قائمة الموقع

القائد صلاح أبو حسنين فارس الإعلام الحربي

2021-07-25T12:28:00+03:00
الشهيد صلاح ابو حسنيني.jpg
بقلم/ أ. محمد حميد "أبو الحسن"

لطالما ظلت مآثر الشهداء شاهدةً على إخلاصهم وبذلهم وتضحيتهم، فهي التي لا تكاد تُنْسى وكأنّما اعتنقت قبساً من خلودهم، فتبكيهم المقل شوقاً، وتستذكر الأحلام أطلالهم تأسّياً، ونعم الأسوة هم وقد كانوا في مقدمة قرابين التضحية كما كانوا في مقدمة قيادة الجهاد، نستذكر الشهيد القائد/ صلاح أبو حسنين "أبو أحمد" في ذكرى استشهاده السابعة بعد أن مضى حاملاً لواء الجهاد.

عاش الشهيد/ صلاح أبو حسنين في مخيم رفح للاجئين وتربى في أزقته وتعلم في مدراس وكالة الغوث بالمخيم، وفيه ذاته انطلقت رحلته مع الجهاد الإسلامي ومنهاجها، فقد قد قُدّر له حضور جلسات التنظير الفكري التي عقدها الأمين العام المؤسس د. فتحي الشقاقي، وكذلك اللقاءات التنظيمية الأخرى التي كانت تعقدها الكوادر السياسية للحركة في منطقة رفح، وكيف لشابٍ عظيم العزيمة ألّا يعيش الهم الفلسطيني وقد تشرب أفكار الجهاد الإسلامي منذ الصغر؟! ، وكان عمره شاهداً على عنجهية الاحتلال الصهيوني وممارساته الهمجية بحق الفلسطينيين، فلم يكن أمام الشهيد القائد سوى الانحياز إلى فكرة مقاومة الاحتلال الجاثم على أرضنا منذ نعومة أظفاره، وآمن بقدرة الإسلام على تحريك جماهير أمتنا نحو هذه الغاية. وبعد فترة من الإعداد الفكري والحركي، التحق الشهيد/ أبو أحمد ببرامج الحركة التربوية الجهادية وكان أحد الطلائع الجهادية العاملة في المساجد والقائمة على الملف الدعوي، ليتدرج بعدها في المهام التنظيمية وصولاً إلى الصفوف الأولى.

شاهدتُ الشهيد القائد/ صلاح أبو حسنين لأول مرة في سجن النقب عام 1990م، وقد ظهرت لي فيه سمات بارزها أهمها الوضوح الفكري وعدم المداهنة في قول الحق وهو أمر لطالما سبب له المتاعب والمنغصات، ومن النوادر التي تذكر للشهيد القائد توليه عرافة حفلٍ جهادي خلال الانتفاضة الأولى في مخيم رفح، في الوقت الذي انطلقت مركبات الاحتلال محاولاً اقتحام إحدى المناطق في المخيم، فما كان منه إلا أن ترك عرافة الحقل وانضم إلى مجموعات الشبان التي كانت تتصدى بالحجارة المباركة للقوات المقتحِمة.

ولم يكن العمل الجهادي ليثني الشهيد القائد عن الجوانب الإنسانية، فعمل سنواتٍ عديدة في ملف العمل الخيري يحمل هموم البسطاء والفقراء والحالات المعوزة، فكان خير سندٍ لهم ولم يألوا جهداً في العمل على إيصالهم لبر الأمان.

وفي عام 2007 نال الشهيد القائد/ أبو أحمد ثقة قيادة سرايا القدس لتولي دائرة الإعلام الحربي، فشهدت تحت إدارته مزيداً من الإنجازات وتميزت بحسن التخطيط والتنظيم، فاستطاع الشهيد/ أبو أحمد نقل صورة الجهد العسكري المبذول من فرسان سرايا القدس في الميدان إلى العلن، ونجحت الدائرة في عهده في تغطية تصدي مقاتلي السرايا للاقتحامات المتكررة لقوات العدو، وكذلك تغطية أدائها المشرف في الحروب التي شُنَت على قطاع غزة ابتداءً بحرب عام 2008/2009 مروراً بمعركتي بشائر الانتصار 2011 و السماء الزرقاء 2012 وانتهاءً بحرب البنيان المرصوص 2014 التي استمرت أكثر من خمسين يوماً وكانت الشاهدة على صدقه.

لقد تمكنت الحاضنة الشعبية للمقاومة والعالم العربي المتابع والمهتم بها –إبان إدارة الشهيد/ أبو أحمد للإعلام الحربي- من مشاهدة الأداء الباسل والبطولي للمقاتل الفلسطيني عبر شاشات التلفزيون وعبر وسائل التواصل الحديثة بشكلٍ منتظم لأول مرة، فاستطعنا أن نشاهد راجمات الصواريخ المباركة والأنفاق الهجومية والوصلات القتالية التي حفرت بأنفاس شهداء الإعداء، وكذلك عدداً من الكمائن المحكمة، واستطاع الاعلام الحربي التابع لسرايا القدس من تحويل صورة المعركة إلى صورة نصر يراها جميع المهتمين والمتابعين، لتتحول في أذهان الشبان والفتية إلى ذاكرة خالدة في أذهانهم عن حجم بطولة مقاتلي سريا القدس ومقاتلي المقاومة الفلسطينية.

ورغم معاناة الشهيد/ أبو أحمد من أمراضٍ مزمنة خلال السنوات السابقة على استشهاده، إلا أنه أظهر الإخلاص لعمله، ولم يتوقف في لحظات الشدة والقصف العنيف عن مواكبة الميدان وتوجيه أبطال الإعلام الحربي في المتابعات الميدانية، حتى تمكن إحدى طائرات العدو المقاتلة من تحديد مكانه لتستهدفه بعدة صواريخ أثناء معركة البينات المرصوص في تموز 2014 مما أسفر عن ارتقائه رفقة نجليه في يوم جمعةٍ من شهر رمضان المبارك بعد رحلة جهادية طويلة وممتدة مع هذا العدو الغاصب، رحم الله الشهيد القائد ونجليه وألحقنا بهم شهداء مقبلين غير مدبرين.

اخبار ذات صلة