لا شيء يصف حالة فتاة، عاشت معظم سنوات تعليمها دون أب، يأخذ بيدها إلى المدرسة، أو يرافقها في تسوق احتياجات بدء العام الدراسي، أو يقبل جبينها عند كل مرة تجتاز مرحلة دراسية، متفوقة وحاصلة على مركز متقدم.
الطالبة رحيق جردات من بلدة السيلة الحارثية بالضفة المحتلة، أمضت سنوات الدراسة دون أب، فوالدها الأسير المحرر خالد جرادات قد أمضى ما يزيد عن عمرها في سجون الاحتلال، إذ تم اعتقاله عشرات المرات منذ انتماءه لحركة الجهاد الإسلامي.
رحيق حصدت معدل (99.1%) بالفرع العلمي، متحدية بذلك الظروف النفسية الصعبة التي تركها الاحتلال لفتاة خاضت معظم سنوات الدراسة، وذهنها مشغولًا ما بين التعليم ووالدها القابع خلف القضبان.
تعبر رحيق عن فرحتها وابتهاجها بالتفوق في الثانوية العامة، وتقول لـ "شمس نيوز"، إن لحظات ظهور النتيجة كانت مؤثرة جدًا إذ كان جميع أفراد العائلة ينتظرون على أحر من الجمر، ليشاركوها فرحة النجاح التي كانت ثمار جهود سنة كاملة من الدراسة.
وتضيف جرادات "عند ظهور النتيجة بدأ أخي الكبير هادي بالرقص ابتهاجًا بحصولي على درجة عالية، في هذه اللحظة نزلت دموع الفرح منا جميعًا، وسجدنا شكرًا لله على هذا النجاح والتوفيق".
وأهدت جرادات نجاحها لوالدها الذي أمضى (18 عامًا)، من زهرة شبابه في سجون الاحتلال، الأمر الذي جعل رحيق تزداد إصرارًا واجتهادا للحصول على أعلى الدرجات والتفوق في الثانوية العامة، لتدخل الفرحة على قلب والدها الذي عانى طوال حياته من مرارة السجن وظلم الاحتلال.
وأشارت جرادات إلى دور والدها الكبير في نجاحها، فكان خير سند ومعين لها بعد الله عز وجل، وكان شريكها في الدعم المعنوي والمادي لتكمل مسيرتها ولتحصد أعلى الدرجات في اختبارات الثانوية العامة.
من ناحيته، يقول أبو اياد والد رحيق، إنهم كانوا يتجهزون في ساعات الصباح لاستقبال نتيجة ابنته، التي اعتادوا عليها متفوقة خلال سنوات دراستها، إذ كانت تتراوح معدلاتها من 98-99% وعند ظهور النتيجة سجدنا شكرًا لله على هذا النجاح، فنسينا التعب والعناء والجهود التي بذلناها مع رحيق فهي لا تساوي شيئًا أمام فرحة النجاح.
وأضاف جرادات "طموحي أن يكون أبنائي من الناجحين في حياتهم الفكرية والأكاديمية، ولهم الحرية والاستقلالية في أن يختار الإنسان طريقه ويكون له استقلال في الحياة، وهم قدوة لأهالي الحي في الاخلاق والعلم".