بقلم/ خالد صادق
قبل اسابيع قليلة أعادت سلطات الاحتلال الصهيوني ثمانية وعشرين عربة محملة بالسولار القطري مخصصة لتمويل محطة الكهرباء «المتهالكة» في قطاع غزة, ولم تظهر سلطات الاحتلال الصهيوني أي مبررات لإرجاع عربات الوقود, وعندما حدث ذلك أطلقت البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه منطقة الغلاف الحدودي فاضطرت سلطات الاحتلال في اليوم التالي لإدخال كميات الوقود المرجعة, بعد ان شعرت بأن فصائل المقاومة الفلسطينية جادة في تهديداتها بمواجهة خطوات الاحتلال التصعيدية بتشديد الحصار الصهيوني على قطاع غزة, وانها تملك من اوراق القوة ومن الخيارات ما تستطيع به ان تضغط على الاحتلال الصهيوني لتنفيذ شروط ومطالب المقاومة بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة كنتيجة طبيعية لما خلصت اليه معركة سيف القدس البطولية التي فرضت معادلات جديدة على الاحتلال الصهيوني تعهد للوسطاء بأن يلتزم بها.
بالأمس أعلنت اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع لقطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، تراجع الاحتلال الإسرائيلي عن إدخال بضائع إلى القطاع بعد أن كان منذ أيام أبلغ بالسماح بالبدء بإدخالها, وبحسب اللجنة، فإن البضائع تحتوي على 34 سلعة، جميعها تتعلق بالهواتف الخلوية والحواسيب ومستلزمات التكنولوجيا والإنترنت, ويبدو ان هذه سياسة عقابية متبعة لدى الاحتلال بحق التجار الفلسطينيين في قطاع غزة تحديدا, وهذه السياسة الصهيونية ليست جديدة ولا مستحدثة, فهو ينتهجها منذ امد بعيد خاصة في تنفيذ الاتفاقيات بينه وبين السلطة الفلسطينية, حيث يتراجع في اخر لحظة عن تنفيذ ما تعهد به, وكأنه يريد ان يصدر الاحباط واليأس الى الطرف الاخر, فهو تعهد للوسطاء بتنفيذ ما تم التوافق عليه في اعقاب ملحمة سيف القدس البطولية, ولكن قبل ان ينزل الماء الى الفم الظمآن, يقوم الاحتلال بقطع الماء تماما, وهذه سياسة متبعة.
قطاع غزة الذي يعاني من ندرة الوظائف الحكومية, وعدم قدرة الحكومة «ماليا» على استيعاب المزيد من الموظفين, يفتقد لأدنى مقومات النجاح للمشاريع الخاصة, وذلك في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة, سواء الحصار المالي او التجاري, وهذا يفاقم من معاناة الغزيين الى حد كبير, في نفس الوقت الذي امتنعت فيه جل الدول العربية بشكل رسمي عن تقديم اية مساعدات مالية او عينية للغزيين, حتى المنحة القطرية الممنوحة للأسر الفقيرة والمحتاجة منعوا إدخالها إلى قطاع غزة, ليعاني سكان القطاع من اسوء موجة حصار مفروض عليهم منذ خمسة عشر عاما, في نفس الوقت الذي نسمع فيه ان رجل اعمال عربي اماراتي يقدم دعما ماليا للأسر الاسرائيلية الفقيرة, تلك الاسر التي تنتهك حرمة ارضنا ومقدساتنا وتقيم بيوتها فوق اراضينا المغتصبة, ولا تنفك عن قتل وملاحقة الفلسطينيين اينما وجدوا واينما كانوا وتمارس كل اشكال القهر والظلم بحقهم.
سياسة ارجاع البضائع بعد وصولها الى معبر كرم ابو سالم التي ينتهجها الاحتلال, ومحاولاته لقهر التجار واذلالهم تدل دلالة قاطعة على اقذر الوسائل التي ينتهجها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين, فهناك من التجار من اعلن افلاسه وعدم قدرته على الاستمرار بمشروعه التجاري, وهناك من تعرض لخسائر مادية جسيمة, وهناك من ينتظر ساعة الفرج ودخول البضائع الى قطاع غزة, لكن هذا الواقع الصعب الذي نعيشه يتطلب الضغط من فصائل المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الصهيوني المجرم, لمواجهة سياسته العقابية المتصاعدة ضد شعبنا الفلسطيني, فأصحاب البيوت المهدمة ينتظرون دخول مواد الاعمار, لتشييد بيوتهم مجددا والعودة اليها, وقطاع البناء لدينا متوقف تماما منذ ملحمة سيف القدس البطولية, وقطاعات كهربائية والكترونية متوقفة تماما لعدم ادخال المستلزمات الكهربائية والالكترونية اللازمة والازمة تكبر وتشتد.
اوجاع التجار الفلسطينيين لا تكاد تنتهي, ولولا فتح معبر رفح لإدخال الحد الادنى من البضائع لقطاع غزة لتعرضنا لكارثة حقيقية, «اسرائيل» تفتح لنا متنفساً صغيراً جداً يبقينا في حالة وجع وعوز دائم وهى وسيلة ضغط غير انسانية الغرض منها الضغط على المقاومة لإطلاق سراح الجنود الصهاينة لديها, وهى تعتقد انها ستنجح في ذلك, فاستمرار الضغط قد يولد الانفجار حسب رؤيتهم, لكن المقاومة قد ينفد صبرها قبل ان ينفد صبر الغزيين, وقد تلجأ الى معركة جديدة مع الاحتلال الصهيوني, معركة ستطول الى ان يتحقق الهدف منها, ولن تنتهي فصول هذه المعركة الا برفع الحصار كاملا عن قطاع غزة وفي وقت متزامن يلبي شروط المقاومة.