من المتعارف على العادات الفلسطينية، أنه في حال وقوع وفاة، وتصادفها مع موعد فرح محدد لأحد الجيران أو الأقارب، فإن الفرح يُؤجل إلى مدة معينة، ونظرًا لبعض الظروف؛ فإن الزفاف يتم دون مظاهر عامة تشعر الجيران أو الأقارب بذلك.
هذه العادة التي تعد من العادات الاجتماعية، وتنم عن مدى تماسك المجتمع، وترابطه وتواصله مع بعضه البعض، استمرت مع الأجيال ورغم مرور الزمن عليها، إلا أنها في الآونة الأخيرة بدأت بالتضاؤل.
الدكتور أيمن أبو نقيرة، من حي الشابورة برفح جنوب قطاع غزة، واحد من مئات الغزيين الذين عملوا على تطبيق هذه العادة، والحفاظ على الإرث الاجتماعي الفلسطيني؛ إذ قرر إخفاء مظاهر الفرح في زفاف نجله الأكبر؛ بسبب وفاة أحد جيرانهم في ذات يوم الفرح.
أبو نقيرة، والذي كان يستعد بتحضيرات الفرح، تفاجأ بوفاة جارهم الحاج حمدان عواد "أبو محمد"، ليقرر تحويل تلك التحضيرات، وتكاليفها إلى بيت عزاء جارهم طيب السمعة والذكر، ويكتفي بزفاف نجله دون أي مظاهر للفرح.
الجدير ذكره أنه من العادات الفلسطينية، بأن يكون لـ"أول فرحة" بهجتها، ومظهرها العام الذي يبقى صورة في أذهان الجميع، ولدى عائلة الدكتور أيمن أبو نقير لا بد أن يكون لها صورة بهية؛ كونه ودع ابنه البكر "عبد الرحمن" شهيدًا في العام 2015، إلا أنهم أصروا بالتمسك بالعادات الفلسطينية الأصيلة؛ لما لها من دور في الترابط الاجتماعي.
يقول أبو نقيرة في حديث مع "شمس نيوز": "يصعب عليَّ أن أرى جاري لديه عزاء، وأنا أقيم فرحًا أمامه لا يبعد عنه سوى بضعة أمتار، كما يصعب عليَّ أن يكون لديه عزاء، وألا أقف بجانبه".
هذه العادة استمدها أبو نقيرة من والده، الذي قرر تأجيل فرح أبناء عمه في العام 1982، إبان مجزرة صبرا وشاتيلا، لقرابة 40 يومًا، وبعدها تمت مراسم الزواج دون أي مظاهر للفرح.
يضيف أبو نقيرة: "طالما من الممكن أن تتم مراسم الزفاف، دون أي مظاهر للفرح، أو أن تكون بأضيق الحدود، فهذا الأمر جيد".
وشدد على أهمية الترابط الاجتماعي، وأن يكون جميع الجيران مترابطين وقت الشدائد، واللين، خاتمًا حديثه "لا بد أن نكون مجتمعا متماسكا، نحزن لحزن جارنا، ونفرح لفرحه".