يحمل شهر تموز معه في كل عام، أجواءً فريدة يجتمع فيها أجيالاً مختلفة في مكان واحد، توسطهم أواني من الفخار والبطيخ الصغير المعروف بـ(العجر)، إلى جانب خضراوات أخرى، تمهيداً لمزج الماضي بالحاضر، وإعداد الأكلة الموسمية التراثية، التي يشتهر بها المواطنون جنوب قطاع غزة، ويُطلق عليها عدة اسماء، منها (اللصيمة) أو (فتة العجر) أو (القرصة).
وتُعد "فتة العجر" من الأكلات البسيطة غير المُكلفة، ولها فوائدٌ عديدة تجعل الكبار يحرصون على تناولها هم وأطفالهم، نظراً لمكوناتها الطبيعية 100%.
ولهذه الاكلة موعد محدد في السنة تبدأ من بداية شهر مايو حتى نهاية شهر يوليو، نظراً لأنها تعتمد على البطيخ في بدايات نموه فقط (غير الناضج)، بالإضافة إلى القرع والباذنجان الطازج.
واعتاد الحاج محمد شعت(58عاما) مختار عائلته-هو لاجي فلسطيني من مدينة بئر السبع المحتلة على اعداد أكلته التراثية المعروفة بـ "القرصة" بشكل سنوي" وتقديمها إلى ضيوفه وأحبّائه ممن ينتظرون تناولها في موسمها بشغفٍ مع كل عام. إذ يستغرق إنجازها بشكلها النهائي ساعات عدّة.
فيتجمع الكبار والصغار من حوله، حرصاً منهم على حفظ إحدى تراث الآباء والأجداد، فالجوّ الأُسري والعائلي في تناول الأكلة الشعبية الفلسطينية هو أحد طقوس تناولها في قطاع غزّة، وخصوصا في محافظتي خانيونس ورفح جنوب القطاع.
وتحتاج "فتّة العجر" إلى جهد ومشاركة مجموعة كبيرة من الأشخاص لمتابعة طرق عملها من تجهيز الدقيق، ثم شواء العجر والباذنجان، وتقطيع الطماطم والفلفل، والبصل، وتجهيز العجينة وقد يتراوح قطر الواحدة نحو 50 سنتيمتراً، بعدها تغطى بالرماد الساخن ويضع فوقها كمية من الجمر ليسهل إنضاجها لمدة 30 دقيقة تقريبا، بعد ذلك يتم تقطيعها على شكل قطع صغيرة بعد نضوجها لتضاف مع المكونات السابقة ثم يضاف لها زيت الزيتون البلدي بكميات كبيرة.
ويقول شعت "نجتمع في كل موسم لإعداد فتة العجر، واعتاد الأحبة على الحضور للمشاركة في إعدادها وتناولها كطقس من أهم الطقوس الموسمية".
ونبه شعت إلى الفوائد الصحية العديدة لطبق "فتة العجر" لاحتوائها على مجموعة كبيرة من الخضار الطازجة.
ولهذه الأكلة طقوس خاصة، حتى في الأدوات التي تُستخدم في التحضير، كالإناء الفخاري الكبير الذي يُعرف بـ "اللقان".
وأكد أن عائلته (شعت) تلتزم بإعداد هذه الأكلة التراثية كل موسم منذ أكثر من مائة عام، للحفاظ على هذا التراث.