بقلم/ د. هاني العقاد
تختلف طبيعة المواجهة بين المقاومة الفلسطينية في غزة ودولة الاحتلال من مواجهة إلى أخرى فالمواجهة الأخيرة في "معركة سيف القدس "اختلفت أساليب المقاومة تماما عن سابقتها عام 2014 وتميزت بذكاء وحنكة اكثر في إدارة المعركة والثبات عند المعادلة الاولي للمعركة ميدان المعركة شهد ادخال أدوات جديدة في المعركة ,المقاومة أدخلت المسيرات لأول مرة علي صعيدين ,صعيد متابعة تحركات العدو وصعيد الهجوم علي تجمعات العدو وقد اعترف العدو بذلك، ودولة الاحتلال أيضا باعتراف قائد اركان جيش الاحتلال استخدمت حوامات متفجرة لأول مرة كشفت عنها قيادة جيش الاحتلال واستخدمتها في اغتيال الافراد ومتابعة العمليات الهجومية من الانفاق في غزة والتصدي لها، جنرال في جيش الاحتلال لم يكشف عن اسمه قال "إن إسرائيل استخدمت طائرات انتحارية في المواجهة الأخيرة مايو أيار الماضي التي استمرت 11 يوما " وكشف تقرير أن جيش الاحتلال اعتبر تلك العمليات تجربة ناجحة لذلك فان رئيس الأركان امر بزيادة معدل انتاج الحوامات الهجومية في اطار الاستعداد للحرب المقبلة والتعامل معها كأداة أساسية لمواجهة التهديد الصاروخي من قطاع غزة .
مؤخراً وبعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي بطائرتين مسيرتين مفخختين انطلقتا من مسافات بعيدة واصابتا المبني في المنطقة الخضراء وتجاوزت تلك الطائرات كافة شبكات الرادار الأمريكي ولم يكشف أي منها, أصيبت دولة الاحتلال بالرعب لدقة الاستهداف وما بات تحسب حسابه هو انتقال هذه التكنولوجيا للمقاومة في غزة ولبنان لان حصولهم عي مثل هذه التكنولوجيا سيغير طبيعة المعركة القادمة ويحسمها في وقت اقل مما تتوقع فيه دولة الاحتلال وخاصة ان كافة مواقعها العسكرية وبطاريات القبة الحديدية الدفاعية مكشوفة بالإضافة للمؤسسات الحكومية والصناعية ومصادر الطاقة والغاز وخطوط النقل والاستيراد والتصدير, هذا يعني أن دولة الاحتلال سوف تشل كافة حركتها التجارية والسفر عبر المطارات وحركة السفن والسكك الحديدة وحتي المواصلات العامة داخل المدن .المقاومة الفلسطينية لم تخبئ حتى الان انها تمتلك مثل هذه الأدوات الفاعلة في المعركة لكنها لم تكشف تماما عما تملك وهذا ما يخيف إسرائيل وخاصة انها كانت قد فعلت القبة الحديدة الأسبوع الماضي واسقطت طائرة مسيرة تابعة للمقاومة الفلسطينية في البحر علي شواطئ غزة وقالت المقاومة إن الحوامة كانت في جولة تدريبية اعتيادية وهي ليست طائرة هجومية.
ضابط في سلاح المدفعية الاحتلالية برتبة عميد قال مؤخرا في تقرير أن المقاومة في غزة ولبنان تطور باستمرار في قدراتها القتالية ويمكن ان يضيقوا مجال المناورة لجيش الاحتلال كثيرا, وأشار الي ان مفاهيم المعركة تتغير ولم تعد المواجهة برا وبحرا وجوا فقط بل ان المواجه ستكون بأبعاد ثلاثة اخري هي في الانفاق والحرب الالكترونية والمجالات الكهرومغناطيسية، وأوضح الي "ان سلاح المدفعية يمتلك طائرة "فارس السماء" ولديه وحدتين تعملان في هذا المجال وسيعمل علي ضم تشكيل وحدة ثالثة خلال الفترة القادمة, وأضاف ان المقاومة في غزة ولبنان تطور قدراتها القتالية وهذا جعلنا نعد رؤية عمل مناسبة لتفادي أي أخطاء وبالتالي تعزيز القدرة علي جمع المعلومات ومتابعة التحركات في المناطق السكنية والوعرة لأن المعركة القادمة ستكون بين طائرة ومسيرة واخري" ,هذه التصريحات تدلل أن جيش الاحتلال متخوف من المواجهة القادمة التي ستختلف حساباتها عن حسابات أي مواجهة سابقة والتي بالطبع ستكشف مزيد من الإخفاقات في الردع لصالح المقاومة الفلسطينية لذلك اعتقد أن إسرائيل تحاول تفادي المواجهة العسكرية باللجوء الي أساليب تبريد الجبهات والدفع بتسهيلات اقتصادية محسوبة لغزة دون أن تضطر دولة الاحتلال لرفع الحصار بالكامل وفتح تام للمعابر هناك .
ما يؤكد رعب دولة الكيان من أي مواجهة قادمة مع المقاومة وقدرتها علي تغير قواعد اللعبة وطبيعة المواجهة واساليبها بما لا تستطيع دولة الاحتلال مواجهته هو العدد الهائل من المهندسين العاملين في الصناعات الجوية الصهيونية والذين يفوق عددهم 16000 شخص منهم 6000 مهندس يعملون لتطوير إمكانيات جيش الاحتلال في هذا الحوامات الهجومية والاستكشافية وحوامات المتابعة والرصد وبالتالي تعتقد دولة الاحتلال انها تستطيع التفوق في القدرة علي تحقيق ردع للخصم في أي حرب تنشب علي أي جبهة سواء في الجنوب او الشمال من قبل حزب الله. ان مخاوف دولة الاحتلال تزداد من فترة إلى أخرى بفعل المناورات التي تقوم بها المقاومة في غزة من إطلاق صواريخ تجريبية دقيقة او حوامات رصد وتدريب وهذه المناورات لها القدرة على ارسال رسائل لدولة الاحتلال بانها قد تواجه خصما مختلفا في أي مواجهة عن المواجهة السابقة هذا ان استطاعت تشخيص الخصم او تحديد مكانه وهذا من اهم ادق عمليات إدارة المواجهة مع الاحتلال في أي حرب قادمة.
مخاوف دولة الاحتلال هذه ستجعلها تخوض أي مواجهة قادمة بعشوائية بسبب نقص كبير في المعلومات بالرغم من امتلاك الاحتلال اكبر واوسع منظومة تجسس في المنطقة، لكنها حتي الان فشلت في النيل من المقاومة ورجالها وقدراتها لان المقاومة في غزة لن تقاتل بوحدات قتالية ظاهرة ومكشوفة من الجو وبالتالي نتوقع ان تعود دولة الكيان لموضوع ضرب البني التحتية والمباني الكبيرة في غزة والدفع بالألاف من الحوامات الانتحارية لميدان المواجهة وشن حرب انتقامية ضد كل شيء في غزة وهذا من شانه ان يرفع نسبة الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين وبالتالي قد ترتكب اسرائيل مذابح كبيرة تحت زعم انهم رجال مقاومة وهذا سيكشف اخفاق جيش الاحتلال كثيرا بالمقابل ستتمكن المقاومة من توجيه ضربات موجعة لمواقع الاحتلال الاستراتيجية والأمنية والعسكرية دون أن تستطيع دفاعاته الجوية صد هذه الهجمات لأنها ستكون مكثفة و واسعة ومركزة وبأدوات وأساليب متعددة.