيل" وتحالفت معها ودعمتها بكل قوة, فهذا وفد اماراتي يزور مستوطنة "مودعين عيليت" المقامة على أراضي الفلسطينيين غرب مدينة رام الله بالضفة المحتلة، وقدم دعما ماليا "سخيا" للمستوطنة، وللكنيس اليهودي, ووزارة الخارجية الاماراتية تهنيء نفتالي بينت برئاسة الحكومة الصهيونية الجديدة, وقالت: "نتطلع إلى العمل معًا لدفع السلام الإقليمي، وتعزيز التسامح والتعايش والشروع في حقبة جديدة من التعاون في التكنولوجيا والتجارة والاستثمار". وكذلك فعلت البحرين والمغرب ودول عربية اخرى, في الوقت الذي تهتف فيه اسرائيل بالأمس ومن ساحة باب العامود بقلب القدس بالموت للعرب, وكأن هؤلاء صنفوا انفسهم على انهم ليسوا عربا, وكأنهم يصنفون انفسهم على انهم اتباع عميان "لإسرائيل", وكأنهم لا يلقون بالا لمواقف شعوبهم انما يعبرون عن مواقفهم الخاصة وفق مصالحهم الخاصة, ووفق اهوائهم ونزواتهم بعد ان تجردوا من كل قيم العروبة والاصالة وانحازوا للانتماء المطلق "لإسرائيل", التي لا تتوانى عن المضي بمخططاتها العدوانية ضد الفلسطينيين, وتتنكر لأبسط حقوقه حتى تلك التي اقرتها القوانين الدولية, انه منطلق الجبناء والمهزومين والذي تفضحه صرخة سيدة في باب العمود بصيحة الله اكبر.