قائمة الموقع

خبر في غزة.. معاقون يغرسون أصابعهم في أعناق المجد ويتربعون على عرش التميز

2015-02-01T09:45:27+02:00

شمس نيوز/ عمر اللوح

"قد يعتقد الناس أن الإعاقة تحول بين الإنسان وبين الوصول إلى حلمه في الحياة، وهذه النظرة المقيتة خطأ، لأن الإعاقة تشل البدن ولا تقتل العقل الذي يفكر ويخترع ما دام الإنسان يؤمن بقدر الله سبحانه وتعالى، وما دامت الثقة بالنفس هي الطريق الوحيد إلى النجاح في تحقيق أهداف جديدة مهما كانت الصعوبات دون الالتفات إلى ما يقال هنا وهناك".

بهذه العبارة بدأ شكري البنا حديثه لـ"شمس نيوز" عن إصراره وعزيمته في تحدي الإعاقة التي أصابته بالشلل في قدميه نتيجة خطأ طبي أثناء الولادة.

وقال: بدأ الناس ينظرون لي على أنني معاق، وأنا أجلس على الكرسي ولا أتحرك، ولكنني أثبتت لهم بأن الإعاقة تحد من حركتي ولا تشل عقلي الذي يفكر".

ويكمل بالقول: أصبح لي محل لتصليح الأجهزة الكهربائية أعتاش منه، خاصة أنني ماهر في تصليح الأجهزة الكهربائية والجوالات وأنا على كرسي متحرك".

وتابع البنا والابتسامة تملأ نظرات عيونه متسائلا: من هو المعاق الآن؟ الإنسان الصحيح الذي يجلس في البيت ولا يعمل، أم المقعد الذي يجني الأرباح من مهنة دون حاجة للآخرين؟".

وتابع بالقول: لم أكن لأصبح في حالي هذه إلا بفضل العديد من الأصدقاء الذين شجعوني ووقفوا بجانبي، بالإضافة إلى المركز التركي العثماني الذي أعطاني العديد من الدورات في صيانة الأجهزة الكهربائية" مبينا أنه لا يعطي أي اهتمام لمن ينظرون له نظرة سلبية، بل يواصل تفكيره ليتميز ويبدع في الحياة.

البداية ذكرى أليمة

أما تهاني عدوان، ابنة السابعة والعشرين عاماً من سكان بيت حانون، فأصرت أن تكون حياتها مختلفة، كما رغبت أن تخطط، دون أن تترك مصيرها في أيدي الآخرين؛ لذلك قررت أن تكون قائد السفينة وأن تدير دفتها مهما كانت العواصف والرياح التي تواجهها ولا تتوقف لحظة واحدة رغم إدراكها وقناعتها أن طريق التغلب على الإعاقة قد يكون ضرباً من المستحيل أو حتماً سوف يكون شاقاً خاصة أنها فتاة.

تروي تهاني التي تعاني من شلل نصفي فتقول لـ"شمس نيوز": قبل خمسة عشر عاماً، وفي الانتفاضة كنت على موعد مع الإعاقة، أثناء عودتي من الروضة متجهة إلى البيت رأيت مواجهات بين الشباب يرشقون قوات الاحتلال بالحجارة فلم أتمالك أعصابي من شدة الذعر والخوف، ولكن سرعان ما عدت لطبيعتي وممارسة حياتي".

وتضيف تهاني بكل ثقة وطمأنينة في نفسها: رغم أنني أعاني من الإعاقة؛ إلا أنها لم تكن عائقا أمام مسيرتي التعليمية أبداً رغم النظرة الغريبة من قبل المجتمع آنذاك تجاه المعاقين"  مؤكدة أن الإيمان بالقدر والثقة بالنفس هما الطريق إلى النجاح في تحقيق أهداف جديدة مهما كانت الصعوبات" .

وتقول: الإنسان لا يعرف من أين يتلقى الصفعة في حياته، لكنه قادر على أن يغرس أظافر أصابعه في عنق المجد ويترجل على عرش قمته رغم كل الصعوبات التي تواجهه بالحياة".

وأضافت قائلة: استطعت أن أشارك في الحياة الاجتماعية بكافة أشكالها، فتولد لدي الرضا الذاتي بأنني من الممكن أن أشارك في الحياة بكافة مراحلها وصورها، وبدأ بشكل أكبر التفاعل من خلال بداية العمل في مشروع إرادة، وهو تأهيل وتدريب مهني للأشخاص ذوي الإعاقة في الجامعة الإسلامية بتمويل من الحكومة التركية، فعملت في قسم الحفر على الخشب، واستطعت تحقيق الكثير من الأشياء من خلال عملي، بل تعرفت على كيفية تجهيز التحف الخشبية بكافة أشكالها المختلفة إضافة إلى الرسم على الخشب بجهاز الحرق".

اخترع سيارة

في حين أن أمير عنان (22 عامًا) الذي يعاني من شلل كامل ولا يستطيع تحريك إلا إصبع واحد من يده لم يقف مكتوف الأيدي ينظر على أنه لا يستطيع فعل شيء، بل رغم كل الصعوبات التي واجهها في حياته وخاصة في حركة التنقل بدأ يفكر في ابتكار سيارة تساعده على التنقل بكل راحة وبساطة دون تعب أو عناء.

وأوضح لــ" شمس نيوز " أنه عرض الفكرة على المهندس محسن عاشور ووافق عليها، وتم إحضار سيارة عادية وإجراء بعض التعديلات عليها من الخلف، مبينا أنه تم إنجاز السيارة خلال شهرين، ولولا الانقطاع المستمر للكهرباء لتم إنجازها في وقت أقصر من ذلك، بحسب قوله.

وأعرب أمير عن فرحته وسروره بهذا الإنجاز، فبعد أن كان يعاني الأمرّين أصبحت حركة تنقله مريحة خاصة أن الكرسي المتحرك الذي يجلس عليه بطاريته ضعيفة جداً ولا يستطيع الذهاب إلى أماكن بعيدة ويعود بها، وحتى في فصل الشتاء لا يقدر على الخروج بعربته بسبب الأمطار والهواء البارد.

وأشار إلى أن فكرة تصنيع السيارة هي الفكرة الأولى على مستوى الشرق الأوسط، لافتا إلى أن العالم العربي لا يفكرون في اختراع أي شيء للمعاقين ويكتفون بإحضاره من الخارج.

إبداعهم أذهل المجتمع

وفي ذات السياق، أوضح أستاذ علم النفس والاجتماع في جامعة الأزهر بغزة الدكتور محمد الأغا، أن الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة يشعرون بأن معظم أفراد المجتمع ينظرون لهذه الفئة على أنها عار ولا خير فيهم، "وهذه النظرة الخاطئة تؤدي -في الكثير من الأحيان- إلى إحباط الروح المعنوية لهم وتدميرهم نفسيا إذا أرادوا فعل شيء معين، واجتماعيا من خلال الانغلاق على أنفسهم والحقد على المجتمع لمعاملتهم بهذه الطريقة السوداوية".

وأضاف د. الأغا لـ"شمس نيوز": لكن أصبحت هذه النظرة لدى الغالبية العظمى من ذوي الاحتياجات الخاصة لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لهم، وبرز من بينهم من حصدوا الجوائز وبراءات الاختراع في مسابقات دولية وعالمية".

وبيّن أستاذ علم النفس والاجتماع أن طريقة الإبداع من ذوي الاحتياجات الخاصة أبهرت العديد من أفراد المجتمع وجعلتهم يفكرون بصورة مختلفة تجاهه، وتغيرت النظرة السوداوية نحوهم، وبالتالي هذا الإبداع دفع حتى المسئولين بالحكومة إلى النظر لهذه الفئة نظرة احترام وتقدير وتوفر لهم المناصب التي تناسب عملهم  بعد أن كانوا مهمشين" بحسب وصفه.

اخبار ذات صلة