غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

كان أنور وكان النور على الطريق

WhatsApp Image 2021-12-11 at 11.14.30.jpeg
بقلم/ نعمان إبراهيم

"اطمئنوا أيها الأحرار، سيأتي يوم نذاكر فيه كتاب الحرية بعنف، وتسمع كل الدنيا نشيد الشهادة، ما دام فينا "جرح الشقاقي" النازف، لن يهدأ لنا بال إلا ببحر من دماء القاتل". من كلمات الشهيد أنور حمران

مطرٌ غزيرٌ من سماءٍ تكادُ أن تسقط، والأهالي يخرجون أفواجاً يصطفون طوابيرَ طويلة، يستقبلون البطلَ، بصمت يتكلم، وكلام يصمت. كان ذلك يوماً مشهوداً من أيام ديسمبر، أربعة مجاهدين يلبسون أكفاناً بيضاء، يحملون على الأكتاف قائدهم أنور حمران.

كانت عرّابة التي تربض على ربوة من الأرض، تستقبل خطوات المعلم الشهيد فتحي الشقاقي، الذي زارها مطلع الثمانينيات، تلك الخطوات التي زرعت على الطريق، وفي محاريب المساجد، وتحت صفيح البيوت، قد أثمرت ورداً وعشاقاً وشهداء.

كان ذلك الشاب الجميل، قد أبصر المعلم الجليل، ففتن به، واتبع خطاه، وصار مريده، وصار حفيده الذي سيحمل رايته، ويقود فكرته، ويرسم بدمه الطريق إلى القدس.

أول الطريق:

بدأت الحكاية، من أيام تموز الحارة، فقد أنجبت العائلة فلذة كبدها في الحادي والعشرين من تموز 1972م، والذي سيغدو رجلاً لا يتجاوز الثامنة والعشرين ربيعاً، فيما عمره القصير قد تكلم عن كثير من الأفعال المشهودة لبطل من زمن اَخر.

سافر أنور حمران إلى الأردن لدراسة الصيدلة، وما إن أنجز سنوات دراسته، حتى أقدمت الأجهزة الأردنية على منعه من إكمال امتحاناته النهائية، فقرر العودة إلى الوطن، وقرر أن يسلك طريق العلم مرة أخرى في جامعة القدس المفتوحة، فكان رجلاً يسلك مسلكين مسلك العلم ومسلك المقاومة، ومن سلكهما سهل الله له طريقاً إلى الجنة.

على الطريق:

كان الاعتقال الأول للشهيد أنور حمران بسب إلقائه زجاجة حارقة على دورية عسكرية في أثناء انتفاضة 1987.

كان له دور بارز في تأسيس وتثبت وجود حركة الجهاد الإسلامي في بلدة عرابة خصوصاً وفي مدينة جنين وشمال الضفة عموماً، حيث واجه العديد من المضايقات من القوى والتنظيمات المنافسة للتنظيم الناشئ، فكان بقوة شخصيته وشكيمته يفرض حضوره إلى جانب إخوانه المؤسسين الذين ثبتوا القواعد الأساسية وشكلوا النواة الصلبة لحركة الجهاد الإسلامي.

أثناء دراسته الجامعية، كان ممثلاً لحركة الجهاد الإسلامي في الأردن، حيث حاول النظام الأردني تسليمه للكيان الصهيوني، ثم سافر إلى سوريا، والتقى بالشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، وحين عودته إلى أرض الضفة، تم اعتقاله على يد قوات الاحتلال.

ثم خرج من السجن، يعيد تشكيل الخلايا، وينظم الصفوف، وقامت إحدى المجموعات بتنفيذ عدة عمليات قرب بلدة عرابة، أدت لإصابات محققة في صفوف الصهاينة. كما أسس أول مكتب إعلامي مع الشهيد القائد إياد حردان، في جنين، قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى.

اَخر الطريق:

مرت أربع سنوات كانت بمثابة أربعين سنة، كان أبو صهيب محروماً من زيارة أهله، فهو المطارد الأول، والمطلوب رأسه بأي ثمن. وفي شهر رمضان الفضيل، جاءت والدته لزيارته، فحظي بقبلة منها، وخرج مودعاً لها، يسير في طريقه الأخير نحو القدس، ذلك الطريق الذي افتتحه بإيمانه العميق وجهاده المتواصل وتضحياته الكبيرة، فكان يبصر النصر ويرى النور ويستبشر بالبشارات القادمة على الطريق إلى كل الجهات.

في ذلك الصباح المكتوب فيه نهاية رجل شجاع، الحادي عشر من ديسمبر 2000م، وعند اقتراب عقارب الساعة من الواحدة والنصف، وأثناء خروجه من الحرم الجامعي، وعلى مرأى من زملائه، انهمر وابل من رصاص القتلة الصهاينة فوق جبل جرزيم، كان القاتل يعلم حجمه، فكان يطلق المزيد من الرصاص، ليتأكد من نهاية البطل، التي جسدت بداية كل البطولات.

ثم حملته الجماهير التي عرفته وأحبه، في جنازات مشهودة، حيث أقيمت له جنازة وتمت الصلاة عليه في مكان استشهاده في نابلس، ثم نقل جثمانه الطاهر إلى جنين ومسقط رأسه "عرابة"، حيث تمت الصلاة عليه في جنازة مهيبة، كما شيع شهيدنا إلى مرقده في المقبرة الغربية من البلدة.

أثناء جنازة الشهيد في مسقط رأسه "عرابة" ألقى الأمين العام الدكتور الراحل رمضان شلح كلمة مؤثرة بحق الشهيد القائد أنور حمران، كانت أولى كلماته لنعي الشهداء في انتفاضة الأقصى.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".