ودَّعتْ فلسطين، اليوم الأحد، القائد الكبير عبد الله نهاد السمك (أبو جهاد) أحد قادة ومؤسسي الإعلام المُقاوم في فلسطين، ذلك الرجلُ صاحب البَصَمَات الواضحة في تطوير منظومة الإعلام المقاوم، وصاحب البصمة الدامغة في إدارة المعارك الإعلامية؛ بكل اقتدار.
يترجل عن عالمنا القائد عبد الله السمك (أبو جهاد) صاحب العقلية الفذة المتقدمة، والخبرة الواسعة، التي راكمها عبر سنوات طويلة من العمل الجهادي المقاوم، تاركاً خلفه جيشًا من الإعلاميين المُجاهدين، الذين حفظوا الطريق من بعده، ليحملوا الراية من خلفه.
يرحل القائد (أبو جهاد) مسؤول الإعلام الحربي في المنطقة الشمالية، تماماً كما رحل من قبله القائد خالد بن الوليد على فراش المرض، والرابط بين الرحيلين، أنهما رحلا بعد رحلة جهادية طويلة أثخنا فيها بأعداء الأمة، رافعين رايتي الحق والعدل خفاقة.
وانتمى (أبو جهاد) إلى العمل المقاومة منذ نعومة أظفاره، من خلال نشاطه بالعمل الطلابي، والعمل السياسي والميداني والعسكري، وصولًا إلى أن قاد وحدة الإعلام الحربي في المنطقة الشمالية.
ركناً من أركان المقاومة
أبو أسعد أحد قادة الإعلام الحربي يقول "إن الراحل السمك كان عامودًا من أهم الأعمدة الأساسية للإعلام المقاوم في فلسطين، كان عقلية فذة، وصاحب بصمة واضحة في إدارة المعارك الإعلامية".
وأوضح القائد (أبو أسعد) أن الشهيد القائد أبو جهاد تدرج في العمل بدءاً من قيادته لسرايا القدس في (محور الصبرة وتل الهوا)، قبل أن يقع اختيار القيادة عليه ليكون نائباً لعضو المجلس العسكري، ومسؤولاً لوحدة الإعلام الحربي في المنطقة الشمالية.
وقال أبو أسعد خلال حديث لمراسل "شمس نيوز": "أبو جهاد كان ركنًا أساسيًا في غرفة عمليات سرايا القدس من خلال قيادته لوحدة الإعلام الحربي، وبدأ بتوليه قيادة لواء غزة بالوحدة، إلى أن أصبح قائدها في المنطقة الشمالية، وأشرف على كثير من المعارك والعمليات التي خاضتها سرايا القدس".
وأشار إلى أن الراحل (أبو جهاد) عمل طوال تلك الفترة على إظهار الرواية الفلسطينية بشكل سليم، لوعيه التام بأهمية الإعلام في ذلك، مستشعراً أهمية دور الإعلام في المواجهة والصراع مع العدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى وعيه الكامل بكيفية ضرب الجبهة الداخلية للعدو.
وكشف أبو أسعد النقاب عن عدد من العمليات والمعارك التي كان للراحل أبو جهاد السمك بصمة واضحة فيها، قائلاً "من بعض ما يمكن كشفه في هذا المقام أنه كان برفقة قائد أركان المقاومة الشهيد بهاء أبو العطا، في غرفة عمليات المكلفة بالرد على الجرائم الإسرائيلية ضد المشاركين السلميين في مسيرات العودة".
وأضاف أبو أسعد "كان الراحل أبو جهاد (ركن الإعلام) في عملية قنص الجندي الصهيوني شرق المحافظة الوسطى، برفقة القائد أبو سليم".
وتابع "كما أن الشهيد القائد أبو جهاد كان ركناً من أركان غرفة العمليات التي أعطت الإيعاز لإدخال منظومة البدر للخدمة العسكرية في المعارك المختلفة التي خاضتها سرايا القدس".
وذكر القائد في الإعلام الحربي أن الراحل (أبو جهاد) كان صاحب الإيعاز الأول لمجاهدي الإعلام الحربي، للبدء بمعركة (سيف القدس)، من خلال توجيههم لتوثيق استهداف الجيب الصهيوني شرق بيت حانون، والتي افتتحت به سرايا القدس المعركة.
منظومة إعلامية مقتدرة
من ناحيته شدد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي رامز الحلبي على أنَّ الراحل (أبو جهاد) رحل تاركًا خلفه منظومة إعلامية حرة صادقة فيها جيشاً كاملاً يسعى لإخراج الرواية الفلسطينية الصادقة، التي تواجه الرواية الصهيونية الكاذبة".
وقال الحلبي في حديث مع مراسل "شمس نيوز": "من خلال ما قدمه في الإعلام الحربي، وقيادته لهذه الوحدة، أظهر لنا الصورة المشرقة للقضية الفلسطينية، وللحق الفلسطيني (..) أظهر لنا الصورة المشرقة لسرايا القدس المظفرة".
وأشار إلى أن أبو جهاد كان حاضرًا في كل ساحات النزال والمواجهة، مضيفًا "لم تخل أي مواجهة من بصماته، سواء العسكرية أو الإعلام الحربي".
وتابع الحلبي "يمضي اليوم القائد أبو جهاد لربه دون أن يقصف أو يسفح دمه أو أن يتبعثر أشلاءً في هذا الوطن، ولكن عزاؤنا قول النبي (الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم، وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه).
وأردف "نحن نعلم أنه من المجاهدين الصادقين، الذين لا نأسف على فقدانه، لأننا على يقين أننا سنلتقي بهم عاجلًا أم آجلًا في مستقر رحمة الله".
وختم الحلبي حديثه "إن لم يكن أبو جهاد قد لوَّن أرض الوطن بدمه، فإن إعلامه الحربي نقل صورة زاهية وبهية لهذا الوطن الجميل".