مع تزايد العمليات الفدائية الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة، تزداد القناعات الإسرائيلية بأنها أمام انتفاضة شعبية فلسطينية ضد الاحتلال.
في الوقت ذاته، تحاول المحافل "الأمنية الإسرائيلية" الربط بين هذه الهجمات الموجهة ضد قوات الاحتلال، وحالة الرفض الشعبي الفلسطيني لأداء السلطة الفلسطينية المتراجع في الآونة الأخيرة، سواء في تفشي مظاهر الفساد الداخلي والإداري من جهة، أو ملاحقتها للمقاومين وزيادة تنسيقها مع الاحتلال من جهة أخرى.
"آفي برئيل" كتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالا قال فيه إن "دعاية حماس تحاول وصف ما يحدث بالفعل في الضفة الغربية والقدس المحتلة بأنه انتفاضة ضد إسرائيل وشريكتها المزعومة، السلطة الفلسطينية، وهو ما يتم تعميمه حاليا في الضفة الغربية وشرق القدس، خاصة من حيث مستوى المقاومة الميدانية النشطة، وانتشار المظاهرات في مدن جنين والخليل على سبيل المثال، وهي موجهة أكثر للسلطة الفلسطينية الفاسدة والفاشلة" على حد زعمه.
وأضاف "برئيل" أن "الاستثناء القائم في نقاط الاحتكاك المتمثلة في باب العامود أو الأحياء اليهودية بالقدس المحتلة، يشكل عداء موجها بصورة حصرية للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يؤكد أن لدى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أسبابا وجيهة للإحباط والغضب من الحالة التي تمر بها الحركة الوطنية الفلسطينية من جهة، وإجراءات الاحتلال من جهة أخرى، ما يعني في المحصلة أن الوضع الفلسطيني يمر في أزمة حادة".
وتشير المعطيات "الإسرائيلية" إلى أن ارتباط هذه العمليات الميدانية بالتطورات السياسية يشير إلى أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ليست في عجلة من أمرها لاحتضان السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس، ويعتقد الفلسطينيون أن الإدارة الديمقراطية الحالية ليست بصدد إجبار "إسرائيل" على تنفيذ حل الدولتين لإنهاء الصراع.
هذا التباطؤ الأمريكي في العمل مع السلطة الفلسطينية، وعدم الرغبة في الدخول في مواجهة مع حكومة الاحتلال الحالية، يطرح أسئلة "إسرائيلية" حول السبب في تعجل المؤسسة "الأمنية الإسرائيلية" في إنقاذ السلطة، ولماذا تبدو الأجهزة "الأمنية الإسرائيلية" وكأنها "مجموعة ضغط" تسعى لتوفير التمويل اللازم للسلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة وأوروبا، فيما يظهر الجواب الصحيح أن كل ذلك نابع من رغبة مفهومة لمنع حركة حماس من السيطرة على قلب الضفة الغربية.
أوساط "إسرائيلية" متزايدة ترى أن هذه الفرضية التي تحرك الاحتلال فارغة من مضمونها؛ أولا لأنها لن تنجح في وقف الهجمات الفدائية من جهة، وثانيا لأنها لن تجدي في إنقاذ السلطة الفلسطينية، التي تواصل فقدان شرعيتها الداخلية، وثالثاً لأنها لن تجدي في محاولات كبح نفوذ حماس، وسيكون من الأفضل حينئذٍ، وفق بعض القراءات الإسرائيلية، ترك السلطة الفلسطينية تسقط وتنهار.
وحين يتحقق هذا السيناريو، فإنه سيكون من الصواب وفق التقدير الإسرائيلي توقع حدوث توترات أمنية على الحدود مع حماس، وفي هذه الحالة قد تكون الحاجة الإسرائيلية ملحة لتنفيذ عملية جديدة على غرار السور الواقي في جميع أنحاء الضفة الغربية لمنع حماس من استعادة نفوذها، وتنفيذ عملياتها التفجيرية في قلب المدن الفلسطينية المحتلة. نقلا عن "فلسطين الآن".