قائمة الموقع

الاسرى بالسجون يخلقون من العدم عيدًا

2021-07-22T14:54:00+03:00
الأسرى
قلم/ شيماء ناصر الدرة

سباقين للسعادة كأحرار العالم، قادرين على استقبال العيد رغم مرارة القيد وسلاسل الزنازين وألم الحرمان والبعد، يحاول الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومع كل عيد خلف القضبان أن يقهروا جبروت سجانيهم من خلال رسم الفرحة على شفاه بعضهم البعض بإمكانياتهم البسيطة وإيمانهم الكبير.

أنهم أهلاً لسنن الله فالعيد شريعة لن يفرطوا بها، يَشرعُ بطقوس العيد بعد العدّ اللئيم لهم كأرقام محاولة لإذلالهم على غرار قطع الماء والكهرباء كي لا يستحموا ويتوضؤا، وتأخير فتح الأبواب لأداء الصلاة وأكثر من ذلك، من أجل كسر فرحة العيد للأسير، يلبسوا فرحة العيد كما يرتدون جديدهم من الملابس التي عف عليها الزمن، ومن عمق هذا التنغيص حتى أنك تجد ادارة السجن وقد استنفرت ووجهت عيون غضبها مهددة متوعدة، مستمعة متنصتة لما سيقول خطيب العيد والويل له إن خرج عن المألوف .. ولكن غالباً تأتيك خطبة حرة وهذه من التحديات الذي يسعى من أجل أن يتنفس صديقه وأخيه المعتقل الصعداء، ويسمو بروحه ويشعر بوزنه خاصة, وأجره عند ربه وهو يرمق عيون من قاموا بالعدد والمتربصين لهم بالقمع والبطش، وهنا يضحي الخطيب نفسه قربان لزنزانة انفرادية اسبوعين او ثلاثة لأنه شفى صدور قوم مؤمنين ..

وبحركة منتظمة يطوف كل واحد بالترتيب والتواصل على بقية الاسرى ، يستقبلون العيد باستقبال أنفسهم فيتعانقون، ويجددون الأمل ومعنى الإخاء والمحبة... وبتبادل التهاني وإجزال التمنيات بأن تزول تلك غيوم التنغيص السوداء عن سماء فلسطين ليكن عيدهم وعيد فلسطين محررة.

أصعب ما يواجهه الأسير في يوم العيد أنه يوم يشبه ظاهرياً كل الأيام، وكأنه يعري روحه من قوتها ، ثقيلة الدقائق كجبال تقف على ارواحهم، يمر الوقت أبطأ من سلحفاة تسابق مجموعة من غزلان، وأقسى أن الأسرى داخل السجون يفقدوا حقهم القانوني بالاتصال بذويهم من أجل تبادل التهاني معهم في العيد والاطمئنان على صحتهم، كما تحرمهم سلطات الاحتلال من الزيارات العائلية خلال أيام العيد الثلاثة.

يتعمد الاحتلال أن ينشر اليأس ويسحب منهم فرحة العيد، من خلال بعض إجراءاته التعسفية داخل السجن، إذ يمنع في كثير من الأحيان تأدية صلاة العيد، أو إدخال بعض المأكولات والحلويات الخاصة بالعيد، وفي أحيان أخرى تعرقل الزيارات فيما بين الغرف والأقسام الداخلية، أو تعمد إلى استفزاز الأسرى وتقتحم الأقسام وتجري التفتيشات وتعتدي عليهم، أو تنكل بهم خلال أيام العيد.

قوم الجبارين هم "يخلقوا من العدم أساساً للوجود" لا تستغرب يا صديقي أعلم أنه لم يأتي في ذهن أحد "حلوى البصل" أي تحويل البصل لقطع سكر وتكون ضمن الحلويات التي يصنعونها بالأعياد، كما كعك العيد يشبه ما تصنعوا من الكعك ولكنه مختلف بالطعم بدون سميد ولا تمر، والتي من شأنها إسعاد الاسرى وتخفيف عنهم آلام البعد عن الأحبة وفراق الأهل.

يعود الاسرى الى غرفهم ليلتقوا مع عائلاتهم الصغيرة من خلال ألبوم الصور، تجد أحدهم يقلب صور أطفاله ويقبلها، وذاك لن ترحمه رياح الذكريات، بينما يحاول الآخرأن يضمد جراحه بطريقته الخاصة، والكثير منهم تسرح عيونهم تخترق الأسوار والأسيجة، وتسافر هنالك إلى بيوت الأحبة، تقبل يد الأم، وتلامس برقة يد الانبة، وتطوف حول الديار، وتراقب معالم الحياة في شوارع المدن والقرى والمخيمات، تهمس بأذن الصديق هل طال الغياب.

الناظر للأسرى يجد في ملامحهم آفاقاً لا مدى لها من التحدي ،ولكن داخلهم يظل هشاً بأحلام الحرية التي طال موعدها، في مثل هذه المناسبات يزداد شعور الأسير بالوحدة ويعرف المعنى الحقيقي للسجن والتضحية.

كانت كل تفاصيل العيد تدور بشكل يتعايشوا فيه مع الواقع، يعيشوا اللحظة، واضعين المؤبدات أمام عيونهم، وحكم الله في قلوبهم.

سيظل الاسرى الفلسطينين قادرين على الفرح يستقبلوه فاتحيين أيديهم للفرح والامل والسعادة، لانهم يحبون الحياة، ويتبثون للسجان بانهم لن يهزوا رغم التنغيصات، وأقوى من مصلحة السجون، فالشموخ أية من آيات صمودهم مهما طال الزمن، هم الباقون كالسنديان والاحتلال إلى زوال.

اخبار ذات صلة