إصرار نفتالي بينت على المضي بسياسة التغول الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة, ورفضه فتح الإدارة الامريكية لقنصلية في القدس لخدمة السلطة الفلسطينية, وابداء غضبه من الموقف الأمريكي في التعامل مع الملف النووي الإيراني تظهر ان هناك فجوة تتسع في العلاقة الإسرائيلية الامريكية, لكن ما نشاهده حقيقة على الارض غير ذلك تماما, فنفتالي بينت رئيس الحكومة الصهيونية المتطرفة يمارس سياساته بأريحية كبيرة وبتحدٍ واضح للإدارة الامريكية, بينما جو بايدن يتبدى على وجهه علامات لا تعكس ابدا موقفه الغاضب من السياسة الإسرائيلية, وحب إسرائيل وواجب دعمها يسري في الحمض النووي الأمريكي كما تقول رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيولسي خلال اجتماعها بما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد, وحتى لا تنطلي الخدعة الامريكية على احد, ولا يظن البعض ان هناك تبايناً في المواقف الإسرائيلية الامريكية نذكر ما قالته بيولسي «إنه لشرف عظيم أن أتحدث عن أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تقوم على الأمن المتبادل والقيم المشتركة فالعلاقة بين الجانبين مصدر فخر في الكونغرس لمن يهتمون بهذه المسألة. ان دعم إسرائيل ظل يحظى دائما بتوافق الحزبين في الكونغرس الأمريكي ولايزال الوضع على هذا النحو. «بالنسبة للكثيرين منا إنه (دعم إسرائيل) في حمضنا النووي» مثل هذه التصريحات تدلل على توافق كامل في السياسة الإسرائيلية الامريكية وانتهاج سياسة توزيع الأدوار، فعندما تلتقي مصالح الأقوياء تداس حقوق الضعفاء.
الكاتب والصحفي الصهيوني أركادي مازين قال في مقال نشره في صحيفة هارتس العبرية «إن أميركا تحتاج إلى نقاش مفتوح وصادق حول سبب استمرارها في تحويل مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأميركيين إلى «إسرائيل»، الدولة الغنية والمتقدمة التي تنتهك بشكل روتيني حقوق الإنسان على نطاق واسع دون أي مساءلة. مضيفا أن هذا الدعم غير المشروط هو نتيجة عقود من عمل نشط لمجموعات الضغط الموالية لإسرائيل، لكن الأمور لم تكن دائما على هذا النحو في الماضي، حيث كانت الإدارات الديمقراطية والجمهورية المتعاقبة حذرة بما يكفي في علاقتها مع «تل أبيب» ووضعت شروطا مقابل دعمهما، مهددة بسحبه في حال انتهكت تلك الشروط. بيد أن «إسرائيل» الآن -بعد 30 عاما من التوسع الاستيطاني وتجاهل القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان- غير قلقة على ما يبدو من هذا الشأن، في ظل تحول الدعم الأميركي السخي وغير المشروط إلى دعامة أساسية للسياسة الخارجية الأميركية لدى كلا الحزبين. ويعتقد مازين أن هذا الوضع المحير لا يمنح فقط الشرعية لممارسات «إسرائيل» التي لا يمكن الدفاع عنها ولا يثنيها عن تغيير مسارها، بل إنه تحول إلى «حب غير مشروط» يقوّض السلطة الأخلاقية للولايات المتحدة التي بلغت أصلا الحضيض في ظل حكم قصير لكنه مدمر مع الرئيس السابق دونالد ترامب», فالسياسة الامريكية تجاه «إسرائيل» لا تتغير بتغير الأشخاص والأحزاب, لأنها سياسة ممتدة عبر السنين يحكمها منطق القوة والقهر وفرض سياسة الامر الواقع على الجميع.
المراهنون على حدوث تحول سلبي في السياسة الامريكية تجاه «إسرائيل» انما يراهنون على سراب, ولينظر هؤلاء كيف تحمى الإدارة الامريكية الدكتاتوريين والقتلة وسفاكي الدماء ومانعي الحريات في وطننا العربي والمنطقة بأوامر مباشرة من «إسرائيل» التي تبتزهم بالتعاون المشترك, وتطبيع العلاقات, وإقامة التحالفات, والقبول بالتعايش السلمي مع «إسرائيل» وفق السياسيات الإسرائيلية وتوزيع الثروات, وتغيير الثقافات, وتبديل الأعداء, حتى وصل الامر للعبث في العقيدة وتغيير الديانات واعتناق الديانة الابراهيمية التي تجمع الديانات الثلاثة التوراتية والانجيلية والقرآنية, واصبح كل شيء مباحاً لدى الزعماء العرب ولا خطوط حمراء امام إسرائيل, حتى الفساد والرذيلة والجريمة التي تأتي من «إسرائيل» مباحة, انظروا كيف استعانت امارة دبي بالشرطة الإسرائيلية للحد من انتشار عناصر المافيا الإسرائيلية في الامارات ونشر الرذيلة والادمان والفساد فيها وذلك خلال فترة وجيزة جدا, وقد دخلت الشرطة الصهيونية امارة دبي تحت ذريعة ضبط الجريمة الإسرائيلية في البلاد, ان الشواهد كثيرة وصادمة, و «إسرائيل» تؤسس لعالم جديد لا يستطيع ان يقف في وجهها, وهى تستعين بأمريكا في فرض سياساتها, فعندما يقف ممثل «إسرائيل» في الأمم المتحدة على منبر الأمم المتحدة ويقوم بتمزيق تقرير حقوقي اممي يدين جرائم «إسرائيل» في عدوانه على غزة خلال عملية سيف القدس, فهذا يعني ان «إسرائيل» تدشن لحقبة جديدة مستندة على منطق القوة والبغي لتفرضها على المجتمع الدولي برمته.