تواصل "إسرائيل" التلكؤ والمماطلة بالتعاطي مع جهود التوصل لاتفاق تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وتصر على ربط إعادة الأمور لما كانت عليه قبل العدوان الأخير بالإفراج عن جنودها المحتجزين بالقطاع، الأمر الذي ترفضه المقاومة وبشدة.
جهات عدة أبرزها القاهرة، تواصل الضغط في سبيل التوصل لاتفاق تهدئة وصفقة تبادل أسرى، في حين تشدد "إسرائيل" الخناق على القطاع إذ تمنع إدخال معظم السلع وتضع العقبات أمام صرف المنحة القطرية، في محاولة لدفع المقاومة نحو تقديم تنازلات.
بالمقابل، تؤكد المقاومة أن لديها خياراتها لمواجهة أساليب الاحتلال التي تدفع الأمور نحو التصعيد، فيما يبرهن الميدان أن الأمور قاب قوسين وأدنى من الانفجار، إذ شهدت غزة مؤخرًا عودة لإطلاق "البالونات الحارقة" وغارات إسرائيلية على أهداف في القطاع مع تقليص مساحة الصيد، ليبقى السؤال مطروحًا هل تعود رائحة البارود مجددًا؟
آليات مختلفة
عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، قال "إن المقاومة كلما شعرت أن هناك نوعا من التردد والتلكؤ وتعطيل مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة، سنلجأ لاستخدام آليات مختلفة للضغط على الاحتلال".
وأكد بدران في حوار عبر تطبيق كلوب هاوس "أن المقاومة ستقوم بكل ما يلزم من أجل أن يعيش شعبنا بحرية وكرامة".
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، اليوم الاثنين، عن اتخاذ فصائل المقاومة الفلسطينية قراراً بإعادة تسليط الضغوط على الاحتلال على طول حدود قطاع غزة، وذلك للدفْع قُدُماً بالمباحثات الجارية حول الملفّات المتعلّقة بالقطاع، وخصوصاً الوضعين الإنساني والاقتصادي.
ووفق الصحيفة، فإن الفصائل تتّجه خلال الأيام المقبلة نحو تصعيد تدريجي مع الاحتلال، سيبدأ بإطلاق البالونات الحارقة، فيما تدرس المقاومة تفعيل أدوات ضغط جديدة، بما فيها مسيرات على طول الحدود، ضمن فعّاليات "مسيرات العودة الكبرى" التي انطلقت منتصف عام 2017 الماضي واستمرّت قرابة عام ونصف عام.
القاهرة تعود
وحسبما كشفت الصحيفة اللبنانية فإن المصريين استأنفوا أخيراً مباحثاتهم مع الفصائل، في وقت تضغط فيه المقاومة لكسر محاولات العدو فرض شروطه عبر تضييق الخناق على المواطنين في غزة، والاستمرار في ربط ملفّ الإعمار وتحسين الواقع الاقتصادي والإنساني في غزة، بملفّ الجنود الأسرى.
وتتزامن الاتصالات الجديدة مع عودة الوفد الهندسي المصري إلى القطاع لاستئناف عمليات إزالة ركام الدمار الذي خلّفه العدوان، فيما أعلنت وزارة الأشغال العامة في غزة أن عمليات إزالة الركام ستكتمل بعد شهر تمهيداً لانطلاق المرحلة الثانية من الإعمار.
ولا تزال المرحلة الثانية عالقة في ظلّ استمرار منْع الاحتلال إدخال المواد الخام ومواد البناء إلى غزة منذ أكثر من شهرين ونصف شهر، في حين تأمل جهات مانحة، وخاصة دولة قطر، في حلحلة سياسية للمباشرة في عملية الإعمار، بعد تعهّد الدوحة بدفع 500 مليون دولار في هذا السبيل.
إلى أين؟
الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، يرى أن مماطلة الاحتلال الإسرائيلي في رفع الحصار عن قطاع غزة يهدف إلى تفريغ انتصار المقاومة في معركة "سيف القدس"، إذ تحاول قوات الاحتلال فرض نظرية "تشتيت النصر"، لخلق رأي عام فلسطيني مناهض للمقاومة.
كما، ويرى عبدو في حديثه لـ"شمس نيوز" أن هذه النظرية ستفشل لأن المقاومة الفلسطينية لديها الكثير من الخيارات للرد على السياسة "الإسرائيلية" الهادفة لتفريغ نصر المقاومة من مضمونه ونتائجه، لاسيما أن الاحتلال حاول مراراً وتكراراً خلق فجوة بين المقاومة وجمهورها؛ إلا أنه في كل مرةٍ كان يفشل.
وقال: "استراتيجية الاحتلال في إقناع حاضنة المقاومة أنه لا جدوى من التصعيد تأتي على عكس مراده، لأن الحاضنة الشعبية للمقاومة ستضغط وتؤيد باتجاه التصعيد مع الاحتلال، إذا لم يتوقف الأخير عن ممارسة الضغط على غزة".
وعن دور المقاومة في الرد على ممارسات الاحتلال وتشديد الحصار قال عبدو: "إن أي تشديد للحصار يدفع المقاومة نحو التصعيد"، محملًا الاحتلال المسؤولية عن أي موجة تصعيد قادمة، لأن الحصار سيقود إلى رأي عام يدعم باتجاه التصعيد والرد على ممارسات الاحتلال.
ودعا عبدو الوسطاء إلى عدم القبول بممارسات الاحتلال تجاه غزة، وأن يمارسوا ضغطاً جدياً لكسر الحصار المتواصل على قطاع غزة.