***هُنا بين أحياء مدينة "غَزَّة"، في كَنَف عائلة فيّاضةٍ بالعطاء والحب، وهب الباحث والصّحفي (محمد صلاح السيقلي) مهنتهُ كلّ الشغف، إلى أن قدّم إنجازاً مميزاً هو الأول في عالم الصحافة العربيّة هو جمع المعلومات بشأن صحافة الحلول تحديداً. تختلف صحافة الحلول عن الصحافة التقليدية بأنها لا تكتفي فقط بطرح المشكلات المجتمعية الراهنة، بل أيضاً تتجه لوضع الحلول لهذه المشكلات. وتهدف لإشراك المجتمع بإيجاد منافذ للعقبات التي قد تواجهه، وهي كذلك ترصد تفاعل الأفراد وتهتم بالرأي العام. في ضوء ذلك، قام الباحث محمد السيقلي بإعداد بحث حول موضوع صحافة الحلول التي لم يسبق أن أُجري عليها دراسة سابقاً في البلاد العربية، فكانت الأولى والفريدة من نوعها، فنال عليها درجة الماجستير في الصحافة من الجامعة الإسلامية في غزة. وجاءت الرسالة تحت عنوان " تَوْظيف المَواقعِ الإِخْباريَّةِ الفِلَسْطينيَّةِ لِصِحافَةِ الحُلولِ فِي مُعالَجَةِ المُشْكِلاتِ المُجْتَمَعَيةِ"، حيث سلّط الضوء على النهج الجديد من الصحافة، فوقع على أبحاثٍ أمريكية وفرنسية نادرة وحديثة تعنى بصحافة الحلول، وعليه قرر البحث في هذا النهج، وقد تواصل مع غرف التحرير في صحف أمريكية وفرنسية شهيرة مثل: صحفية واشنطن بوست ونيويورك تايمز، إلى جانب التواصل مع عدد من الباحثين الأجانب الذين كتبوا في صحافة الحلول، وبدأت الفكرة تتبلور شيئاً فشيئاً وقام بمساعدته البروفيسور جواد الدلو، بترجمة عشرات الدراسات، وأجروا عشرات المقابلات، ودققوا كثيراً من المعلومات والإحصائيات والبيانات، حتى نضجت الفكرة فكانت أول دراسة عربية تعنى بصحافة الحلول. وإن وما شجعه أكثر لإجراء البحث هو أن تلك الدراسة كانت الأولى عربياً فشعر بكثيرٍ من المسؤولية اتجاه هذا النوع من الصحافة، الذي قد يحدث فرقاً في التعاطي مع المشكلات، لاسيما أن البيئة العربية مليئة بالمشكلات وتحتاج إلى نهج جديد يتعاطى مع تلك المشكلات من خلال التركيز على الحل وليس المشكلة.
مُحمد صلاح السيقلي ابن فلسطين البالغ من العمر 33 عاماً، ولد وترعرع في قطاع غزة في حي "الشجاعية"، ثم انتقل في عام 2003 للعيش في حي تل الهوى غرب المدينة، واستقر في هذا الحي حتى اللحظة. وتأثر السيقلي بكثيرٍ من الأحداث السياسية والميدانية التي عاصرها كبداية الانتفاضة الأولى، والثانية. وكان دائماً يُطالع الأخبار ويؤمن بفكرة التحرر الوطني والانعتاق من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول سرقة ماضينا، وحاضرنا ومستقبلنا ولا يتوقف عن القتل وارتكاب المجازر وتزييف الحقائق، فكان لديه منذ الطفولة شغف بأن يُصبح صحفياً ينقل الحقيقة ويجابه الرواية الصهيونية.
درس مُحمد الإعدادية في مدرسة يافا الثانوية للبنين شمال مدينة غزة، أما الثانوية فتنقل فيها بين ثلاث مدارس وهي :معهد الأزهر الديني (القاهرة – غزة) ومدرسة زهير العلمي الثانوية ومدرسة الكرمل الثانوية وقد تركت المدرسة الأخيرة فيه أثراً كبيراً، نظراً لاحتوائها على نخبة من المدرسين، الذين أثروا إيجاباً بالطلبة، وحصل على درجة البكالوريوس عام 2012 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الأزهر قسم (اللغة عربية والإعلام)، وقد استفاد من هذا التخصص في حياته المهنية كثيراً، كونه يدمج بين اللغة العربية والإعلام.
وفي السنة الرابعة من دراسة البكالوريوس اجتاز السيقلي الكثير من الدورات التي تعنى بالصحافة كالمراسلة والتحرير الصحفي وإنتاج الأفلام الوثائقية والمناصرة الصحفية للفئات الهشة وفنون التحقيقات الصحفية، كما حصل على فرص تدريب في عددٍ من المؤسسات، منها (مؤسسة الرسالة للإعلام، وشبكة البراق الإعلامية، ووكالة استبيان ايست). وعمل أثناء الدراسة مراسلاً لصحيفة "جدة" الإخبارية - السعودية، إلى جانب عمله في صحيفة الاستقلال – غزة. وبعد إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية التي تُسلّط الضوء على الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة مثل: بقعة أمل الذي انتجه لصالح (منتدى شارك الشبابي – ) 2007، الذي سلّط الضوء على النماذج الإنسانية التي تتحدى العدوان والحصار الإسرائيلي، أعدّ سيناريو في عام 2008 لفيلمٍ بالتعاون مع فريق (إعلاميون من اجل حقوق الإنسان) حيث كان يعنى بتسليط الضوء على المبادرات الشبابية الناجحة بعنوان spot8 . ومن ثمّ عَمِل مُحمد السيقلي بالتحرير والمراسلة الصحفية في عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية يعمل الآن مديراً لدائرة التدريب والتطوير في التجمع الإعلامي ومديراً لوكالة شمس نيوز الإخبارية، ومدرباً في علوم الاعلام والاتصال.
كان الدافع الأول الذي شجعه للخوض في مهنة الصحافة أنه اعتبرها رسالة قبل أن يكون عملاً وظيفياً وهو محاولة نقل الرواية الفلسطينية العادلة إلى العالم اجمع ومواجهة ومجابهة الرواية الإسرائيلية القائمة على الكذب والخداع والتزييف. وأكدّ أن هناك ظلم كبير يقع على شعبنا الفلسطيني في سياق صراع الروايات. وللأسف الرأي العام العالمي مغيّب عن الحقيقة، فحاول قدر الإمكان نقل الحقيقة، لذلك نجده يتواصل احياناً مع كثيرٍ من الأجانب عبر شبكات التواصل الاجتماعي مُحاولاً لإقناعهم بالرواية الفلسطينية التي تتعرض لتزييف ممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي ويجد أن الإعلام أداة مهمة من أدوات الصراع، لذلك يتمسك بتلك المهنة التي رأى أنها قادرة على تغيير الرأي العام العالمي واقناعه بحقوق شعبنا. كذلك عمل مُحمد السيقلي في مجال العمل التطوعي والذي اعتبره معيار تقدم المجتمعات، وعلامة مهمة من علامات تعافي وتعاضد وتماسك المجتمعات، وآمن بالعمل التطوعيّ كظاهرة إيجابيّةً، ونشاط إنسانيّ مُهم، وأنه أحد المظاهر الاجتماعيّة السّليمة؛ كونه يُساهمُ في تعزيزِ قيم التّعاون بين افراد المجتمعات، ولإيمانه بتلك المبادئ شارك في الكثير من الأعمال التطوعية المجتمعية مثل حملات مناصرة الفئات الهشة، وتقديم العون والمساعدة لهم.
في الحديث حول المواقع الإخبارية الفلسطينية، فقد وجد السيقلي ضعفاً في تناول "صحافة الحلول" لدى غرف التحرير، وعدم الالتزام بمحددات ومعايير صحافة الحلول، وأكد أن ذلك يعود إلى العديد من الأسباب منها حداثة نهج "صحافة الحلول" الذي يقوم على آليات ومعايير ومحددات تحكم موضوعاته وغياب المعرفة الكافية للصحفيين الفلسطينيين في هذا النوع من الصحافة. وكذلك تركيز مواقع الدراسة على التغطية الخبرية أكثر من التغطية المتعلقة بـ"صحافة الحلول"، كون الأراضي الفلسطينية نشطة سياسياً، وميدانياً.
وإن غياب المختصين في "صحافة الحلول" والأقسام المتخصصة داخل مواقع الدراسة، ترك أثراً سلبياً على التعاطي مع هذا النوع الجديد من الصحافة. والجدير بالذكر أن عدم اهتمام أكاديميات الصحافة العربية بصحافة الحلول من جميع النواحي، وغياب التدريب الإعلامي في هذا المجال من قبل مؤسسات الإعلام، والمؤسسات ذات العلاقة. وأخيراً، فإن غياب المؤسسات المتخصصة بصحافة الحلول في المنطقة العربية هو ما أضعف الاهتمام بهذا النوع من الصحافة. وهو ما يحالو شخصيا تداركه من خلال عمله الحالي مديراً لوكالة شمس نيوز الإخبارية، ومديراً لدائرة التدريب والتطوير في التجمع الإعلامي، ومدرباً في مجال الاعلام والاتصال. ويذكر أنه خلال 13 عاماً من عمله في الإعلام قدم العديد من الأمور المهمة، فعلى صعيد البحث العلمي استطاع لفت انظار الباحثين وغرف التحرير للمدربين في مجال الصحافة إلى أسلوب ونهج صحافة الحلول وكذلك قدم تدريبات متقدمة في التحرير الصحفي، استفاد منها الكثير من طلبة الإعلام.
من جهتنا في مؤسسة الإبداع الفلسطيني الدولية نود ان نشد على يد الأستاذ محمد السيقلي ونؤكد على ضرورة تعميم ونشر المعرفة بصحافة الحلول ودعم امكانيات تدريسها في الكليات المختصة ومن خلال الدورات التدريبية للصحافيين. ونود ايضا ان نتوجه باجمل ايات التبريك للاستاذ محمد السيقلي على نيل شهادة الماجستير ونحن بانتظار دراسة جديدة بنال من خلالها درجة الدكتوراة.