بقلم/ خالد صادق
لا زال الاحتلال الصهيوني يلعب دور الحاوي لاحتواء السلطة ويخرج ما في جعبته من مفاجآت, تدل على مدى الانهيار والاستسلام والوهن الذي وصلت اليه السلطة الفلسطينية, وذلك في ظل عدم ايمانها بقدرات الشعب الفلسطيني على مواجهة الاحتلال واحباط مخططاته وافشال مؤامراته, والقاء نفسها في حضن الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي وزعامات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني, حيث يستعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقاء وزير الحرب الصهيوني المجرم بيني غانتس, وما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني النازي يائير لابيد, طمعا منه في ان يقدم الاحتلال الصهيوني له طوق النجاة, ويضفون عليه نوعا من الشرعية, ويزكونه لدى الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي وعواصم التطبيع العربي, وقد ادرك رئيس السلطة انه اذا أراد ان يحظى بتأييد «إسرائيل» ودعمها, فعلية ان يقدم القضية الفلسطينية على طبق من ذهب لإسرائيل, مقابل السماح بوجود السلطة على الأرض, ودائما ما تلاعب «إسرائيل» رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المربعات التالية:
أولا: ان بديل محمود عباس موجود ورهن الإشارة ويمكن ان يقدم كل هذه التنازلات للاحتلال دون قيد او شرط.
ثانيا: التهديد بالتيار الإصلاحي القوي الذي يقوده محمد دحلان والذي له امتداد في الإقليم ويتلقى التأييد والدعم من العديد من الدول العربية، وكذلك التهديد بقيادات متنفذه داخل السلطة تسعى لإزاحة عباس عن الحكم.
ثالثا: استحضار قوة القيادي البارز في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي الذي يستطيع منافسة محمود عباس على رئاسة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، وسحب البساط من تحت اقدامه، إضافة الى عدم سيطرة محمود عباس على أجهزة أ0من السلطة التي تتبع لمدرائها المحميين من الاحتلال والكاسبين لثقته.
رابعا: ما حدث في غزة من سيطرة حماس على القطاع، وازاحة السلطة أصبح يمثل حالة رعب وفزع لرئيس السلطة، الذي يعتبر ان زيادة نفوذ حماس والمقاومة في الضفة يمثل خطرا كبيرا عليه ويهدد وجوده.
خامسا: يخشى محمود عباس من نفس المصير الذي لقيه الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي سممته «إسرائيل» وقتلته بدم بارد دون ان يحاسبها أحد على جريمتها.
سادسا: بات محمود عباس يدرك ان «إسرائيل» لها اليد الطولي في فرض الحصار المالي العربي على السلطة الفلسطينية، وان «إسرائيل» حرضت أنظمة التطبيع الخليجي والعربي على وقف دعم السلطة ماليا ومحاصرة عباس سياسيا، بعد ان وصفت دول عربية عباس بأن شرعيته منقوصة، ويريد رئيس السلطة استعادة دوره مجددا واستجلاب الأموال للخروج من هذا المأزق، حتى وان كان ذلك على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية.
الحاوي الصهيوني لم يخرج كل ما في جعبته, فما زال لديه الكثير, و «إسرائيل» تقول لعباس «ياما في الجراب يا حاوي» وهو لا يملك سوى الاستسلام لإرادة الاحتلال, بعد ان فقد كل أوراق القوة التي يملكها, بعد قيام الاحتلال بترويضه وتطويعه, فما الذي يريده رئيس السلطة من لقاء غانتس لابيد, وهو الذي اعلن مراراً ان لا لقاءات «إسرائيل» ما لم يتوقف الاستيطان ويتم الافراج عن أموال المقاصة, وإلغاء قرار الاحتلال بان القدس عاصمة موحدة له, وكذلك التراجع عن «اسقاط حل الدولتين» لكن رئيس السلطة استمرأ النكوص والتراجع امام الاحتلال, وبات يرتقب الجلوس مع غانتس ولابيد لأجل التوافق على عدة امور نذكر منها.
أولا: إنعاش وضع السلطة ماليا واقتصاديا والافراج عن أموال الضرائب في مقابل تخلي السلطة عن الثوابت السياسية، والتركيز على تحسين الوضع الاقتصادي وإدارة الشؤون المدنية لسكان الضفة الغربية.
ثانيا: منع اندلاع انتفاضة شعبية في الضفة الغربية المحتلة، والتي بدت ارهاصاتها حاضرة بقوة، وتجلى ذلك فيما تشهده جنين ونابلس وتحديدا «بلدة بيتا» والحراك الليلي هناك، وهبة الحرم الابراهيمي في الخليل وغيرها.
ثالثا: منع تمدد نفوذ حماس والجهاد الإسلامي وسعيهما لتنفيذ عمليات فدائية في الضفة الغربية ضد الاحتلال الصهيوني، وملاحقة عناصر الحركتين والزج بهم داخل السجون في حملة متزامنة تشرع بها السلطة والاحتلال.
رابعا: زيادة وتيرة التنسيق الأمني الى حد كبير، والسعي للتنسيق مع جهات خارجية اقليمية لمحاصرة المقاومة الفلسطينية ومنعها من زيادة قوتها العسكرية، وحصارها في قطاع غزة وتشديد الإجراءات العقابية عليها.
خامسا: غض الطرف عن سياسة التوسع الاستيطاني، وما يحدث في القدس والمسجد الأقصى، ومحاولات التهجير والتهويد هناك، وعمليات الاخلاء المنوي تنفيذها إسرائيليا في حي الشيخ جراح وحي سلوان والخان الأحمر والاغوار الشمالية.
فعلى ما يبدو أن جراب الحاوي لا زال مليئاً بالمفاجآت، والسلطة تتقوقع داخل هذا الجراب, ولا ندري متى يمكن ان تخرج منه, وهى ارتضت ان تكون أداة الخداع التي يستخدمها الحاوي ويلوح بها, لكن حتما وفي يوم ليس ببعيد سينقلب السحر على الساحر, وتدفع إسرائيل ثمن سياستها الحمقاء.
