قائمة الموقع

حرية الأسرى تصنعها إرادتهم بأيديهم

2021-09-10T21:54:00+03:00
أسرى الجهاد بسجون الاحتلال.jpeg
بقلم/ محمد العبد الله

-إنّ العنف الاستعماري لا يريد المحافظة على إخضاع هؤلاء البشر المستعبدين فحسب، وإنما يحاول أن يجرّدهم من إنسانيتهم.

من المقدمة التي كتبها "جان بول سارتر" لكتاب معذبو الأرض لـ" فرانز فانون " .

-كل ما تدفعُه في المقاومة إذا لم تحصده في حياتك، فستحصل عليه لاحقاً، المقاومة جدوى مستمرّة.

الشهيد باسل الأعرج .

مدخل

أعادت العملية البطولية للفدائيين الستة الذين خرجوا للحرية، للشمس، وللعودة لمواقعهم في صفوف المقاومة، الأمل مجدداً لفكرة التحرر، ليس من السجن وحده،- رغم إعجاز كل مايتعلق بالتخطيط والتنفيذ والنجاح- بل، من الاستعمار الصهيوني للوطن . فقد أعادت نتائج العملية، الدماء للتدفق في شرايين كل من أصابه التردد والتلعثم عند الحديث عن المقاومة وديمومتها، وبأن الإرادة والإصرار على التحدي والمواجهة مع المستعمر، تؤكد أن " العين تقاوم المخرز".

أسبوع مضى على العملية الفدائية المميزة في" دُرة السجون الصهيونية ". لقد كُتب الكثيرعن مواصفات سجن جلبوع/الخزنة الحديدية، من حيث البنية التحتية،امتيازاته الالكترونية " كاميرات، مجسات "، السجانين، النظام الإداري، الأمني "المراقبة الداخلية للأقسام والممرات"، أبراج المراقبة الخارجية"، والأسوار. كما سال حبر كثير على الورق، للحديث عن خبرة إدارة مؤسسات السجون في الكشف عن أية محاولات سابقة لخروج الأسرى لفضاء الحرية، وفي قمع وإنهاء أي تحرك يؤدي للتحرر من السجن. وهناك في تواريخ السجون والمعتقلات الصهيونية، العديد من الشواهد. لكن عمليات انتصار السجين / الفدائي على السجان/المُستعمر، تكررت منذ بداية خمسينيات القرن الفائت، وكأمثلة : "تموز/ يوليو 1958، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الأسرى والسجّانين في سجن "شطة"، نجح خلالها 66 أسيراً في الخروج من السجن، واستشهد 11 آخرون، فيما قُتل جنديان من جيش العدو. وفي 18أيار/ مايو من عام 1987، نجح ستة أسرى من حركة "الجهاد الإسلامي" في التحررمن سجن السرايا وسط غزة في عملية استغرقت أسبوعاً كاملاً .

ديمومة المقاومة والاشتباك

أحدثت الطلقة القاتلة من مسدس فدائي بوجه أحد قناصة جيش الاحتلال في " طاقة / كوة / فتحة" بأحد جدران الاحتلال المحيطة بقطاع غزة المقاوم، وتحرر أسرى سجن جلبوع، زلزالاً عميقاً لن تتوقف ارتداداته على صعيد المؤسسة العسكرية والأمنية داخل كيان العدو، فقط، بل ستظهر تأثيراتها ،أيضاً، في دوائر صنع القرار داخل قمة الهرم السياسي، وداخل التجمع الحزبي، والإستيطاني، أيضاً . لهذا فإن التحليلات والتعليقات على ماحصل داخل جدران السجن وخارجه، مضافاً إليها ماتركته وراكمته نتائج "سيف القدس"،من استهداف لـ"المُقدس" لدى الكيان / الثكنة: المؤسسة العسكرية، ستؤدي إلى هزة عنيفة تضرب البناء النفسي للمستعمرين الصهاينة تجاه "جيشهم الذي لايُقهر"!.

لقد أحدثت فتحات صواريخ " سيف القدس" في مباني ومؤسسات مستعمرات المركز داخل الكيان، بالإضافة لما شهدته الأسابيع الأخيرة بالقطاع، وسجن جلبوع، تَصدعات عميقة في الأيديولوجيا التي قام عليها كيان الغزاة منذ عام 1948،لهذا، نجد في كلام المسؤول السابق بإدارة سجون العدو، "رامي عوفاديا"، "ما جرى، فشل يشبه خسارة "إسرائيل" في حرب عام 1973" إعترافاً كاملاً بالهزيمة. أما المدير السابق لسجن جلبوع "إيلي جاباي" فقد قرأ الحدث الاستثنائي في خروج الأسرى الستة للحرية، من زاوية مختلفة، "الأسرى الفلسطينيون انتصروا في حرب الأدمغة وكانوا أكثر إبداعاً من سجانيهم ".

إرادة الفدائي ، تنتصر

أمام الضخ الهائل عن العملية الفدائية في أجهزة الإعلام وعلى مواقع التواصل، فإن الحقيقة التي لاتخطئها العين، تُظهر أن الفدائيين الأسرى من حركة الجهاد الإسلامي في سجن جلبوع، هم من خطط وراقب على مدى سنوات ميدان العملية، وتوصل للتوقيت المناسب للتنفيذ، أول يوم من أيام أعياد اليهود للسنة العبرية الجديدة، خاصة، أن أحد قادة الحركة،الأسير الفدائي، المثقف والصلب "محمود عبد الله العارضه" الذي أمضى 25 عاماً في الأسر، لديه تجارب عديدة في محاولات انتزاع حريته من السجان. هنا، لابد من التذكير بأن أسرى الحركة، خاضوا على مدار عدة عقود، معارك عديدة مع السجان، لـ"كسر القيد" من أجل نيل حريتهم، نذكر منها " كيلي شيفع بتاريخ 2/1/1995"، "كفار يونا بتاريخ 4/8/1996"، " 4/7/1996عملية مُرَكبة في سجن جنيد، ثم سجن النقب ونال خلالها الشهيد القائد في حركة الجهاد الإسلامي: صالح طحاينة حريته في العام 1996م، وأصبح المطلوب الأول لأجهزة السلطة والاحتلال بعد تحرره من السجن، وتم اغتياله بطريقة بشعة في رام الله" ، و"عسقلان بتاريخ 12/7/"1996، و"عوفر برام الله المحتلة بتاريخ 22/5/"2003.

إن "كتيبة الحرية / كتيبة جنين الملحمة" كما وصفها بدقة وموضوعية، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين " زياد النخالة"، أكدت بانتصارها، هزيمة السجان، إسقاط منظومته الأمنية، وإلحاق العار بقيادات عسكرية واستخباراتية، تمرغت أوسمتها ونياشينها بالغبار الذي غطى أحذية أبطال الحرية وهم يخرجون " للضوء وشمس الحرية". في توصيف هذا الانتصار، كتب" يوني بن مناحيم " أحد أبرز الصحافيين والإعلاميين في كيان العدو، أن "ما جرى في سجن جلبوع يُعتبر خرقاً أمنياً كبيراً، ومخزياً". لكن للكاتب،والمحلل السياسي"جدعون ليفي" رأي آخر في رؤية الحدث، الذي اعتبره بعض المحللين "خروجاً عن المألوف والسائد!"". كتب " ليفي" في صحيفة "هآرتس" يوم الخميس 9/9/ 2021، "إن السجناء االفلسطينيين الستة "الهاربين" هم محاربو الحرية الاكثر جرأة، مشيراً إلى انه من الافضل ل"الإسرائيليين" الذين يجدون صعوبة في الاعتراف بذلك، مشاهدة المسلسلات التلفزيونية والافلام السينمائية" مضيفاً، "الشجعان الستة اختاروا طريقة المقاومة العنيفة للاحتلال، ومسموح لهم معارضة الاحتلال بصورة عنيفة الذي هو اكثر عنف ووحشية من أي "عنف" فلسطيني"".

خاتمة

آلاف الجنود، ورجال الشرطة ،المخابرات، وحدات المستعربين، و"كلاب الأثر"، تعجز عن التعرف على مسار رحلة الرجال الأبطال في دروب التحرر. إن مشاعر الفخر، والفرحة التي غمرت شعبنا في كل أماكن تواجده، خاصة داخل فلسطين التاريخية، هي التي ستفتح قلوب أبنائها، لتحتضن رموز مقاومتها، أبطال الانتصار على السجان والكيان. إن أية أخطاء ترتكبها سلطة الحكم الذاتي / سلطة التنسيق الأمني مع المحتلين، والحكومات العربية التابعة للمحور الأمريكي– الصهيوني، في المساعدة والكشف أو اعتقال "رجال الحرية والشمس"، ستدفع الشعب لانتفاضة غضب شاملة، بأهداف ثورية محددة، تكون أشكال الغضب الوطني الشامل التي ترافقت مع عملية "سيف القدس" بروفة أولية عما سيحصل لوتعرض المقاتلون الستة للتصفية.

إن المساس بأي شكل من الأشكال، بأمن وسلامة الفدائيين الستة، من أي جهة كانت، سيأخذ المنطقة إلى انفجار لايمكن معرفة حدوده. وقد أكدت ذلك حركة الجهاد الإسلامي في تصريحات لقادتها " إن إلحاق الأذى بالأسرى المحررين، سيفتح بوابات جهنم على الاحتلال، وأيدي مجاهدينا على الزناد" وهو ماأعادت التأكيد عليه "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، وعدد آخر من الكتائب والألوية المسلحة.

إن العبورالآمن نحو الحرية، والانتصارالذي تحقق لهؤلاء الرجال الأبطال، سيأخذ حكومات عديدة – حكومة المجرم " بينيت " بالمقدمة – للسقوط في حفرة لاتشبه الحفرة التي حققها الأسرى، لأن حفرة سقوطهم لاتنتهي بفوهة خروج آمن.

اخبار ذات صلة