شمس نيوز/عبدالله مغاري- تصوير/حسن الجدي
حتى لو كانت مهنته أشقى من الحفر في الصخر ,إلا أنه يحن إليها,لأن جمال الذكريات ينسيه قسوتها.. غالبا ما تبقى العودة إلى المهنة مجرد فكرة أو أمنية, تدور في ذهن عجوز تركها لسنوات, ولا تسعفه قدراته الجسمية إلى ممارستها من جديد .
"أبو شريف " 65عاما "عمل أكثر من خمسة وأربعين عاما ,خبّازا في الحي الذي يسكنه بمخيم البريج وسط قطاع غزة, ليترك بعدها المهنة لعشر سنوات, بعد أن أصبح الناس يعتمدون على الغاز والكهرباء في الطهي والخبز, قبل أن تعيده أزمات غزة إلى الواجهة من جديد.
عاد مؤقتا
عودة "أبو شريف" إلى الفرن لم تكن سوى لفترة قصيرة, فهو يقوم بتعليم أحد جيرانه الذي قام بفتح فرن في الحي, بعد شعوره بحاجة الناس إليه ,في ظل انقطاع الغاز وسوء جدول الكهرباء.
يقول "أبو شريف" لمراسل "شمس نيوز": أنا تركت الفرن قبل أكثر من عشر سنوات, لأن الناس ما عادت تعتمد على الفرن ,وصارت تشتري أفران الكهرباء والغاز".
وواصل حديثه: عندما بدأت أزمة الغاز والكهرباء قبل سنوات, نصحني بعض الجيران بتشغيل الفرن, ليخبزوا عندي, لكن قلت لهم إن الأزمة ستحل خلال أشهر وسيرجع الناس لأفران الغاز والكهرباء".
ويضيف: أنا ما بقدر بعد هالعمر أني أرجع أخبز للناس ,لأن الفرن بدو قوة وصحة لكن أنا موجود هان لأساعد جاري واعلموا كيف يخبز وكيف يطبخ للناس".
وجود "أبو شريف " داخل فرن جاره, يعطي الناس شعورا غريبا , ويذكرهم بالماضي والطفولة وبأيام مخبز أبو شريف القديم كما يقول أحد الشبان الذي تواجد في الفرن .
وقت مناسب
كانت أول أيام عدوان 2014, الوقت المناسب لـ"ابو عمار" كي يفكر بمشروع الفرن, بعد استشعاره بحاجة الناس ونقص الغاز, وانقطاع الكهرباء.
يقول "أبو عمار" لـ"شمس نيوز": في بداية الحرب فكرت إني افتح فرن وأصير أخبز لأهل الحارة لأنو ما في كهربا ولا خبز، وبهيك بكون خدمت الناس وأوجدت مصدر رزق لعائلتي".
ويضيف: بدأت بإنشاء الفرن, وبدأت أحاول ترتيب أموري، ولكن شدة الحرب ما خلتني أكمل, وصرت خايف من القصف".
استمرار أزمة الغاز والكهرباء بعد انتهاء العدوان ’جعلت أبو عمار يفكر بالفرن من جديد ,ويسعى إلى إنشاءه بالرغم من عدم خبرته بطريقة بناء الفرن ولا بطريقة استخدامه .
يقول "أبو عمار": بعد الحرب فكرت مرة أخرى بالمشروع ,رحت سألت عن حدا يبني لي الفرن، ولما لاقيت واحد طلب ستة آلاف شيكل, وأنا ما كان مقدرتي أدفع شي لأنو ما معي فلوس".
ويتابع: صممت على بناء الفرن بأقل التكاليف، فقمت ببنائه وحدي وقمت بجمع تنكات الزيت الفارغة وملأتها بالطين وبنيت الفرن والحمد لله".
يتطلب الفرن خبرة كافية ومعرفة بطبيعة العمل لأن مهنة الفران لم يمتهنها الكثير وبالتالي لم تنتقل وتنتشر بين الناس كما يقول "أبو عمار".
الكهرباء خذلتنا
أي تخطيط ذلك, الذي ينجح في قطاع معدوم الاستقرار, وأي خطة تلك التي يمكن أن تبنيها ربة البيت ,على جدول كهرباء بلا انتظام.. أم إبراهيم خططت أعمال بيتها وفق جدول الكهرباء, ولكن الكهرباء خذلتها، حيث تقول لمراسل "شمس نيوز": حسب الجدول الكهرباء تأتي الساعة الثانية, وتنقطع في الساعة الثامنة,جهزت أموري على العجن والخبز الصبح, ولكن بعدما عجنت قطعت الكهرباء ,فخفت أن يفسد العجين، فلجأت لخبزه في فرن الحارة".
عدم انتظام جدول الكهرباء لم يزعج "أم إبراهيم" وحدها، فأم محمد أرادت أن تصنع الكيك البيتي وتأخذه هدية إلى ابن أختها بمناسبة يوم ميلاده، ولكن الكهرباء جاءت عكس ما أرادت.
تقول "أم محمد " لـ"شمس نيوز": أختي عزمتني على يوم ميلاد ابنها، ففكرت بعمل قالب جاتوه وآخذه معي قبل أن تقطع الكهرباء، إلا الكهرباء قطعت قبل موعدها بساعة، فما وجدت حلا غير الخباز".
وتضيف: "في كل بيتي لا يوجد غير جرة غاز واحدة والباقي عند الموزع، وأنا استخدم الغاز للأشياء الضرورية، وأطبخ وأخبز على الكهرباء، وغالبا أبعث الأكل لفرن الحارة لأرتاح".