غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الذكرى الـ 33 ليوم الاستقلال.. هل تحقق الهدف المنشود؟!

خالد صادق.jpg
بقلم/خالد صادق

كنت في الجزائر يوم ان اعلن الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات وثيقة الاستقلال, وقرأها على وسائل الاعلام في احتفال رمزي في العاصمة الجزائرية, واذكر حالة الحماس التي انتابت الحضور وأبو عمار يتلو الوثيقة على الحضور بصوت جهوري متحمس وسط تصفيق حار من الحاضرين, وتحديدا عندما قال وقد تحشرج صوته: «نعلن باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف» كان ذلك في الخامس عشر من نوفمبر 1988م وكنت حينها طالبا في جامعة الأمير عبد القادر الجزائري بمدينة قسنطينة شرق الجزائر, وقد كتب نص وثيقة الاستقلال الشاعر الراحل محمود درويش وانتقى كلماتها بعناية فائقة, وقد جاءنا بعض الطلاب الجزائريين يهنؤننا بالاستقلال, اعتقادا منهم انه استقلال على غرار استقلال الجزائر الذي تحقق بعد اكثر من مائة وثلاثين عاما من النضال ضد الاحتلال الفرنسي, وكنا نشرح لهم معنى الاستقلال الذي جاء في الوثيقة, وانه خطوة لترسيخ الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه، وقرارات القمم العربية، وقوة الشرعية الدولية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه, وكانت الرسالة السياسية التي أرادتها القيادة الفلسطينية حينها تتلخص في توجيهها نصا إلى «الأمم المتحدة لتتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني»، وإلى دول العالم «أن تعينها في تحقيق أهدافها بوضع حد لمأساة الفلسطينيين وتوفير الأمن لهم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم».

هناك في الجزائر كانت المشاعر جياشة والمواقف تحكمها العاطفة, والآمال تتعلق بالمستقبل وان يتحقق الاستقلال المنشود الذي وضع الرئيس الراحل ياسر عرفات اماله عليه, لكننا استفقنا على كوابيس نعيشها اليوم فقد سقطت حقوق الشعب الفلسطيني بعد ان وقعت السلطة على اتفاقية أوسلو المشؤومة والتي بموجبها تنازلت منظمة التحرير عن 78% من ارض فلسطين التاريخية لصالح الاحتلال الصهيوني, وابقت على 22% من باقي مساحة فلسطين رهن التفاوض والمساومة, واليوم نستفيق على حقيقة ان الاحتلال لا يعترف باي سيدة فلسطينية رسمية على أي جزء من ارض فلسطين, وانه يتعامل مع القضية الفلسطينية على اعتبار انها قضية إنسانية يمكن من خلالها تحقيق السلام بتحسين أوضاع الفلسطينيين المعيشية, اما قرارات القمم العربية فقد حولتها إسرائيل من اللاءات التي اجمع عليها الرسميون العرب (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني) الى نعم للصلح والاعتراف والتفاوض مع «إسرائيل» والشرعية الدولية تلعب دور شاهد الزور ومؤخرا ومن على منبر الأمم المتحدة مزق ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد اردان تقرير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ليبرز بوضوح احتقار إسرائيل للمجتمع الدولي وعدم التزامها باي قرارات تنتقص من رؤيتها لاي حلول في المنطقة العربية والشرق أوسطية وتقوض من نفوذها او تقييدها في مخططاتها الهادفة للسيطرة على المنطقة والتحكم في ثرواتها وخيراتها وثقافتها وسياستها وامنها واستقرارها.

وثيقة الاستقلال تحدثت عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف, وقد ظنت السلطة ان تقرير المصير يأتي من خلال التفاوض فقط, والتمسك بخيار السلام والتسوية الذي لا بديل عنه, وسلكت هذا الطريق منذ نحو ثلاثين عاما دون ان تحقق أي شيء, بل هناك انكار واضح من «إسرائيل» لكل الحقوق الفلسطينية, وقد كانت منظمة التحرير تتسلح بانتفاضة الحجارة التي فجرها شعبنا في وجه الاحتلال الصهيوني عندما أعلنت وثيقة الاستقلال, لكن رئيس السلطة محمود عباس الذي يحتفل هذه الأيام بعيد ميلادة السابع والثمانين  لا يرى أي غضاضة في سلوك مسار التسوية, الذي يوصلنا دائما الى التنازلات والهزائم, اما إقامة دولة مستقلة فهذا الحلم انهته «إسرائيل» تماما برفضها لحل الدولتين وتعزيز الاستيطان, وتحويل الضفة الى كانتونات منفصلة عن بعضها البعض, واعتبرت «إسرائيل» ان القدس عاصمتها الموحدة, وانه لا مجال للتفاوض حول القدس, وتوج كل هذا الرفض «بصفقة القرن» التي تبنتها الإدارة الامريكية والتحقت بها بعض الزعامات العربية والدولية, فوثيقة الاستقلال التي نعاها كاتبها محمود درويش برائعته الشعرية «وسقط الفارس عن الحصان» ونعاها قارئها الشهيد ياسر عرفات عندما رفض التوقيع على اتفاقية السلام المدنس في كامب ديفيد 2000م بعد ان حاول باراك وكلينتون اجباره على ذلك فرفض بشدة ودفع حياته ثمنا لذلك, وقال عبارته الشهيرة «يريدونني اما شهيدا او طريدا او سجينا, وانا أقول لهم بل شهيدا شهيدا شهيدا».

اليوم وبعد 33 عاما من اعلان وثيقة الاستقلال, هناك من يسعى لمنح الاحتلال صكوك غفران على سياساته المجحفة وتنكره للحقوق الفلسطينية, وهناك من يعبث بالقضية الفلسطينية, ويمارس القهر والتسلط, ولا زال شعبنا يبحث عن الاستقلال الحقيقي الذي يتجسد واقعا على الأرض من خلال التضحيات والعطاء الذي لا ينضب.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".