بقلم/ خالد صادق
اجراءات تشديد الحصار على قطاع غزة التي تمارسها حكومة نفتالي بينت الوليدة ليست عشوائية, وتأتي وفق خطة تصعيد مبرمجة تمارسها حكومة نفتالي بينت للضغط على المقاومة الفلسطينية من اجل الموافقة على ادراج قضية الجنود الصهاينة المحتجزين لدى كتائب القسام على طاولة البحث والتفاوض بشروط «اسرائيل» ومنطقها في التعامل مع قضية الجنود الصهاينة بإطلاق سراحهم دون الافراج عن اسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال, بمعنى اطلاق سراح الجنود مقابل الاعمار وتخفيف الحصار وادخال الاموال القطرية وفتح معبر بيت حانون, وان تقوم «اسرائيل» كبادرة حسن نية بإطلاق سراح اسرى تحددهم «اسرائيل» وتنتقيهم بنفسها, وهذا المنطق مرفوض جملة وتفصيلا من فصائل المقاومة الفلسطينية ومن كتائب القسام تحديدا, فرئيس الوزراء الصهيوني المستجد نفتالي بينت يخوض مغامرته هذه بجهل وعدم خبرة سياسية وهو مدفوع بطموحاته السياسية بحيث انه يريد ان يثبت لليمينيين الاسرائيليين المتطرفين انه يحقق اليهم مكاسب اكبر من تلك التي حققها بنيامين نتنياهو, وبينت الذي لم يتحصل حزبه «يمينا» سوى على ستة مقاعد في انتخابات الكنيست مؤخرا, يأمل ان يحصل على مقاعد اكبر خلال الانتخابات القادمة, وهو يعرف تماما ان الطريق الى ذلك يمر عبر اراقة دماء الفلسطينيين, فكل يوم تشيع الضفة شهداء فلسطينيين ارتقوا برصاص جنود الاحتلال الصهيوني او قطعان المستوطنين, وعمليات الاقتحام للمسجد الاقصى لا تكاد تتوقف.
ما يسمى بقائد منطقة القدس في الشرطة والمفتش العام للشرطة ووزير الأمن الداخلي صرح بأن 1679 يهودياً حجوا الى الحرم القدسي حتى ساعات الظهيرة عشية عيد الاضحى المبارك، وخرجوا منه. والحكومة كانت راضية لأن الأمور لم تخرج عن السيطرة. بينيت الذي كان راضياً سارع إلى إصدار بيان. وأعلن مكتبه أن رئيس الحكومة شكر مسؤولي الأمن “على إدارة الأحداث في الحرم القدسي بمسؤولية وعقلانية، من خلال الحفاظ على حرية العبادة لليهود في الحرم», وهذه خطوة خطيرة لها ما بعدها, اما قطاع غزة فتم تشديد الحصار على الغزيين بشكل كبير ولم يسمح بإعادة الاعمار , كما منعت مواد البناء والادوات الكهربائية من الدخول الى قطاع غزة, وكل هذه الممارسات هي بمثابة رشى يقدمها نفتالي بينت كهدايا لليمين المتطرف كي يشتري اصواتهم, ويثبت لهم انه اجدر من نتنياهو في قيادتهم خلال المراحل المقبلة, والحكومة التي شكلها نفتالي بينيت تساعده على ذلك, وما يسمى بوزير خارجية «إسرائيل» يائير لابيد والمصنف انه من حزب الوسط قال، إن حل الدولتين غير قابل للتطبيق في الوقت الراهن, هذا الموقف كان مطلوبا منه كي يستطيع نفتالي بينت تسويق حكومته لدى الاسرائيليين المتطرفين, وحالة التناغم بين بينت ولابي دهى حالة مؤقتة تحكمها ضرورة هذه المرحلة, وقد نشهد صداما بينهما على غرار ما حدث سابقا بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس, وما يجمعهما ليس اكثر من اسقاط نتنياهو ومنعه من العودة لرئاسة الحكومة الصهيونية مستقبلا .
امام سياسة نفتالي بينت وحكومته, والقصف الذي تعرض له قطاع غزة بالأمس, واعادة شاحنات الوقود التي كانت موجهة الى شركة الكهرباء, وتقليل مساحة الصيد في عرض البحر في قطاع غزة الى الحد الادنى, يصبح لزاما على المقاومة ان تتحرك للدفاع عن شعبها, وعدم الالتفاف على شروطها التي فرضتها على الاحتلال الصهيوني في اعقاب ملحمة سيف القدس, فالاحتلال مني بهزيمة, واستجدى الوسطاء لوقف المعركة, ووافق على شروط المقاومة الفلسطينية التي رعاها الوسطاء, واصبح الاحتلال امام مأزق كبير, فلم يستطع ان يسوق انتصاره على المقاومة, ولم يستطع ان يقنع الاسرائيليين انه حقق أياً من اهداف العدوان على قطاع غزة, واهتزت صورة الجيش الذي قيل عنه انه لا يقهر امام العالم, وامام الاسرائيليين على حد سواء, واي تنازل من حكومة بينت وتنفيذ شروط المقاومة يعني له الاقرار بالهزيمة, وهو ما يدفع حكومة بينت الى الالتفاف على شروط وقف العدوان, والاستعانة بالوسطاء للحفاظ على الهدوء لأطول فترة ممكنة, لان الجبهة الداخلية الصهيونية لا تتحمل معارك متتالية, ولا تملك القدرة على الصمود في ظل اوضاع متوترة واخطار تحدق بها, خاصة بعد ان وصلت صواريخ المقاومة لمسافة 240 كيلو متراً, ما يعني انها قد تطال كل الاراضي الفلسطينية المحتلة من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها, فلنحذر حكومة بينت من نفاد صبر المقاومة, لان المعركة القادمة ستكون اصعب من سابقاتها وستتشدد المقاومة بشكل اكبر في شروطها وستنقلب الاوضاع رأسا على عقب لان المقاومة دائما ما تستفيد من تجاربها, وتجربة التفاوض المريرة في اعقاب ملحمة سيف القدس ستدفع المقاومة لتبني سياسة تزامن الخطوات في أي معركة قادمة كي تضمن استثمار انتصارها.