بقلم/ مصطفى ابراهيم
يحاول المسؤولون الإسرائيليون في حكومة التغيير، بينت – لابيد تقديم انفسهم على انهما يستطيعان تحقيق الهدوء والاستقرار لدولة الاحتلال الاسرائيلي، وذلك من خلال النشاط السياسي والزيارات التي قام بها رئيس الحكومة نفتالي بينت لواشنطن ومصر بناءً على دعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو الخطة التي تقدم بها رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية، يائير لبيد، وهي تعبير عن رؤيته المتعلقة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والتي تتمثل بمخطط وضعه المسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية وتعتمد على إجراءات لتعزيز قوة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتسهيلات اقتصادية في قطاع غزة، مقابل “الحفاظ على الأمن والهدوء”، كما ذكر لبيد أن “الظروف السياسية في إسرائيل ولدى الفلسطينيين تمنع التقدم في المحور الدبلوماسي، غير أن تهدئة طويلة الأمد في غزة قد تخلق ظروفًا أكثر ملاءمة للمفاوضات السياسية المستقبلية التي قد تنطلق، عندما تكون الظروف مواتية.
وهذا يوضح موقف دولة الاحتلال ويظهر سياساتها والتي عبر عنها بينت او تلك التي طرحها لبيد تجاه القضية الفلسطينية عموما وقطاع غزة على وجه الخصوص، والاشهر التي تلت العدوان الأخير على غزة، في ايار/مايو الماضي، والسياسات الاسرائيلية المرتبكة توضح موقف الحكومة الاسرائيلية، وأنه لا توجد لدى إسرائيل إستراتيجية تجاه القطاع سوى استمرار العدوان والحصار .
إلا أننا نلاحظ تراجعا بطيئا في مواقفها وشروطها المتشددة من عملية اعادة الاعمار والتسهيلات التي تقدمها.
ووصفت الصحافية والمحللة السياسية في موقع “زْمان يسرائيل” الإخباري، طال شنايدر خطة لبيد بأنها هامة في كونها موجهة إلى المجتمع الدولي، ولا توجد أدوات لتطبيقها.
وبالعودة لزيارة بينت لمصر حيث اعتبر الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، أوفير فينتر، أن “المواضيع التي تناولها لقاء السيسي وبينيت دلّت على عمق العلاقات ومساحة المصالح المشتركة بين الدولتين وهي: قضية غزة، ومنع تعاظم قوة حماس وتهدئة طويلة المدى ودفع صفقة تبادل أسرى، والبرنامج النووي الإيراني وعدوانيتها الإقليمية، وأزمة سد النهضة بين مصر واثيوبيا، وتدخل تركيا في ليبيا، والإرهاب العالمي وتوسيع حجم السياحة والتجارة وغير ذلك.
غير أن مسؤولين سياسيين وأمنيين في إسرائيل قالوا إن المسألة الأكثر إلحاحا بالنسبة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، في شرم الشيخ تركزت المحادثات على العلاقات مع واشنطن، وفقا لما ذكره المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، الاسبوع الماضي، فهناك فتور في العلاقات الأميركية – المصرية، منذ بدء ولاية الرئيس جو بايدن، مقارنة بحميمية هذه العلاقات خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب. ويعود فتور العلاقات بالأساس إلى انتهاك النظام المصري لحقوق الإنسان، إذ تُظهر الإدارة الديمقراطية الحالية أنها تولي اهتماما بموضوع حقوق الإنسان والديمقراطية.
وأضاف هارئيل إن بينيت، مثل سلفه بنيامين نتنياهو، هو الوسيط المثالي بين نظامه وبين واشنطن، وهناك نشاط مصري إقليمي، مثل الوساطة في غزة والحديث عن مبادرة سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، “من شأنها أن تقابل بالإيجاب في واشنطن”.
إلا أن القضية الأكثر اهمية وإلحاحا بالنسبة لإسرائيل هي غزة، في ظل تكرار مسؤولون سياسيون وامنيون إسرائيليون القول إن تصعيدا عسكريا، يشمل اجتياحا بريا ضد غزة، هو “مسألة وقت وحسب”.
واوضح هرئيل موقف رئيس الشاباك، ناداف ارغمان، الذي يقود الخط المتشدد داخل جهاز الأمن، ويعتبر أن العدوان الأخير على غزة، انتهى بدون نتيجة واضحة واعتبر أنه كان بإمكان إسرائيل ان توجه لحماس ضربات أشد.
في المقابل، اعتبر رئيس اركان الجيش الإسرائيلي، افيف كوخافي، أن الجيش حقق نجاحا في هذا العدوان. ولذلك، فإن شن عدوان آخر، بعد فترة قصيرة، سيناقض تصريحات كوخافي. ووفقا لهرئيل، فإنه توجد في الجيش الإسرائيلي “خيبة أمل” من “الخط الصدامي” لزعيم حماس في القطاع، يحيى السنوار. ولذلك، فإن “بينيت بحاجة إلى السيسي من أجل تحقيق هدوء في غزة.
هذه اللقاءات والتحركات ليست بعيدة عن توجهات الإدارة الامريكية التي طلبت من حكومة الاحتلال تخفيف حدة التوترات مع الفلسطينيين وتتابع تحركات الحكومة الإسرائيلية في الموضوع الفلسطيني وخاصة اللقاء النادر وغير المالوف بين وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في رام الله، قبل اسبوعين وفقا لشنايدر.
تدرك الادارة الامريكية هشاشة حكومة بينت – لابيد، لذا تطالبها بخفض التوترات بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، كما تسميها الادارة الامريكية، خشية من أن ذلك قد يؤدي إلى تصدع الحكومة الجديدة.
وتدرك الادارة الامريكية مواقف حكومة الاحتلال خاصة رئيسها بينت الذي أكد على إنه لن يجري أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وأنه يعارض إقامة دولة فلسطينية، وأن حكومته ستمدد السياسة طويلة الأمد لتوسيع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية ويهدد غزة وأنه سيكون مستعدا لخوض حرب أخرى مع حماس.
وأنه يمكن معالجة معظم المشكلات، بما في ذلك الصراع مع الفلسطينيين من خلال الاقتصاد.
التحركات الاسرائيلية تجاه ابو مازن ومصر وخطة لبيد هي تعبير حقيقي عن أزمة الاحتلال والخوف من الفلسطينيين والخطر الدائم باندلاع انتفاضة ثالثة، والخشية من القيام بعملية عسكرية جديدة في غزة قد يؤدي إلى انهيار الحكومة.
سياسة حكومة الاحتلال واضحة وعبر عنها بشكل اوضح رئيسها بينت وهي امتداد لسياسات الحركة الصهيونية بحسم الصراع مع الفلسطينيين، والادارات الامريكية المتعاقبة ورؤساءها منذ النكبة وحتى يومنا هذا تعمل وفقا محددات ثابتة لمصلحة واجندة دولة الاحتلال والحركة الصهيونية.
وخلال العقود الماضية والظلم التاريخي الواقع على الفلسطينيين، واستمرار الاحتلال والحصار والجرائم والعدوان المستمر، وتمدد المستوطنات وتغولها، كل ذلك و اكتفى الأميركيون بالتصريحات الكلامية، ولم يضغطوا على دولة الاحتلال او يطالبوها مرة واحدة بإنهاء الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، وتفكيك المستوطنات وتنفيذ حق العودة للاجئين، والذي يشكل أساس الحق الفلسطيني والعدالة التاريخية. ومارست ولا تزال الدعم غير المتناهي لدولة الاحتلال في مجلس الامن، وافشال والتصدي لأي مبادرة لممارسة ضغود دولية أو فرض عقوبات على إسرائيل من أجل أن تغير سياستها.
على الرغم الدعم الواسع للمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.
اللقاءات الاقليمية والتحركات الاسرائيلية نابعة من مصالح مشتركة وحاجة الجميع لحل ازماتهم ومشكلاتهم بواسطة الادارة الامريكية دون النظر لعدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
كل ما يتم تداوله وتناوله حول الحاجة إلى حل الدولتين هو كلام فارغ، دون ردع دولة الاحتلال وتفكيك المستوطنات، وانهاء الاحتلال والعدوان، ستستمر دولة الاحتلال حتى في ظل حكومتها الهشة في سياساتها الاستيطانية الاستعمارية.