قائمة الموقع

"الأونروا" بين مغادرة مربع الوهم.. أو إهدار الدم

2021-11-10T14:17:00+02:00
الأونروا.jpeg
بقلم/ خالد صادق 

محاولات مستميتة تبذلها «إسرائيل» بمساعدة فاضحة من الإدارة الأمريكية لإنهاء عمل وكالة الغوث الدولية «الاونروا», ومغادرة ما تسميه «إسرائيل» بمربع الوهم القاضي بحق العودة للاجئين الفلسطينيين والذي تقدره الوكالة بنحو خمسة ملايين ونصف المليون فلسطيني، بينما تقدره الإدارة الامريكية بنصف مليون فلسطيني فقط هم الذين يمكن ادراجهم كلاجئين فلسطينيين، وتدرك «إسرائيل» والإدارة الامريكية أن إنهاء عمل الاونروا لن يأتي في يوم وليلة، وأنه يحتاج لفترة ليست بالقليلة؛ لذلك بدأت المؤامرات الامريكية والإسرائيلية لتقويض عمل الاونروا منذ سنوات, فقد طالب ما يسمى برئيس الوزراء الصهيوني الأسبق بنيامين نتنياهو قبل نحو ثلاث سنوات بإلغاء عمل الأونروا وتولي مهامها من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وزعم نتنياهو أن الوكالة تكرس مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عن طريق تضخيم أعدادهم بشكل صارخ، في إشارة إلى أن الأونروا تمنح صفة لاجئ لأحفاد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين منذ عام 1948, ومن هنا كانت البداية، فقد التقطت الإدارة الامريكية تصريحات نتنياهو وبدأت بمخطط تقويض عمل الوكالة حيث اتهمت واشنطن الأونروا بشبهات فساد، لتبرير قرارها بخفض المساعدات من 365 مليون دولار سنويا إلى 65 مليوناً، وهي أكبر الدول الممولة للوكالة التي تبلغ ميزانيتها السنوية 1.2 مليار دولار، وهذا الابتزاز السياسي الأمريكي للوكالة يهدف للتعامل مع قضية اللاجئين بالرؤية الامريكية المجحفة الهادفة لإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

الرؤية الأمريكية لقضية اللاجئين الفلسطينيين وعمل الوكالة الدولية الأونروا تلخصت فيما تسمى بصفقة القرن، التي خلصت الى ان القرار الأميركي بوقف تمويل الأونروا يأتي في سياق تحول تتبناه إدارة الرئيس دونالد ترامب السابقة، كجزء من إعادة النظر في الاتفاق على المساعدات الخارجية، كما يأتي أيضا في سياق التحول الأكبر في سياسة واشنطن تجاه فلسطين، التي تمثلت في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرار نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المحتلة، والسعي لإقرار ما يعرف باسم صفقة القرن. التي تهدف الى تقديم تنازلات مجحفة لصالح تل أبيب، وفي محاولة لإبعاد اللاجئين تماما عن مفاوضات السلام، يخطط جاريد كوشنر للقضاء على الأونروا، وإعادة توطين اللاجئين بالبلدان العربية المجاورة. ما تريد أمريكا فرضه على الفلسطينيين إما مغادرة ما أسمته بمربع الوهم الذي يعني حق العودة للاجئين الفلسطينيين، أو إهدار دم وكالة الغوث الدولية بإنهاء عملها وانهاء قضية اللاجئين تماما كأنها لم تكن وهذا ما خطط له جاريد كوشنر للقضاء على الأونروا، وإعادة توطين اللاجئين بالبلدان العربية المجاورة, لقد بات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول المانحة تمارس الابتزاز السياسي بحق وكالة «الأونروا» وتسعى لإخضاعها لشروط مجحفة بحق الشعب الفلسطيني مقابل التمويل المالي لها، كما جرى في اتفاق الاطار الذي يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين و القبول بـ «إسرائيل» كجسم طبيعي بالمنطقة والالتفاف على حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإعادة تعريف اللاجئ.

الأزمة المالية التي تعيشها وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، هي أزمة مسيسة والهدف منها اخضاع الوكالة للرؤى الأمريكية والإسرائيلية، وتضع وكالة الأمم المتحدة «أونروا» تعريفاً متفقاً عليه للاجئين الفلسطينيين، بأنهم الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعي بين الأول من يونيو/حزيران 1946، و15 مايو/أيار 1948. ويحمل صفة لاجئين فلسطينيين أيضا من فقدوا منازلهم وسبل عيشهم جراء حرب عام 1948، وتسري الصفة على أحفاد اللاجئين الفلسطينيين من الذكور، وهناك أكثر من نصف مليون فلسطيني في غزة يعتمدون على دعم الأونروا، فوقف المساعدات او تقليصها يعني ان يعيش قطاع غزة  بين حصارين، الأول الذي تفرضه «إسرائيل» منذ 2006، والثاني حصار التمويل على الأونروا الذي تقوده الإدارة الامريكية, فالوضع المالي « لأونروا» حرج للغاية، فهناك دول كبرى قلصت من موازنتها للوكالة بنسبة 50%، كبريطانيا التي قلّصت مساهماتها بأكثر من ضعفين، بعدما كانت ثالث أكبر مانح، والدعم العربي تراجع من 200 مليون دولار الى 20 مليون دولار سنوياً، ووصل العجز المالي للوكالة لأكثر من 100مليون دولار, وهذا يبرز حجم الضغط الذي تمارسه «إسرائيل» والإدارة الامريكية ودول أخرى متضامنة معهم على الوكالة, والسعي الحثيث لإلغاء قرار حق العودة رقم 194 والقاضي بوجوب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتعول الاونروا في إنهاء أزمتها المالية وتحسين أوضاع اللاجئين على مؤتمر المانحين الذي سيعقد في 16 من الشهر الجاري بالعاصمة البلجيكية بروكسل, وما زال الامل يحدو اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى بيوتهم التي هجروا منها قسراً رغم كل المؤامرات التي تستهدفهم, وايمانهم بهذا الحق راسخ ولا يتزعزع أبداً, فما ضاع حق وراءه مطالب.

اخبار ذات صلة