يتسترون باللباس المدني مثل قوات المستعربين الصهيونية, يندسون بين المواطنين الذين يمارسون حقهم في التظاهر لتطبيق القانون على المجرمين الذين تورطوا في اغتيال الشهيد المغدور نزار بنات, يعتدون على الشباب والفتيات المكفول لهم حق التظاهر قانونيا ويسحلونهم سحلا وكأنهم مجرمون, دماء تنزف من رؤوس بعض الفتيات والفتية والامن يتكتل امام جموع المتظاهرين ويقمع بالعصي والهراوات, وقنابل الغاز المسيل للدموع تتساقط كالمطر وسط المتظاهرين لتصيبهم بالغثيان والاعياء، كل هذا يحدث واكثر منه لأجل حماية الزعيم المفدى صاحب الصون والعفاف السيد محمود عباس عاقد لواء المساومة والاستسلام للاحتلال والذي قال بالحرف «لو خرج اربعة فلسطينيين الى الشوارع اربعة فقط يطالبونني بالاستقالة .. فسأستقيل فورا وبلا تردد» واليوم يخرج الشعب بأكمله لكنه لا يراهم ولا يسمع هتافاتهم, لم يرهم في الاقصى وساحة باب العمود وهم يطالبونه بالتنحي ويصفونه «....» لم يسمعهم في الخليل ورام الله ونابلس وهم يهتفون الشعب يريد اسقاط الرئيس, لم يسمع فصائل منظمة التحرير وهى تدعو الشعب الفلسطيني للخروج الى الشوارع واسقاطه, ولم يسمع هتافات اهل غزة الاحرار وهم يدعونه وحكومة اشتية للاستقالة, لكنهم يخشون من ان يلقوا مصير الطغاة ويحاكمهم الشعب على جرائمهم وفسادهم لذلك يبقى خيارهم الدائم هو المواجهة والقمع والقتل لشعبهم, وشراء سلامتهم من الاحتلال الصهيوني بأي ثمن كان, حتى وإن كان على حساب الاوطان وحقوق الناس, فالشعب لدى رئيس السلطة ممثل في حسين الشيخ وماجد فرج وزياد هب الريح ومحمود الهباش وبطانة السوء التي تحيط بسيادته من كل جانب, فهؤلاء فقط هم صوت الشعب الفلسطيني لدى سيادة الرئيس, انهم مجموعة من الفسدة تجار الاوطان, الذين يقتاتون من دماء الشهداء والفقراء والابرياء ليعيشوا هم فقط .
لقد بدأ مسلسل التهاوي والسقوط للسلطة على يد الجماهير الفلسطينية بسبب سياستها وادارتها لشؤون الناس, ان حالة الانفصام بين الشعب والسلطة تكبر, والهوة تتسع, والجسور بينهما تتهاوى, عليكم ان تقرؤوا الشعارات وتسمعوا الهتافات وصرخات المحتجين لتعلموا الى أي حد وصلت العلاقة بين السلطة والشعب الفلسطيني, وهو ما ينذر بأن ما حدث في قطاع غزة من انقسام قد يتكرر في الضفة المحتلة, بفضل سياسة السلطة واصرارها على تناقض مواقفها بشكل فج وسريع ومستفز مع مواقف الشعب الفلسطيني, فبدلا من ان تشكل السلطة لجنة تحقيق مستقلة في مقتل الشهيد المغدور نزار بنات, شنت حملة تشويه ضده, ونشرت عناصرها الامنية في شوارع الضفة, واعتقلت المواطنين واستخدمت القمع المفرط ضدهم , ويبدو انها انحازت الى خيار التصعيد ضد الشعب, وهو خيار يعني اننا قادمون على كارثة حقيقية سيستفيد منها الاحتلال الصهيوني وسيغذيها وينميها لان اشعال الجبهة الداخلية الفلسطينية يمنح الاحتلال فرصة لتنفيذ مخططاته في القدس والاقصى وتوسيع الاستيطان وتسريع وتيرته في الضفة المحتلة, وبدلا من ان تجمع السلطة الشعب الفلسطيني لمواجهة مخططات الاحتلال, واحباط مسيرات الاعلام في الضفة, وافشال مخططات رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينت بتعزيز الاستيطان في مناطق «ج» الخاضعة للسلطة, نجدها تحشد انصار حركة فتح, وعناصر الامن الفلسطينية لقمع المتظاهرين, وتأجيج الشارع الفلسطيني الى حد كبير, حتى اننا لم نسمع كلمة واحدة من السلطة عن جريمة قتل الشهيد المغدور نزار بنات, ولم تقم حتى بجبر خاطر اسرته وعائلته بكلمة اعتذار واحدة, ولم توقف أي من المشاركين في جريمة القتل, وكأنها توحي بأن سياسة القتل والاستهداف لكل من يعارض الرئيس وسياسة السلطة ستبقى قائمة ولن يتم التراجع عنها, وهذا يوتر الشارع الفلسطيني ويغذي خيار المواجهة بين الفلسطينيين والاجهزة الامنية, لقد قطعوا كل الحبال الواهنة بينهم وبين الناس.
إن حالة الالتفاف الشعبي والعربي والاسلامي حول القضية الفلسطينية والتي تجسدت بأبهى صورها في اعقاب ملحمة سيف القدس البطولية, والتي أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد, ومثلت انتصارا رائعا على الاحتلال الصهيوني, وأحيت الامل لدى الناس جميعا بإمكانية الانتصار على «اسرائيل» وازالتها من المنطقة, قد تتبدد مع مشاهد القمع التي تمارسها السلطة ضد الفلسطينيين, فنحن صنعنا الانتصار بوحدتنا الداخلية, لكن السلطة تصر على ابقاء حالة الانقسام في المشهد الفلسطيني, وتريد أن تمحو صورة نصرنا على الاحتلال, بتصرفات قمعية لا يستوعبها احد ولا يطيقها احد, فهلا عادت السلطة الى رشدها ومسحت هذا العار؟!