لقاء الخطيئة الكبرى الذي جمع وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس برئيس السلطة محمود عباس, لم يحدث على هذ المستوى منذ نحو عشر سنوات, فقد كانت السلطة ترفض مثل هذه اللقاءات طالما انها لن تأتي بجديد في ملف التسوية الهزلي, لكن هناك متغيرات كثيرة دفعت السلطة كعادتها للتنازل لصالح الاحتلال, فمن يقود مسيرة التنازل هو حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية في السلطة, وماجد فرج مدير المخابرات العامة, وهما محل ثقة لدى رئيس السلطة وهو يعمل برؤاهما حرفيا, لأنه يعلم ان خسارتهما تعني خسارة كل شيء, فهما حمامة الوفاق بينه وبين "اسرائيل", ولان الحراك في الشارع الفلسطيني على اشده ضد محمود عباس ومحمد اشتية وحكومته, ودعوات الشارع الفلسطيني لهما بالاستقالة, وتنامي التظاهرات الرافضة لهما ولأدائهما السياسي بعد تفشى الفساد داخل السلطة بشكل غير مسبوق, كان لا بد من حماية الرئيس وحكومته وحاشيته, فجاءت التوجيهات من حسبن الشيخ وماجد فرج بعودة عباس لحضن "اسرائيل" والتنازل عن الشروط والقيود التي وضعتها السلطة للعودة للمفاوضات, واستغلال قناعة امريكا و"اسرائيل" بضرورة تعزيز مكانة السلطة في الشارع الفلسطيني بعد ان فقدت كل شيء, وتحسين وضعها المالي والاقتصادي حتى تستطيع ان تقوم بالتزاماتها المالية تجاه الفلسطينيين, وحتى لا تستفيد حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية من الحالة المزرية التي وصلت اليها السلطة في الشارع الفلسطيني, وتتصدر حماس المشهد كما حدث في قطاع غزة.
قبل لقاء رئيس السلطة محمود عباس بوزير الحرب الصهيوني المجرم بيني غانتس صدر تصريح عن رئيس السلطة وضع فيه حدا للمصالحة الفلسطينية, فقال ان حماس ان ارادت المصالحة فعليها ان تعترف بقرارات الرباعية الدولية اولا, رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري قال أن "الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب موافقة كتابية من حركة حماس على اعترافها بالرباعية الدولية لتشكيل الحكومة، واجاب الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم على مطالب عباس بالقول، إن الشروط التي يضعها الرئيس محمود عباس في ملف المصالحة الفلسطينية كانت على الدوام معيقا حقيقيا أمام إتمام عملية المصالحة، وإن تمسكه يزيد من تعميق الانقسام, وهذا معناه ان عباس حدد خياراته بوضوح, ولم يعد يخفي نواياه تجاه المصالحة, وهو يريد من حماس ان تتخلى عن نهجها السياسي والعسكري, وتسلك مسلكه السياسي السلمي الذي يستند الى التسوية كخيار استراتيجي ووحيد للحل, وهو يعلم تماما ان حماس لن توافق على ذلك بالمطلق, والغريب ان محمود عباس يمضي في ملف المفاوضات رغم تأكيد "اسرائيل" الدائم ان لا مفاوضات سياسيّة مع الفلسطينيين بتاتًا في عهد بينيت, وان الاجتماع تمحور حول الاقتصاد والشؤون المدنيّة وتعزيز التنسيق الأمنيّ, وكل ما خرج به اللقاء الهزلي بين عباس وبينت لخصه ما يسمى بوزير الأمن الصهيوني بتعهّده بتقوية اقتصاد السلطة وتعزيز التنسيق الامني والشؤون المدنية مؤكدا انه لم يطرح أي طرح سياسي في هذا اللقاء ولن يطرح ابدا.
أتدرون ما معنى هذا, معناه ان السلطة قبلت بان تتحول القضية الفلسطينية من قضية سياسية الى مجرد قضية انسانية, وهذا ما حذرنا منه دائما, السلطة تمضي نحو التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني, ولن تتوقف عن التنازل طالما انها تعيش داخل جلباب محمود عباس وحسين الشيخ وماجد فرج وزبانيتهم, وهى تطمع في كرم امريكا ودول الخليج العربي بان تغدق عليها من الخيرات ما يضمن ثراءهم وسلطانهم وسطوتهم ال الابد, وان كانت السلطة تظن ان الشعب الفلسطيني سيقبل ان يبيع قضيته مقابل تحسين وضعه المعيشي فهي واهمة, الشعب الذي يقدم كل هذه التضحيات لن يتراجع قيد أنمله عن حقه في فلسطين التاريخية, وانتم في السلطة تستغلكم "اسرائيل" مرحليا لتمرير مخططاتها التهويدية والاستيطانية في الضفة والقدس المحتلتين, ويبقى ان نقول انه تمّ عقد اللقاء بمشاركة منسق أعمال الحكومة الصهيونية الجنرال غسّان عليّان، وكل من وزير الشؤون المدنيّة حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينيّة، اللواء ماجد فرج, وطبقًا لمصادر عبرية فإنّ إعلان غانتس عن نيّة "إسرائيل" تقديم المُساعدات الاقتصاديّة للسلطة الفلسطينيّة هي عمليًا ترجمةً لتصريحات بينيت في واشنطن بأنّه لا ينوي بأيّ شكلٍ من الأشكال الشروع في أيّة مفاوضاتٍ سياسيّةٍ مع السلطة الفلسطينيّة، وهو على استعداد لبحث الأمور الاقتصاديّة فقط, فهل يعني هذا ان السلطة اسقطت الخيار السياسي تماما, واقتنعت بانها يجب ان تبحث عن حلول اقتصادية حتى لا تفقد ال "vip" ومشاريعها التجارية.