قائمة الموقع

الفساد كالمعتاد.. والحساب يجمع

2021-10-21T13:19:00+03:00
خالد صادق.jpg
قلم/ خالد صادق

تتعايش السلطة الفلسطينية مع قضايا الفساد التي تعتريها من كل جانب بأريحية كبيرة، فالفساد المستشري داخل السلطة هو فساد بلا جواد، بمعنى انه ليس هناك حساب للفاسدين داخل السلطة، بل ان الفاسد هو الذي يلقى التأييد والرعاية والدفاع من قيادات السلطة، ويقولون بان ذلك يعود الى ان فتح أي ملف من ملفات الفساد قد يؤدي الى فتح ملفات أخرى لمتنفذين داخل السلطة، وتبدأ الفضايح والاتهامات المتبادلة والقرائن والبراهين تظهر الى العلن, وهذا من شأنه ان يضر بالسلطة, ويدفع الى تلاشي قياداتها شيئا فشيئا عن المشهد الفلسطيني, والغريب والعجيب ان مؤسسات من المفترض انها تابعة للسلطة فتقرير هيئة الرقابة الإدارية والمالية عن الخلل والفساد في السلطة وما كشف عنه التقرير كما يقول زياد أبو زياد في مقال له يؤكد بأن "هناك منظومة فساد متجذرة تمأسست مع مر السنين, واستشرت كالسرطان في الجسم التنفيذي للسلطة, لم يحل دون استشرائها لا الفضائح التي وقعت بين الحين والآخر خلال السنوات الماضية, ولا لجان “الطبطبة” التي شُكلت لامتصاص غضب الرأي العام ثم غرقت في بحور النسيان", وهذا يدل على ان الفساد لدى السلطة محمي ومحصن من المساءلة, ولا يجرؤ احد على محاسبة الفاسدين او تقديمهم للمحاكمة, وفي احسن الأحوال يتم تشكيل لجنة تحقيق شكلية وغالبا ما تشكل من الفاسدين انفسهم, الغرض منها التسويف والمماطلة والرهان على الوقت للنسيان, وهذا نهج تنتهجه السلطة منذ نشأتها فلم نسمع يوما عن معاقبة أي فاسد على فساده.

في الآونة الأخيرة مثلا أثيرت قضايا كثيرة دلت على الفساد المستشري لدى السلطة دون ان يتم محاسبة الفاسدين الذين ارتكبوها, فالفساد في قضية استيراد العجول من الاحتلال الصهيوني تم التكتم عليه ومعروف للجميع من كان يقف وراءه, والفساد في قضية احتجاز أموال المقاصة والتي تم الالتفاف عليها بحلول مجحفة على حساب أموال الفلسطينيين تم التكتم عليها ومعروف من يقف وراءها, والفساد في قضية اللقاحات الفاسدة لمرضى كورونا معروف من يقف وراءها, والفساد الواضح في قضية اغتيال الشهيد المغدور نزار بنات والتكتم على نتائج التحقيقات من لجنة عينها الفاسدون والقتلة انفسهم, يدل على التواطؤ مع الفاسدين والقتلة, والفساد المتوقع من عدم حماية أسرى انتزاع الحرية الذين تحرروا من سجن جلبوع فتم تسليمهم للاحتلال الصهيوني وإعادة اعتقالهم مجددا ومعروف من يقف وراءه, ومؤخرا تم الحديث عن قضية فساد مروعة عندما نشرت صحيفة "العربي الجديد"، أن أجهزة مصرية مطلعة على ملف صفقة تبادل للأسرى بين القسام والاحتلال الصهيوني بوساطة مصرية ، تتهم رئيس السلطة محمود عباس بأنه "أدى دوراً تخريبياً لعرقلة إتمام الصفقة، أو إحداث تقدّم بها، بسبب اعتراضه على ضم الحركة لاسم القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي ضمن قوائم الأسرى، الذين تتمسك حماس بإطلاق سراحهم نظير إطلاق سراح أربعة أسرى إسرائيليين لدى الحركة", وكنا ننتظر ردا من السلطة على هذا التسريبات لكنها كعادتها صمتت ولم ترد مما اثار الكثير من علامات الاستفهام.

قد يقول البعض ان الفساد ظاهرة مستشرية في بلداننا العربية والكثير من بلاد العالم, ولا يقتصر على فساد السلطة الفلسطينية, لكن الخصوصية لدينا تكمن في اننا لا زلنا في مرحلة تحرر وطني ونناضل من اجل التخلص من الاحتلال الصهيوني الذي يجثم فوق صدورنا, وهو بالتأكيد لن يزول عن صدورنا بعبارة رئيس السلطة الشهيرة للاحتلال "حلوا عن صدورنا" لكن الاحتلال يحتاج الى الكثير من المعارك كي يحل عن صدورنا, ومن هذه المعارك معركة محاربة الفساد التي تستشري بقوة في صفوف السلطة, وتوسع الفجوة بين السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني, فتشتت الجهد, وتضعف من حالة التلاحم, وتؤثر سلبا في المشهد الفلسطيني برمته, فالفساد يتعاظم كالمعتاد, والحساب يجمع, لان شعبنا الفلسطيني لن يبقى صامتا على قضايا الفساد التي لا تتوقف وأصبحت نهجا ومسلكا واضحا بين المتنفذين داخل السلطة, والفساد المالي المستشري في السلطة مرتبط ارتباطا مباشرا بالفساد السياسي والتنازلات التي تقدمها السلطة لصالح الاحتلال, ويبدو ان "إسرائيل" نجحت الى حد كبير في اقناع السلطة بالحلول المالية والمعيشية على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية, وبات الهدف لدى السلطة اليوم جلب الأموال والصفقات التجارية والتغلب على المشاكل المعيشية للفلسطينيين على حساب حقوقهم التي انتزعوها بالتضحيات الجسام على مدار سنوات طويلة من النضال ضد الاحتلال الصهيوني, والسؤال المطروح اليوم هل يمكن ان تضع السلطة حدا لهذا الفساد, ام انه اصبح جزءا مرتبط بها وبوجودها؟!.

اخبار ذات صلة