قائمة الموقع

شرعنة الباطل وشيطنة الحق

2021-07-15T11:52:00+03:00
أعلام فلسطين.jpg
قلم/نضال ارحيم ابو عمر

{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الاسراء آية ٨١)

في الوقت الذي أصبح فيه العدوان الصهيوني على الارض والعرض والمقدسات، والدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال واضح للعيان، لا زالت غالبية الأنظمة العربية في حالة هرولة متسارعة نحو الانفلات والتطبيع مع الاحتلال، وتعيش حالة القابلية للاستعمار، لدرجة أننا أصبحنا نسمع أصواتًا نشازًا من رموز التغريب في المنطقة، وممن يطلقون على انفسهم علماء ومفكرين تُشَرْعِن الاحتلال وتُشَيْطِن الفلسطينيين، هذا الحال مستمر رغم العدوان الصارخ من قبل الاحتلال الغاشم على جميع مفاصل القضية الفلسطينية بشكل خاص، وعلى الوطن العربي والإسلامي بشكل عام، ورغم جولة المقاومة الفلسطينية الأخيرة المشرفة التي كشفت عورة هذا الاحتلال وهشاشته، وذلك كله بهدف نيل الرضا الامريكي والصهيوني للحفاظ على عروشهم وتلبية لشهواتهم ونزواتهم...

{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء : 139]

ومن اسباب وصولنا إلى هذا الحال مع الأسف؛ أننا تنكرنا لحضارة ممتدة منذ النبوة، بل منذ سيدنا آدم -عليه السلام-، وتمسَّكنا بنظم وقوانين وضعية لا يتجاوز عمرها المائة عام، فيما لا يزال لسان حال عدونا يتكلم زورًا، بنجمة داود، وأرض الميعاد، وهيكل سليمان، ويعود بجذوره المزيفة إلى عمق التاريخ...

لذلك نحن مَنْ قَبِلْنا أنْ نعيش تحت بساطيرهم؛ لأنَّ النظم والقوانين والدساتير والأفكار والثقافات التي تحكمنا نشأت مع نشأة كياناتهم؛ بل هم مَنْ صدَّروها لنا لإبعادنا عن قانون الله الذي يشكل الخطر الحقيقي على وجودهم، أما هم فلم ولن يقبلوا بنا؛ لأنهم لا زالوا ينطلقون من الماضي على أساس تلمودي وتوراتي وإنجيلي - مزيف -، اليهود يعودون بنا إلى خيبر، والنصارى إلى الحروب الصليبية وما قبلها؟!

لكن نقول بأن لا غرابة من هذا الحال الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي، بل هو الوضع الطبيعي لما تعيشه الأمة من فوضى فكرية وثقافية وحزبية ومذهبية وطائفية وأخلاقية وغيره، مما أدى بالاستعمار إلى وضعها كطُعْم وأداة لتقسيم جسم الأمة الاسلامية، فالتبعية العمياء لا تولّد إلا انحطاطًا ورضوخًا .

فالنبي ﷺ احمَّر وجهه عندما رأى سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقرأ في صحيفة لليهود قائلًا: لو أنَّ نبي الله موسى -عليه السلام- حيٌّ بين أظهرنا لما حلّ له إلا أن يتبعني، فكيف بنا اليوم ونحن نضع قانون السماء بالكامل جانبًا ونحل محله قوانين ونظم وثقافة وفكر بل وعادات وتقاليد الغرب.

في باب -القابلية للإستعمار- للمفكر الاسلامي -مالك بن نبي- يقول: " أصبحنا لا ندري هل نحن نحن (أي مسلمين)، أم نحن هم (أي غرب)، أم نحن لا نحن ولا هم (أي لا نحن مسلمين ولا غرب)، ويجيب قائلًا: نحن أصبحنا لا نحن ولا هم (أي نحن أصبحنا لا مسلمين ولا غرب - خليط من الأفكار والثقافات والعادات والتقاليد)

لذلك أنتجنا جيلًا مهزوزًا فاقدًا للثقة بنفسه ويستحيل على هذا الجيل بهذه البنية أنْ يحقق نهضة أو انتصار.

حتى في حضرة سيدنا رسول الله ﷺ لا يجب علينا أنْ نغفل حينما تجاوز المسلمون جزءًا بسيطًا من قانون الله، المتمثل في معصية العُجب في غزوة حنين عندما هُزِموا وولّوا مدبرين رغم أنهم الأكثر عددًا وعدة، في حين أنَّ المعروف والمألوف لدى المسلمين أنه بإمكانهم أن يحققوا الانتصار حتى وإن كانوا هم الأقل عددًا وعدة.

وكذلك أيضًا في غزوة أحد، انقلب النصر إلى هزيمة بسبب تجاوز الرماة قانون السماء، وتمثل في معصية أمر رسول الله ﷺ بعدم نزولهم عن الجبل مهما حصل، يقول رب العزة {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. (الحشر، الآية 7)

في الإطار ذاته، يقول مسؤول حزب التحرير الشيخ "تقي الدين النبهاني" بما معناه في كتاب (القانون السياسي في الإسلام) عن تعريف العقيدة:

هي عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام حياة.

ويعرِّف المبدأ على أنه الفكرة الكلية عما قبل الحياة الدنيا وما بعدها وما بينهما...

ويقول أنَّ هذه الأسئلة الثلاثة التي تدور في خلد أي انسان لا بد من الإجابة عليها من قبل أي مجتمع حتى ولو كان منحرفًا...

وعلى خلفية هذا التوصيف، يذكر ثلاث مبادئ أجابت على هذه الأسئلة ( الإسلام، النظام الرأسمالية الغربي، النظام الشيوعي الشرقي)

الإسلام/ أجاب عن الأسئلة الثلاثة بكل وضوح.

- ما قبل الحياة الدنيا: وجود الله وحده، وعلو عرشه على الماء، وخلقه لجميع المخلوقات.

- وأجاب على مجريات الحياة الدنيا: من خلال وضع القانون السماوي لجميع المخلوقات.

- وأجاب على ما بعد الحياة الدنيا: وهي حياة البرزخ (القبر)، وبعدها قيام الساعة، ثم الحساب وما بعده من الجنة أو النار.

أما الرأسمالية/ فقد أجابت على هذه الأسئلة بالمقولة المتمثلة بـ " ما كان لله لله، وما لقيصر لقيصر" ، بمعنى *(فصل الدين عن الدولة).

والشيوعية / قالت: (لا إله والحياة مادة).

هذا اختصار، لكنَّ الباب يوجد فيه تفصيل أكثر من ذلك.

وعليه قال الكاتب، أي مجتمع التزم التزامًا كاملاً بأيِّ قانون من هذه القوانين الثلاثة سيحقق إنجازًا، لأنَّ الفرد يكون قد ءامن بفكرة واحدة وأصبح لديه قناعة راسخة بأنْ يضحي من أجلها، لكن المشكلة تكمن في الاستمرارية والغلبة،،، وأضاف: الغلبة والاستمرارية ستكون للمبدأ الأكثر قربًا من الفطرة الإنسانية وهو الإسلام لذلك نرى المنظومة الشرقية الأشد انحرافًا والحادًا ومعارضة للفطرة الإنسانية ممثلة في الاتحاد السوفيتي انهارت قبل المنظومة الرأسمالية والتي هي أيضًا في تراجع مستمر، وننتظر قريبًا رغم هذه العتمة عودة الأمة الإسلامية إلى قانون السماء الذي هو مصدر عزتها وكرامتها حيث انتقل بهم من رعاة للغنم إلى سادة للأمم.

رغم هذه العتمة وهذا الظلام الذي يلف الشرق الأوسط يبقى الأمل قائمًا والصحوة آتية لا محالة خاصة أنَّ بذورها موجودة ولن تنقطع مصداقًا لقول النبي ﷺ الخير فيَّ وفي أمتي الى يوم القيامة وما نراه اليوم من أشكال الرفض للاحتلال الصهيوني، والاستعمار الغربي، والإنحياز الكامل للحضارة والتاريخ والتمسك بالحق والعدل سواء على مستوى الشعوب العربية والإسلامية قاطبة، وبعض الحركات والأحزاب والمفكرين والعلماء والمشايخ والشخصيات الرسمية والمدنية لهو بارقة أمل وخطوة حتمية في طريق تحقيق النهضة والانتصار، والمسألة ما هي إلا مسألة وقت؛ فالاتحاد السوفيتي انهار، أمريكا النظام العالمي الجديد بدأت سطوتها على العالم بالأفول وبدأت أصوات مؤثرة في العالم ترفض الوصاية الأمريكية على العالم، الفترة الذهبية للاحتلال التي عاش فيها بأمن وأمان فترة السبعينيات حتى منتصف الثمانينيات انتهت ولن تعود.

ونحن على موعد مع النصر إن شاء الله، شاء من شاء وأبى من أبى.

اللهم ألهمنا التوفيق والسداد في القول والعمل

اخبار ذات صلة