آن الاوان أن يتساءل الشعب الفلسطيني عن مكانة فلسطين لدى حركة طالبان والشعب الافغاني المسلم, طالبان التي أجبرت الامريكان وقوى البغي والعدوان الخارجية على الاندحار عن افغانستان, وباتت تتحكم في المشهد الافغاني, وتدير البلاد بشكل فعلي بعد فترة قتال طويلة مع الاحتلال الامريكي, امتدت لأكثر من 19 عاما منذ إبعادها القسري عن السلطة, امريكا تخلت كعادتها دائما عن حليفها الاستراتيجي الرئيس الافغاني اشرف غني, وفي مشهد لم يتخيله عقل هرب حلفاء امريكا وعملاؤها في افغانستان الى مطار كابول « اكثر من 30 الف» خوفا من محاسبتهم على يد طالبان, وقد منعهم عناصر الامن الامريكيين المتواجدين في مطار كابول للمغادرة عبر طائراتهم الخاصة, من استقلال الطائرات للهرب, وأطلقوا عليهم الرصاص, وقتلوا عددا منهم, وتشبث بعضهم في الطائرات وهي مقلعة فكان مصيرهم الموت الحتمي في مشهد «مرعب» لم نره من قبل الا في افلام «الاكشن الرامبوية» الامريكية, واثبتت امريكا لحلفائها «الضعفاء» وللمرة المليون انها لا تحمي حلفاءها عندما يقعون, وسرعان ما تتخلى عنهم, فما يربطها بهم هو مصلحة وقتية تنتهي بانتهاء نفوذهم في البلاد, فمن يراهن على امريكا كمن يراهن على ان يروي عطشه من السراب, ولعل هذا الفعل الامريكي يمثل انموذجا امام حلفاء امريكا وخاصة الزعماء العرب الذين يعادون شعوبهم لأجل رضا الادارة الامريكية عنهم, والتخلي عن قضيتهم المركزية فلسطين وعن ثروات بلادهم والتحالف مع العدو الصهيوني لإرضاء امريكا.
في حقبة سابقة من مواجهة الافغان للاحتلال السوفيتي تجند عشرات آلاف من العرب للدفاع عن افغانستان بتشجيع من انظمتهم العربية, وذلك في اطار الانحياز للسياسة الامريكية التي كانت تخشى من تضرر مصالحها وتراجع نفوذها اذا ما سيطر الاتحاد السوفيتي على افغانستان, وبعد اندحار الاتحاد السوفيتي عن افغانستان جاء الاحتلال الامريكي لافغانستان بذريعة محاربة الارهاب, لكن الموقف الرسمي العربي تحول بتحول المستعمر, وبات العربي الذي يقاتل في افغانستان «ارهابيا» ومطلوبا للسلطات وملاحقاً في كل مكان, ونحن نذكر بهذا ليس من باب التقييم لمرحلة ما, انما لاستدعاء حكومة افغانستان الجديدة والشعب الافغاني العظيم لرد الجميل وذلك بنصرة القضية الفلسطينية, ونحن لا نستعجل الامور, ولا نطالب بالقتال الافغاني في فلسطين, لكننا نريد ان نرى ونسمع مواقف رسمية امريكية مؤيدة للحقوق الفلسطينية, خاصة في ظل هذا التخلي العربي والاسلامي والدولي عن القضية الفلسطينية, ومحاولة الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني ومحاصرته, ووقف كل اشكال الدعم المالي والاقتصادي والعسكري عنه, فاين هي مكانة القضية الفلسطينية في أيديولوجية حركة طالبان الفكرية, وهل لها حضور, نحن لا نستعجل الامور لكننا نقرأ الافكار والتوجهات, فالجمهورية الاسلامية الايرانية عندما انتصرت ثورتها, اظهرت سياستها تجاه القضية الفلسطينية منذ اللحظة الاولى عندما تم اسقاط العلم الاسرائيلي ورفع العلم الفلسطيني مكانه, وهي لم تكن تخشى امريكا والمجتمع الدولي, وطالبان ايضا منتصره على الامريكان وحلفائها وهي لا تخشاها او تخشى المجتمع الدولي, لذلك لا زلنا ننتظر موقفا من طالبان عما يجري في فلسطين والقدس والمسجد الاقصى المبارك وموقفها من جرائم الاحتلال الصهيوني.
وسائل الاعلام المختلفة تحدثت عن مهاتفة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، للملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي لحركة «طالبان»، مهنئا «بزوال الاحتلال الأمريكي عن أفغانستان». وقال هنية، إن «زوال الاحتلال (الأمريكي) عن التراب الأفغاني هو مقدمة لزوال كل قوى الظلم، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي عن أرض فلسطين».
وقالت حركة حماس في بيان لها إنها «تؤكد على أن زوال الاحتلال الأمريكي وحلفائه، يثبت بأن مقاومة الشعوب وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني المجاهد موعدها النصر وتحقيق أهدافها في الحرية والعودة بإذن الله», كما هنّأت حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، «الشعب الأفغاني العزيز بتحرير أراضيه من الاحتلال الأمريكي والغربي».
وقالت في بيان لها إن «الشعب الأفغاني المسلم سطّر أعظم البطولات الجهادية ضد كل الغزاة على مر تاريخه المشرّف», وتعتبر هذه خطوة مهمة لحماس والجهاد الاسلامي تجاه طالبان, تؤكد على الآمال والتطلعات الفلسطينية تجاه حركة طالبان والشعب الافغاني, فهل نشهد خطوة مماثلة من طالبان تجاه فلسطين, وحتى لا نخدع انفسنا علينا ان نعترف ان فلسطين لم تأخذ مكانتها المأمولة والمرجوة في الفكر الافغاني, وهناك دور مهم على حركتي حماس والجهاد الاسلامي بضرورة مخاطبة الشعب الافغاني والقيادة الافغانية الجديدة, والتركيز على مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية والاسلامية, والتأسيس لعلاقة وطيدة رسمية وشعبية بين افغانستان وفلسطين وهو ما نأمل بأن يتحقق قريبا.