شمس نيوز /تحقيق-عبدالله مغاري
تحت ضغط ظروف زجهم بها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم, يتجه الكثير من الفلسطينيين للسفر إلى دول عربية وأجنبية؛ بهدف العلاج أو التعليم أو حتى العمل, أهداف لم تُسقط القضية الفلسطينية ,من سلم أولويات المواطن الفلسطيني رغم غربته, فأينما كان وأينما تواجد لا يتكاسل في إبراز معاناة شعب تآمر عليه القريب والبعيد.
يبذل المغتربون الفلسطينيون, جهودا كبيرة لإقناع من حولهم بعدالة القضية, ويحاولوا لعب دور السفير المثالي قي ظل غياب دور السفارات والقنصليات الفلسطينية في تشكيل رأي عام عالمي مناصر للشعب الفلسطيني.
محاولات فردية
يحاول الشاب الفلسطيني "عطايا أبو سمهدانة "الذي يدرس في جامعة بيروت, العمل على إبراز المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة, من خلال مشاركته في الفعاليات والأنشطة الشبابية داخل الجامعة وخارجها, حيث يقول لـ"شمس نيوز" : أحاول إبراز القضية الفلسطينية من خلال نقل صورة معاناة أهلنا في غزة, وأحاول المشاركة في النشاطات خاصة في المناسبات الوطنية".
ويضيف: للأسف لا يوجد أي نشاط يذكر للسفارة الفلسطينية في لبنان, وهناك صعوبة في إقناع المجتمع اللبناني؛ لأن المجتمع اللبناني ليس واحدا، فهو عبارة عن مزيج طائفي وسياسي، منهم من يؤيدنا ويقف بجانبنا ولو بالكلمة، ومنهم من لا يعنيه الأمر".
ويؤكد "أبو سمهدانة" على حاجة الطلاب المغتربين في لبنان إلى راعٍ يجمعهم ويعمل على استثمار الطاقات والهمم العالية بشكل منظم وممنهج لخدمة القضية الفلسطينية.
أما الطالب هيثم الشريف "الذي يدرس في النرويج, فيروي تجربته في محاولة إبراز المعاناة الفلسطينية، ليقول: أحاول إبراز القضية لكل الأصدقاء الذين أتعرف عليهم خصوصا عندما يسالون من أين أنت؟ فتبدأ الأسئلة تنهمر علي لماذا وكيف ومن؟ ..الخ، وأكثر شيء صدمت منه هو جهل العالم الغربي بالقضية الفلسطينية.
ويضيف: الناس هنا يعتبرون ما يجري في فلسطين أعمال شغب يقوم بها شبان وقوات الاحتلال كالشرطة التي تحاول فرض الأمن ويعتقدون أن المشكلة على مسجد أو شيء بسيط".
ويؤكد "الشريف" على أنه وجميع الطلاب يحاولون وبشكل فردي إقناع زملائهم في الجامعة على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو صراع وجود وأن إسرائيل سلبت الأرض الفلسطينية, وهجرت سكانها وأن ما يقوم به الفلسطينيون هو مقاومة وليس إرهابا.
هل لنا سفارة؟
ويعبر الطالب الفلسطيني "غيث مبارك" والذي يدرس الطب في ألمانيا ,عن عدم شعوره بوجود تمثيل دبلوماسي فلسطيني في ألمانيا.
يقول مبارك لـ"شمس نيوز": أنا لا أعرف إن كان يوجد سفارة أو قنصلية أو أي تمثيل دبلوماسي فلسطيني في ألمانيا، وإن وُجد هذا النوع فأعتقد أنه معدوم القيمة, ولا يقوم بأي نشاط يذكر".
ويضيف: في الحربين الأخيرتين على القطاع قمنا بمظاهرات، وللأسف لم يكن هناك ما يسمى بالقنصلية أو السفارة الفلسطينية, بل على العكس كل القائمين على هذه المظاهرات وأكثر من 90 % من المشاركين فيها كانوا من غير العرب".
ويؤكد "مبارك" أن معظم الفعاليات والأنشطة التي يقوم بها الطلاب الفلسطينيون في ألمانيا, تكون على نفقتهم الخاصة، وتابع بالقول: قمنا قبل نحو سنه كطلاب فلسطينيين, بعمل حملة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت كل التكاليف منا, ولم نتلق أي مساعدة مما يسمى الجالية الفلسطينية أو جهات أخرى".
ونوّه "مبارك" إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية لكثير من الطلبة الذين يدرسون في ألمانيا, مشيراً إلى أن نسبة كبيرة يضطرون لتأجيل الفصول الدراسية, واللجوء للعمل من أجل توفير مصروفهم الشخصي, متسائلأً عن دور الجالية الفلسطينية وموقفها في هذه الحالة؟.
جهود صعبة
أما الحاج "أبو محمد" الذي قام بتأدية فريضة الحج, العام الماضي، فيعبر عن صعوبة الجهود الفردية التي يمكن بذلها لإقناع المجتمع الدولي بعدالة القضية الفلسطينية.
يقول "أبو محمد" لمراسل "شمس نيوز": حاولت أن أساهم في نشر القضية, وأنا أتحدث لبعض الحجاج الأجانب عن معاناة أهل غزة, فوجدت هناك صعوبة في ذلك، لأن الكثيرين لا يعرفون عن غزة شيئا.
ويضيف: أنا أتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة, تحدثت مع بعض الأجانب المسلمين عن غزة والمعاناة التي يعيشها السكان, لكن معظمهم يحملون الأفكار والروايات التي تبثها إسرائيل".
ويؤكد" ابو محمد" على أن نسبة كبيرة من الحجاج العرب يحملون المواقف والروايات الإسرائيلية ,وأن نسبة كبيرة منهم لا يصدقون ما يحدث في غزة. ويتابع بالقول: حتى العرب وأهل السعودية, على قناعة بالرواية الإسرائيلية، في أحد المرات كنت أتحدث لسائق سعودي عن غزة، فقال لي: يعني الصور اللي بنشوفها مش دبلجة؟!".
ويحمل "أبو محمد "المسؤولية لوزارة الأوقاف الفلسطينية, لعدم قيامها بتدريب وتأهيل الحجاج وعقد ورش عمل ومحاضرات وندوات تؤهلهم بأن يكونوا خير ممثلين لفلسطين في أكبر تجمع للمسلمين بالعالم, معتبرا أن حجاج فلسطين هم أكبر بعثة دبلوماسية يجب أن يتم استثمارها.
مطلوب تنسيق
من جانبه أكد المختص في العلاقات الدولية "د. اشرف الغليظ" , على أهمية الجهود التي يقوم بها المغتربون الفلسطينيون, لإبراز القضية الفلسطينية وتشكيل رأي عام عالمي مناصر لها ,مشيراً إلى ضرورة أن تكون هذه الجهود وفق سياسة مدروسة ومخطط لها مسبقا لتحقق الأهداف الفلسطينية.
وقال "الغليظ" في حديثه لـ"شمس نيوز": ندرك بأن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج ,همه إبراز القضية والمعاناة الفلسطينية، والدور الذي يقوم به المغتربون دور جيد وهام, ويحتاج إلى سياسة مدروسة ليحقق الأهداف الفلسطينية.
وأضاف: أنا كنت طالبا أدرس خارج فلسطين في يوم من الأيام, وكنا نمثل فلسطين بالخارج, ولعل كثيرا من الناس لم يكونوا يعرفون أين تقع فلسطين وما هي مشكلتها".
وشدد "الغليظ" على ضرورة القيام بتدريب وتأهيل المواطنين في الداخل والخارج, وزيادة معرفتهم بالأمور المفصلية للقضية الفلسطينية, ليتمكنوا من تمثيل فلسطين بالخارج, ومجابهة الحجج الإسرائيلية المقدمة لدول العالم .
وأشار إلى أن كثيرا من الشباب الفلسطيني لا يعلمون سوى الخطوط العريضة عن القضية الفلسطينية ولا يعلمون التفاصيل, مؤكداٌ على أن الحركة الصهيونية وأنصارها لديهم علم بالقضية الفلسطينية أكثر من المواطن الفلسطيني في بعض الأحيان.
ودعا "الغليظ" كافة المواطنين الفلسطينيين في الدول الأجنبية, لبذل مزيد من الجهود لإبراز القضية الفلسطينية, قائلا : يجب على كل مواطن فلسطيني موجود في أي دولة كانت, أن يبذل جهدا كبيرا, فلسطين بحاجة إلى جهد كبير، والسفارة عليها دور, والطالب والعامل والمريض والإعلامي ,الكل عليه دور وإن تضافرت هذه الجهود سنرتقي بالقضية الفلسطينية".
يتم الاستعانة بهم
بدوره، قال مساعد السفير الفلسطيني في مصر , المستشار "بشير أبو حطب "في اتصال هاتفي مع مراسل "شمس نيوز"، إن السفارة الفلسطينية في مصر, تستعين بالطلبة والمغتربين الفلسطينيين, في المناسبات والاحتفالات والمهرجانات الوطنية, مشيرا إلى وجود ملحق ثقافي ناشط في هذا المجال ومختص في متابعة الأمور الثقافية والأنشطة الطلابية.
وأكد "أبو حطب "على أن السفارة على تواصل مع الجالية ومع كافة المواطنين, سواء الذين يفقدون جوازاتهم أو يتعرضون لمشاكل، وعلى تواصل مع الطلاب والمرضى بشكل يومي ومع أي مواطن فلسطيني يتعرض لأي مشكلة".