بعد مدة وجيزة من انطلاق عمليات الطعن التي فجرّها الأسير المحرر خالد الجعيدي والذي لقب بـ (مفجر ثورة السكاكين) في فلسطين عام 1986م، بدأ عدد من أبناء حركة الجهاد الإسلامي السير على خطاه للإثخان في العدو ومعاقبته على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، فسُجلت أول عملية طعن في انتفاضة الحجارة والتي نفذها الأسير المحرر ياسر الخواجة في 08/07/1988م، وسار على دربه الشهيد أسامة صبحي أبو ضاحي في عملية بطولية عام 1988م، أكدت على حق شعبنا في التصدي لكل محاولات القمع والتنكيل.
ترعرع الشهيد المجاهد أسامة صبحي أبو ضاحي في مدينة رفح الصمود والبطولة منذ ولادته بتاريخ 26/10/1969م بكنف عائلة مجاهدة مضحّية، إلّا أنه لم ينعم بالحياة الطبيعية الآمنة فقد عاش يتيمًا إثر استشهاد والده وهو طفل، كما أقدم الاحتلال على اعتقال أعمامه وإصابة كل من أخيه وأخته.
ورغم ذلك حمل شهيدنا جرحه في قلبه واستمر في حياته نشيطًا متميزًا عن أقرانه، وبدأ بالدراسة حتى أكمل الثانوية العامة والتحق بكلية الآداب في الاسكندرية كما أبيه، وخلال فترة دراسته التقى بمجموعة من الشباب المسلم وتعرف على خيار الإيمان والوعي والثورة طريق حركة الجهاد الإسلامي، وهو ما جعله يفكر أكثر في نصرة شعبه وبلده، فقرر العودة من مصر إلى فلسطين دون أن يُبلغ أو يُعلم أحد.
وعلى خطى خالد الجعيدي وياسر الخواجة أبناء رفح الأبية، تقدّم أسامة نحو الواجب بسكين أخفاها في ملابسه، لتنفيذ عملية الطعن خلال وجوده داخل حافلة كانت تحمل 12 مسافرًا فقط، ومن هنا بدأت الحكاية.
حيث أوردت صحيفة معاريف العبرية، بتاريخ الاثنين 10/10/1988م عنوانًا بالخط العريض مفاده: "ألون تسيون من أمن المعبر يقول: هو طعنني بسكين طويل مثل المجنون".
وأوضحت الصحيفة أن عملية الطعن وقعت "في يوم الأحد 9/10/1988م بالحافلة القادمة من المعبر المصري إلى معبر رفح (الاسرائيلي)، حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، حيث كانت تُقل الحافلة 12 مسافرًا بينهم ثلاثة من فلسطينيي الداخل عائدون من مصر".
وحول تفاصيل العملية تقول الصحيفة: "صعد حارس الأمن الصهيوني ألون تسيون إلى الحافلة ليفحص الأغراض وهوية الأشخاص، ومع تقدمه في الحافلة، طلب حارس الأمن من أسامة فتح حقيبته للتفتيش، فما كان منه إلّا أن قام بسحب سكينه (سكين مطبخ كبير) من بين ملابسه وقام بطعن الحارس، ولكن الحارس تماسك وأطلق أربع رصاصات من رشاش العوزي الذي يحمله وقتل المهاجم في المكان"، فارتقى أسامة شهيدًا مقدامًا مقبلًا غير مدبر، فيما نقل المصاب الصهيوني إلى مستشفى (سوروكا) العبري للعلاج.
جسّد أسامة بتضحيته وشجاعته نموذجًا جديدًا على طريق (الواجب رغم الإمكان) والتي خطها من قبل خالد وياسر دفاعًا عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية، في رسالة عرفها كل من سار على دربهم بأن الطريق طويل وشاق.
فارسنا القادم الشهيد عبد الله أبو محروق منفذ عملية طعن بمعتقل (أنصار 2) عام 1988م.