بقلم/ محمد عايش
لدى حركة الجهاد الإسلامي رؤية مهمة واستثنائية تستحق أن يدرسها الفلسطينيون جيداً، كما تستحق أن تستمع اليها الفصائل كافة على اختلاف توجهاتها، بما فيها بطبيعة الحال حركتي فتح وحماس المنشغلتان بالانقسام البيني منذ أكثر من 15 عاماً، وهو الانقسام الذي تسبب بعطلة سياسية شاملة ومفتوحة وجعل الفلسطينيين عالقين في عنق زجاجة لا أحد لديه وصفة للخروج منه.
رؤية حركة الجهاد الإسلامي عبر عنها الأمين العام زياد النخالة في حوار موسع ومفتوح وغير مسبوق مع "عربي21"، وهو الحوار الذي فتح فيه النخالة العديد من الملفات، سواءً ما كان منها سياسي حدثي عابر أو ما كان منها استراتيجي يتعلق برؤية الحركة للصراع مع الاحتلال ورؤيتها للتعامل مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والانقسام الداخلي ومستقبل المشهد الفلسطيني على وجه العموم.
أهم ما في رؤية حركة الجهاد الإسلامي وبرنامجها السياسي واستراتيجيتها في المقاومة والسياسة هو أنَّ لديها أجوبة على كل سؤال يُمكن أن يطرحه الفلسطينيون، وهذا يعيد الى الأذهان والذاكرة ما كتبه القيادي والمؤسس في حركة فتح صلاح خلف (أبو إياد) عندما شرح في كتابه "فلسطيني بلا هوية" كيف أن حركته وجدت نفسها فجأة في أواخر الستينيات من القرن الماضي وهي تواجه العديد من الأسئلة الاستراتيجية التي لا جواب لها ولم يتم الاتفاق على كيفية التعاطي معها، وهذا طبعاً ما يُفسر كيف ذهبت منظمة التحرير الى برنامج "النقاط العشر" في العام 1974، وذهبت الى إعلان الدولة دون أن توجد الدولة في العام 1988، ومن ثم ذهبت الى القبول بأراضي الـ67 والقبول بمبادرات وقرارات دولية مختلفة ومتباينة، وكل ذلك بسبب غياب الرؤية الواضحة والاستراتيجية البيّنة.
بحسب مقابلة النخالة مع "عربي21" فان حركة الجهاد ترى بأن تحرير فلسطين عبر مسار المفاوضات أمر مستحيل، وأن الطريق الوحيد للحصول على الحق الفلسطيني بكله أو بجزء منه هو عبر "تغيير موازين القوى"، ويُفسر النخالة ذلك بأن على الفلسطينيين أن يواصلوا المقاومة حتى وإن لم يكن لديهم القدرة على هزيمة المحتل، إذ أنهم يجب يتحولوا الى مشكلة أو أزمة للاحتلال، وعندها على الاحتلال أن يطرح المبادرات لحل مشكلته.
كما ترى حركة الجهاد أن مسار المفاوضات الفاشل الذي ظهر في مآلات "أوسلو" يؤكد صحة استراتيجيتها ورؤيتها وخطأ الاستراتيجية الأخرى، إذ لم ينجح مسار "أوسلو" وما تبعه في تأسيس دولة فلسطينية ولا في تحقيق الاستقلال للفلسطينيين ولا بزوال الاحتلال، أي أن المسار الذي تتبناه منظمة التحرير قد ثبت فشله ولم يعد مقبولاً اليوم النقاش فيما إن كان من الممكن أن يحقق أهداف الفلسطينيين أم لا.
ثمة العديد من المحاور المهمة والمثيرة في رؤية حركة الجهاد، ومن بينها أيضاً ملف علاقاتها الدولية وخاصة العلاقة مع إيران، وهنا تقول الحركة بكل وضوح بأن طهران تُقدم الدعم المادي والسياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال فهل يوجد عاقل يُعادي من يُقدم له الدعم والمساندة؟!. هذا فضلاً عن أن بعض الأشقاء العرب يحاصرون الفلسطينيين ويعتقلونهم وفي نفس الوقت يطلبون منهم معاداة إيران!
في المشهد السياسي الفلسطيني ثمة أزمة خانقة ومعقدة أطرافها هما الحركتان الرئيسيتان: فتح وحماس، وفي الوقت نفسه ثمة تيار ثالث لم يتورط في هذا الانقسام وهو "الجهاد الإسلامي"، ولدى هذا التيار رؤية مهمة واستراتيجية تستحق أن تُدرس، وعليه فيُمكن لهذه الحركة أن تلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية الفلسطينية، بل يجب أن تلعب هذا الدور.