بقلم / عصام الشافعي
تبارك الرحمن، أبدع خلق الإنسان، فجعل الرؤوس عالية .. لتقي أصحابها من كل داهية.. وأسكنها العقول لتميز الغث من السمين .. وتفرق بين الملائكة والشياطين وألبسها أجمل لباس .. ليواريها عن أعين الناس.
وجعل في مقدمتها الوجوه بما فيها .. وكم فيها .. بعضها تقرأ ما فيها .. وبعضها لا تفصح عن معانيها .. وأخرى تتوه فيها ولا تشي بمخابيها .. وغيرها عليلة ولا ترياق يشفيها....
ولما عبثت يد الإنسان .. وتسللت همزات الشيطان .. وسيطر الحسد .. وتحول الحقد إلى لهب ومسد .. انهارت النفوس .. وهوت الرؤوس، حتى وإن رأيتها عالية .. إلا أنها دانية .. دانية الفهم .. مريضة وحتى العظم ...
فلم تعد ريادية .. ولا قيادية .. بل كطبول جوفاء نخرها السوس ... لا تستوعب دروس... وبعضها تحول لمراحيض عامة، فلا يفيح منها إلا أسوء ريح .. ولا يظهر منها إلا كل قبيح...
أحد اصحاب تلك الرؤوس له صديق يعرفه بكل خير لعشرات الأعوام لم يرَ منه عيباً .. ولم يعهد عليه ريبا، .. ثم سمع عنه كلاماً لا يليق .. يتنافى مع ما عهده من ذاك الصديق .. فصدق الفرية، وكذب نفسه .. وحقر رأسه.. وأعدم بصيرته وحدسه،
وتنكر لصداقته .. وأوغل في حماقته .. وخاض مع الخائضين، فأحال رأسه لمرحاض .. وصار بؤرةً للأوبئة والأمراض !!! اللهم النجاة النجاة، من اؤلئك الجناة ...!!
وهذا شاهد عيان رأى حدثا بأم عينيه .. وسمع ما جرى ببنات أذنيه .. ثم أنصت واستمع ممن لم ير الحكاية ولا يعرف الرواية .. فطمس على عينيه .. وصم على أذنيه .. وصدق الرواية المزعومة .. وكذب الحقيقة المحتومة .. وخاض مع الخائضين .. فكان من الهالكين .. فهوى به نحسه، وظل يتجرع أقداح بؤسه .. لأنه قد باع رأسه !! اللهم يا من انجيت يونس في بطن الحوت نجنا من كل مؤذ عنكبوت ...!!
وأما هذا فيتنافس في باطل مع غيره .. لا يبالي بشره من خيره ..فأدرك أن منافسه يفوقه بقدراته العقلية .. ويسبقه بسنوات ضوئية .. بما وهبه الله من العطايا والهبات .. والبراهين الواضحات .. فأيقن بخسارته المذلة .. ومهانته المخلة .. ومع ذلك زج بنفسه في المنافسة فخاض غمارها.. وتجرع مرارها، فببرهة أصبح أضحوكة المجالس .. وقمامة المكانس .. فلا قوة له ولا حول .. وأثخنوه جراحا بالفعل والقول .. وتسربل بهزيمة سحيقة .. وهوى في مهانة عميقة ..!!
أيها الانسان احفظ رأسك عاليا، لا تحنيه إلا لله العظيم ولا تدنيه للناس فيفرغون به أوساخهم ويحيلوه لحاوية قمامة ...!!
ايها الإنسان لتنجو من الندم والثبور .. دعك من كل مبتلى مسعور .. ومن كل حاقد موتور .. ومن كل رخيص مأجور .. لتحظى بالفوز والسرور .. ورضوان العزيز الغفور ... !!!
