بعد توقف دام شهور عدة، دخلت على إثره السلطة بأزمة مالية خانقة، أعلن الاتحاد الأوروبي استئناف دعمه المالي للحكومة الفلسطينية، لمساعدتها في الإيفاء بجزء من التزاماتها المالية، المتعلقة بدفع رواتب الموظفين، ونفقات تشغيلية أخرى.
وقال مسؤول مكتب الإعلام والاتصال في الاتحاد الأوروبي في القدس، شادي عثمان: "إن الاتحاد سيصرف خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة جزءا من التعهدات المالية للسلطة الفلسطينية، وإن هذه الدفعة قد تساعد السلطة الفلسطينية على الوفاء بجزء من التزاماتها فيما يتعلق بفاتورة رواتب موظفي الخدمة المدنية".
ويدعم الاتحاد الأوروبي السلطة بما يقدر بـ 300 مليون يورو سنوياً، لكن هذا الدعم تراجع بشكل كبير منذ العام الماضي.
ويرى مختصون اقتصاديون ومحللون سياسيون، أن تعهد الاتحاد الأوروبي باستئناف دعمه المالي للسلطة، مهم جدًا ويأتي في وقت تُعاني منه الحكومة من أزمة مالية كبيرة، تحول دون الإيفاء بالتزاماتها المالية، وخاصة فيما يتعلق برواتب الموظفين وصرف مستحقات المنتفعين من الشؤون الاجتماعية.
الخبير في الشأن الاقتصادي د. معين رجب، يقول: "إن استئناف الاتحاد الأوروبي ارسال جزء من الأموال إلى السلطة، تُعد خطوة مهمة في حل جزء من أزمتها المالية، كما أنها تُخفف من سياسة اللجوء للاستدانة من المصارف والبنوك، لكنها ليست بالسياسة الرشيدة التي تتبعها السلطة، لأن الأصل في الدعم الخارجي لا يجب أن يوجه لنفقات جارية، وإنما يُخصص ويوجه لمشاريع منتجة، وليس استهلاكية".
وذكر رجب لـ "شمس نيوز"، أن السلطة تُعاني من عجز مالي كبير، وهذا يعود إلى سياستها غير الرشيدة في توظيف الأموال، يجعلها تعتمد على انتاجها المحلي بدلا من اللجوء إلى الدعم الخارجي والاقتراض من البنوك.
وشدد على أن هناك تقصير في أداء السلطة تتعلق بقضايا كثيرة من حيث توظيف أموالها سواء الداخلية، أو التي تأتي كمساعدات من الدول العربية والأوروبية.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي د. هاني العقاد، إن الأزمة المالية للسلطة سببها ليس فقط وقف الدعم المالي الأوروبي للسلطة، إنما العديد من الدول العربية لم تف بالتزاماتها، إضافة إلى أن الاحتلال هو المتسبب الوحيد بكل الأزمات التي تُعاني منها السلطة، وخاصة عندما ينهب أموال المقاصة.
ويرى العقاد في حديث لـ "شمس نيوز"، أن ارسال الأموال للسلطة لن يُساعد في حل مشاكلها المالية بشكل كبير، وإنما يمكن أن يجعلها تفي ببعض التزاماتها فقط.
ودعا العقاد، السلطة لتوظيف أموالها في مشاريع مستدامة وتُدخل عليها أرباحًا، وألا تعتمد على الدعم سواء من الدول العربية أو الأوروبية، كون لا دولة ترسل الأموال وتدعم الحكومة إلا بمقابل سياسي.
وقال: "على السلطة خلق بدائل وموارد مالية تستخدمها عند الأزمات، إذ يمكنها انشاء عشرات المصانع في العديد من الدول العربية والأجنبية، تدر عليها دخلا يُساعدها في تخطي أزماتها المالية المتكررة".
وأضاف: "إذا لم تستثمر السلطة أموالها بالشكل المناسب، يتبقى رهينة للابتزاز العربي والدولي والأمريكي، والإسرائيلي، ولن تتخذ أي قرارًا مستقلا يخص قضيتنا".