بقلم/ خالد صادق
عملية الهروب الكبير الأولى في العام 1987م أسست لاندحار الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة والذي حدث في العام 2005م بعد سلسلة من العمليات الفدائية البطولية والعمليات الاستشهادية, واستباحة الفلسطينيين للمستوطنات واقتحامها عشرات المرات والاشتباك داخلها مع الجنود الصهاينة وقطعان المستوطنين, فكانت النتيجة الطبيعية اندحار الجيش الصهيوني عن قطاع غزة, والاستسلام امام ارادة المقاومة الفلسطينية, وقوتها, وما يخشاه الاحتلال اليوم ان يتكرر الحدث في الضفة الغربية المحتلة في اعقاب عملية «انتزاع الحرية» البطولية, فالأحداث متشابهة تماما, وارهاصات انتفاضة الحرية حاضرة بقوة في الميدان, وكل يوم تزداد قناعة الفلسطينيين ان لا خلاص من هذا الاحتلال الا بالمقاومة المسلحة, والعمليات الفدائية, وانتفاضة الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال, فاندحار الجيش الصهيوني من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة, قد يتكرر في الضفة الغربية المحتلة اذا ما اشتعلت الأرض لهيباً تحت أقدام الجنود الصهاينة وقطعان المستوطنين, واذا ما تنامت العمليات العسكرية ضد الاحتلال, وتمددت انتفاضة اهلنا في بلدة بيتا لتشمل كل مدن الضفة المحتلة, فالإرباك الليلي ظاهرة تؤرق الاحتلال وتستنزف من طاقاته, وتضعف من قوة ردعه, وتصيب جنوده باليأس والاحباط, وبالتالي يفقد الكيان أي شعور بالأمان, وتصبح حياة المستوطنين مهددة بقوة, وهذا يؤدي الى انتهاء احلام «اسرائيل» في تنفيذ مخطط «يهودا والسامرة» ويتكرر مشهد الاندحار مرة اخرى.
في الذكرى السادسة عشر لاندحار الجيش الصهيوني من قطاع غزة يحدونا الامل ان يتحقق هذا الانجاز في الضفة المحتلة, بوحدة شعبنا وقواه الحية, وبالتوافق الفلسطيني على برنامج وطني جامع يستند الى ثوابت شعبنا وتطلعاته وآماله, وبالإيمان بضرورة تعدد خيارات المواجهة في وجه الاحتلال الصهيوني الذي لا يمنح الحقوق مجانا انما تنتزع منه انتزاعا, فهمنا لطبيعة الصراع مع هذا الاحتلال هو الذي يدفعنا للدخول في مسارات المواجهة معه, فالانتفاضة الاولى جاءت لتؤسس لمرحلة النضال بالحجارة والسكاكين والمقاليع وقنابل المولوتوف, والانتفاضة الثانية جاءت كنتيجة طبيعية لأدائنا البطولي في الانتفاضة الاولى و لكن الاداء تطور باستخدام السلاح والاحزمة الناسفة والقنابل والالغام المزروعة على جانب الطريق, وقد اسست هذه الانتفاضة لزوال الاحتلال عن قطاع غزة واندحاره بفعل قوة ضربات المقاومة, ثم استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا سرايا القدس وكتائب القسام, التطوير من ادائها العسكري والميداني, وصولا الى القدرة على تصنيع الصواريخ وتطويرها ووصولها الى تل ابيب وما بعد تل ابيب, وشكلت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة حصن أمان للدفاع عن شعبها, بفضل امتلاكها لسلاحها, وقدرتها على التطور وتحسين الميدان بما يخدم اهدافها وتسخير باطن الارض ليكون الحامي لمقاومينا وخط الدفاع الاول عن قطاعنا الحبيب, فبات الاحتلال يطلق على قطاع غزة اسم «الجبهة الجنوبية» ويخشى صواريخه ويعمل له ألف حساب.
الضفة اليوم مهيأة لان تصنع انتصارا مدويا فيها, اذا ما سلكت نفس الطريق, وعملت بكل جد واجتهاد لتملك سلاحها وصواريخها التي تردع الاحتلال وتحبط اهدافه ومخططاته, فالمستحيل صنعه الابطال الستة في عملية انتزاع الحرية البطولية, واذهلوا العالم بصنيعهم, ووقف الكيان الصهيوني على رجل ونص, بعد ان سقطت نظريته الامنية مجددا, واصبحت صورته مزعزعة داخليا وخارجيا, واهتزت صورة الدولة التي لا تقهر امام الجميع, وهذا المستحيل الذين صنعه محمود العارضة واخوانه الخمسة يعطي الامل لأهلنا وشعبنا ان لا مستحيل امام قوة الارادة الفلسطينية, فإرادة شعبنا تعمل المستحيل وهو قادر على امتلاك ادوات النصر على الاحتلال الصهيوني بيده, لقد كان المجرم المقبور ارئيل شارون رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني يردد عبارة ان نتساريم كتل ابيب, في إسقاط يعني انه لن يندحر عن مغتصبة نتساريم شمال قطاع غزة, وانه سيتمسك بالبقاء فيها كما يتمسك بالبقاء في تل ابيب, ولكنه في النهاية خرج منها مذموما مدحورا, بعد أن أوجعته المقاومة بضرباتها وكبدته خسائر بشرية ومادية كبيرة, والامر من الممكن ان يتكرر في الضفة الغربية المحتلة, فتجربة غزة يجب ان تكون ملهمة لأهلنا ومقاومتنا وفصائلنا في الضفة, والامور مهيأة تماما لتحقيق انتصار على العدو الصهيوني الذي اهتز عرشة من ستة ابطال استطاعوا اسقاط نظرياته الامنية والعسكرية, فما بالكم لو شارك الشعب كله في صورة النصر, بالتأكيد فان الاحتلال سيندحر تحت ضربات اهلنا ومقاومتنا.