خرجت أصوات في الآونة الأخيرة من داخل المجتمع الأمريكي تُطالب بمنح الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية، ووقف الدعم المالي عن الاحتلال، ووصفت "إسرائيل" بدولة فصل عنصري، كما بدأت أعينهم تتفتح على الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" باستمرار بحق الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، فهل هذا الحراك جاد في نصرة القضية الفلسطينية؟ وهل الموقف الأمريكي غير الرسمي تجاه فلسطين تغير فعليا؟ وما المطلوب استثمار ذلك فلسطينيا؟
أبرز مظاهر هذا الدعم تمثل بدعوة 73 نائبًا ديمقراطيًا في الكونغرس الأميركي، الرئيس جو بايدن، إلى احترام ودعم الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، والتراجع عن سياسات دونالد ترامب المؤيدة لـ "إسرائيل"، كما طالب 12 نائبا، بإنهاء "صفقة القرن"، كما أقر مجلس طلبة جامعة (ييال) الأميركية العريقة، وهي تُعد ثالث أقدم جامعة البلاد، أول أمس الخميس، 1يوليو/تموز، في ولاية كونتيكيت، أن "إسرائيل" دولة فصل عنصري.
كما أصدرت النقابات العمالية الأمريكية، مؤخرًا، بيانات تأييد تعاطفاً مع الفلسطينيين، بل وصل الأمر ببعض من هذه النقابات لتبني الأصوات التي تنادي بمقاطعة "إسرائيل" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني، فما المطلوب لاستثمار تلك الحركات؟
وصف محللون ومراقبون الأصوات التي خرجت في الآونة الأخيرة من داخل المجتمع الأمريكي تُطالب بمنح الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية بغير المسبوقة لنصرة القضية الفلسطينية، مؤكدين على ان هذه المواقف لا يمكن التعويل عليها لكون الإدارة الامريكية لا تودي دوراً نزيهاً وعادلاً في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي .
تحول غير مسبوق
الكاتب والمحلل السياسي د. هاني العقاد، يرى أن التحول والحراك الملحوظ في المواقف الأمريكية غير الرسمية تجاه القضية الفلسطينية، قد تؤثر إيجابا عليها، مستدركا: "لكن علينا ألا ننتظر من إدارة الرئيس جو بايدن، أن تؤدي دورا نزيها وعادلا في الصراع، وتعمل جديًا على وقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين المتمثلة بتغول الاستيطان، ووقف الانتهاكات بحق أهالي الشيخ جراح وفك الحصار عن قطاع غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد العقاد في تصريحات صحفية، أن هناك تحول غير مسبوق في المجتمع الأمريكي وخاصة المؤسسات غير الحكومية تجاه القضية الفلسطينية، وهذا لم يحدث خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن الضغط المؤسساتي والحراك الأمريكي غير الرسمي على إدارة بايدن يمكن أن يُحدث تغييرًا حقيقيا في الموقف الرسمي الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، لكنه يحتاج لبذل جهد كبير من الجانب الفلسطيني والعربي والدولي المناصر للقضية، من أجل إعادة الحقوق المسلوبة.
وأشار إلى أن عيون المجتمع الأمريكي التي بدأت تتفتح على الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وخاصة بعد أحداث حي الشيخ جراح في القدس، والعدوان الأخير على قطاع غزة، وهو ما قد يربك حكومة الاحتلال، وتجعلها تتنازل عن قرارات تعسفية اتخذتها بحق الفلسطينيين.
ورجّح د. العقاد، أن يزداد حجم التحول والحراك السياسي داخل المجتمعات الأمريكية والدولية لصالح الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، وخاصة بعد توثيق الجرائم التي ارتكبها الاحتلال ضد أهالي قطاع غزة خلال العدوان.
ودعا د. العقاد، الفلسطينيون لعدم الارتهان لتلك الموقف الأمريكية فقط، وإنما الانتقال من الرسائل الإعلامية والدبلوماسية إلى العمل على أرض الواقع داخل الولايات المتحدة، ثقافيا وسياسيا واجتماعيًا، وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية المدعومة بالحقائق والأدلة حتى تغيير الرواية التي تنقلها "إسرائيل" للشعب الأمريكي، مؤكدًا أن هذا العمل يحتاج إلى جهود موحدة من قبل الكل الفلسطيني، من أجل كسب أكبر دعم ممكن لصالح القضية الفلسطينية.
يؤثر بشكل إيجابي
الكاتبة والمحللة السياسية رهام عودة، ترى أن الحراك الأمريكي الأخير جاد، ويؤثر بالإيجاب على القضية الفلسطينية، مرجحة أن يشكل في المستقبل ضغطًا على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أجل عدم تطبيق بنود "صفقة القرن"، وعدم شرعنة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس.
ودعت عودة، القيادة الفلسطينية، للتنسيق المستمر والعمل بشكل مكثف مع النواب في الكونغرس الأمريكي وتزويدهم بشكل مستمر بتقارير حقوق الانسان التي توثق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في كل الأراضي الفلسطينية حتى يتم مشاركتها ونقاشها في اجتماعات الكونغرس لمحاولة تغيير الموقف الأمريكي المنحاز إلى "إسرائيل"، بحيث يكون موقف أمريكي متوازن ومتوافق أكثر مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية.
المصدر: APA