شمس نيوز / عبدالله عبيد
كثيرة هي الأسباب التي تدفع الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، للتسلل إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، وخاصة أصحاب القلوب القوية منهم دون الاكتراث لنتائج ما يقدمون عليه، فمن أوضاع سياسية متدهورة إلى أزمات جمة في غزة، ومن ثم البطالة المستفحلة وليس انتهاء بصعوبة الحصول على لقمة عيش.
فخلال الأشهر القليلة الماضية، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة، ازدادت هجرة الشباب الغزي للبحث عن العمل، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، فكان الموت يتربص بهم بعد حادثة غرق في بحر الاسكندرية.
والآن أيضاً وبعد الحرب الأخيرة ازداد تسلل الشباب إلى داخل الأراضي المحتلة، لتصل نسبة الشبان المتسللين من القطاع إلى إسرائيل أكثر من 25%.
وظهرت مؤخراً ملصقات على جدران شوارع غزة تحذر فيها وزارة الداخلية، من التسلل لهذه المناطق لما تحمله من نتائج كارثية على الشباب الفلسطيني، ومن بينها السقوط في وحل العمالة مع إسرائيل.
وضع سيئ
محمود خالد " اسم مستعار"، أحد الشباب المتسللين والذي تم اعتقاله حوالي ستة أشهر من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما حاول التسلل عبر منطقة "أبو صفية" الواقعة على الحدود الشرقية لمدينة غزة.
خالد وفي حديثه لـ"شمس نيوز"، بيّن أن الوضع السيئ في قطاع غزة هو السبب الرئيسي لتسلله إلى الأراضي الإسرائيلية، ورغم اعتقاله من قبل قوات الجيش الإسرائيلي إلا أن ذلك لم يمنعه من التفكير مجدداً بتجربة التسلل، للبحث عن حياة أفضل, على حد قوله.
ويقول : تخرجت من الجامعة ولم أحصل على فرصة عمل، إلا أنني يئست من الوضع في غزة، فأنا أرى أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم".
وأضاف الشاب الذي لم يكمل عقده الثاني: الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به عائلتي، كفيل بأن يجعلني أفكر ملياً بالهجرة أو التسلل مرة أخرى، لعلي أجد عملاً أحصّل منه لقمة عيشي".
هل تريد مالاً؟
على نفس المنوال كان حال بهجت رأفت ( 21 عاماً) والذي تم اعتقاله أثناء وصوله إلى السلك الفاصل مع الاحتلال، هو واثنين من أصدقائه، حيث تم اعتقالهم قرابة الثلاثة شهور منتصف العام الماضي 2014.
وأوضح رأفت لـ"شمس نيوز" أن أحد أصدقائه عرض عليه هذه الفكرة، خصوصاً وأنهما لم يجدا مجالاً للعمل في قطاع غزة، لافتاً إلى أن الوضع الاقتصادي لعائلته صعب جداً، إذ أنهم ينتظرون كل ثلاثة أشهر مخصصات "شيكات" الشؤون الاجتماعية.
وأضاف: عندما تم اعتقالنا وضعوا كل واحد منا في غرفة بعيدة عن الأخرى، وبعد يوم قاموا بالتحقيق معنا، ومن بين الأسئلة التي وجهت إلينا، هل تريد مالاً؟".
وذكر تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية أنه عقب انتهاء العدوان الأخير على غزة وصلت نسبة الشبان المتسللين من القطاع إلى الأراضي المحتلة إلى 25%، حيث تسلل حوالي 170 فلسطينياً منذ بداية عام 2014 حتى نهاية العام.
وتحظر قوات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في القطاع، دخول المنطقة المحاذية للشريط الحدودي لمسافة 300 متر، وتطلق عليها اسم "المنطقة العازلة"، وتطلق النار أو تعتقل كل من يتواجد فيها.
وحل العمالة
من جهته، يرى الخبير في الشؤون الأمنية، د. إبراهيم حبيب أن العمليات التي يقوم بها الشباب الفلسطيني للتسلل داخل الأراضي المحتلة عام 48، تضر بهم كثيراً، " وليس كما يظن هؤلاء الشباب أنها قد تفيدهم بالحصول على عمل أو ما شابه".
وقال حبيب خلال حديثه لـ"شمس نيوز": هذا الأمر إن نمّ عن شيء فإنه ينم عن حالة الإحباط التي يعانيها الشباب الفلسطيني، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة".
وأضاف: ومن الأسباب أيضاً حالة الارتخاء الهمي التي باتت سائدة في قطاع غزة، لتخلي حكومة التوافق عن مسؤولياتها تجاه المواطنين"، منوهاً إلى أن اعتقال هؤلاء الشباب قد يدفع الجيش الإسرائيلي لإغرائهم للتعامل معه.
وأكد الخبير الأمني أن أغلب المتسللين هم شباب صغار السن، يحاولون الدخول إلى إسرائيل بحثا عن فرصة عمل، مستدركاً: لكن للأسف يصطدم الشاب بالواقع الأليم، يصطدم بالتحقيق والضرب، ومن ثم إعادته من حيث أتى".
وتابع حبيب: عندما يجد الإسرائيليون شاباً فلسطينياً مهزوماً نفسياً، ووضعه الاجتماعي والاقتصادي صعب، يحاول الحصول على لقمة العيش، يمكن من خلال هذه البوابة أن يستخدمه ليكون عميلاً له فيما بعد".
وتشير إحصائية نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان أنه رصد خلال عام 2014 ما يقارب 57 حالة اعتقال على الشريط الحدودي مع الاحتلال الإسرائيلي، من بينها حوالي 22 طفلا (أقل من 18 عاما).
وفي آخر إحصائيات لمراكز حقوقية فلسطينية، فإن الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 185 فلسطيني منذ بداية 2014 حتى أواخر يناير الماضي 2015، بعد دخولهم لمستوطنات غلاف غزة قادمين من القطاع بحثًا عن فرصة عمل.
ولوحظ في الأشهر الأخيرة من العام الماضي أن حالات التسلل ازدادت خاصة بعد العدوان الأخير الذي تعرض له القطاع، وازدياد الحصار وتوقف الإعمار، بالإضافة إلى قلة فرص العمل وتحديدا لدى فئة العمال.
وفي السياق، أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة أ نهاية عام 2014، أنها شرعت في إجراءات جديدة لمنع تسلل الشبان إلى الأراضي المحتلة.
ونشرت الداخلية قواتها على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة، خاصة في المناطق الشرقية، خوفا من استفادة الاحتلال من تسلل الشبان الباحثين عن المال لإسقاطهم أمنياً.