على شواطئ تل أبيب وحيفا وعكا ومدن فلسطينية أخرى محتلة, ظهرت صور لمتنفذين ومسؤولين ومحافظين لدى السلطة الفلسطينية وهم يستجمون على شواطئ البحار هناك, لتجديد نشاطهم وحيويتهم قبل العودة الى مكاتبهم ومزاولة اعمالهم «المرهقة» هؤلاء اصحاب بطاقات ال (VIP ) والذين حازوا عليها بفضل التنسيق الامني واعمال التجارة الحرة بالشراكة مع رجال اعمال صهاينة تدر عليهم ملايين الدولارات, هؤلاء يعيشون في برجهم العاجي, وينظرون الى الشعب الفلسطيني من شرفات قصور شاهقة فيخيل اليهم الناس كأنهم «فسافس» صغيرة لا وزن لهم ولا قيمة, حتى انهم رأوا في قتل الشهيد المغدور نزار بنات مجرد خطأ لا يتطلب محاسبة المسؤولين عن قتله, ورأوا في قضية استيراد لقاحات فاسدة من الاحتلال لتطعيم الفلسطينيين بها ليست اكثر من خطأ غير مقصود ولا يجب ان يأخذ اكثر من حجمه ويتم محاسبة المسؤولين عنه, ورأوا في تلاعب البعض وابرام صفقات مع الاحتلال في قضية اموال المقاصة واستيراد العجول وغيرها ليس اكثر من بحث عن مصالح وتذليل لعقبات ولا يمكن محاسبة المسؤولين عليه, لقد تغول هؤلاء «تجار الأوطان» والسماسرة وتعالت طموحاتهم ليطمعوا في تولي السلطة وإدرة شؤونها, والالتقاء بمسؤولين امريكيين وزعماء اقليميين, لان السلطة تنهار والبديل عنها فصائل المقاومة وهذا غير مقبول اسرائيليا وامريكيا واقليميا ودوليا, لذلك يجب تعزيز شرعية السلطة بزيادة دكتاتوريتها وقمعها وفرض سياسة الامر الواقع بالقوة.
الضفة تحت القتل, والشهداء يرتقون برصاص جنود الاحتلال الصهيوني دون ان نسمع حتى مجرد كلمة شجب من السلطة الفلسطينية, في الشهر الماضي استشهد ثلاثة عشر فلسطينيا في الضفة المحتلة برصاص جنود الاحتلال, ولم نسمع موقفا من السلطة لمحاسبة الاحتلال على جرائمه, وفي هذا الاسبوع فقط استشهد ثلاثة فلسطينيين برصاص جنود الاحتلال ولم نسمع موقفا من السلطة ولم تر إجراء يؤدي مثلا الى وقف التنسيق الامني «المقدس» ولو بشكل مؤقت كنوع من الاحتجاج على ممارسات جنود الاحتلال, كما أن بلدة بيتا جنوب نابلس تواصل فعالياتها السلمية لحماية البلدة من الاستيطان, وكل يوم نسمع عن عشرات الاصابات برصاص قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال, وأول امس الاثنين اندلعت مواجهات خلال اقتحام قوات الاحتلال والمستوطنين لمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة بذريعة أداء طقوسهم التلمودية في قبر يوسف عليه السلام, دون ان يكون للسلطة أي موقف من هذا الاجتياح الصهيوني, حيث توغلت دوريات الاحتلال ترافقها جرافة عسكرية واقتحمت المنطقة الشرقية، وانتشرت في محيط قبر يوسف، وشرعت بعمليات تمشيط. ودارت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين الذين أغلقوا شارع عمان بإطارات الكاوتشوك المشتعلة، ورشقوا دوريات الاحتلال بالحجارة، فيما أطلق الجنود قنابل الصوت والغاز نحوهم ولم تتحرك اجهزة امن السلطة لمواجهة التوغل الصهيوني, كما اندلعت مواجهات واشتباكات مسلحة في مدينة جنين، خلال اقتحام قوات الاحتلال المدينة لتنفيذ عمليات دهم واعتقال, ولم تحرك اجهزة امن السلطة ساكنا.
تمرير سياسة القتل واستهداف الفلسطينيين يتيح المجال لجنود الاحتلال لممارسة هواية القتل بنهم اكبر, فالفلسطيني بالضفة يشعر ان ظهره مكشوف, وان السلطة لا تحميه, بل تقوم بجلده وتشخيصه للاحتلال لينكل به كيفما يشاء, والسادة المسؤولون الذين يستجمون داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة على شواطئ البحار, لا يدركون ان رصيدهم ينفد في الشارع الفلسطيني, وان الهوة تتسع بينهم وبين شعبهم, وانهم في يوم ما سيحاسبون على فسادهم وتفريطهم في حقوق شعبهم, الضفة تتعرض لأخطر موجة تهويد واستيطان, وموقف رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينت من الاستيطان واضح وصريح, وهو يدعو الى تكثيف الاستيطان في المناطق «ج» التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية, وكان قد دعا لقتل «الإرهابيين» الفلسطينيين ويقصد الاسرى وليس إطلاق سراحهم، كما قال إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال، لأنه «لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا» ويرى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله، كما يعتبر من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية, فهذه هي قناعاته الواضحة, والتي لا يخجل منها ولا يخفيها, ورغم ذلك نجد ان السلطة الفلسطينية لا زالت متمسكة بخيار التسوية, وترفض أي خيارات اخرى لمقاومة الاحتلال وانتزاع حقوقنا منه, وتظن ان الادارة الامريكية ستجبر بينيت على حل الدولتين وتقسيم القدس والتعايش المشترك, ذلك لأنهم يعيشون الوهم ويتوسمون الخير في امريكا وربيبتها «اسرائيل», فمتى ستستفيقون يرحمكم الله وتحمون شعبكم بدلا من الرهان على سراب السلام المزعوم.