تعتبر ملحمة سيف القدس البطولية هي الحدث العسكري الأهم في العام 2021م, وقد مثلت مرحلة مفصلية في الصراع مع الاحتلال الصهيوني, وأسست لواقع جديد استطاعت من خلاله فصائل المقاومة فرض معادلات جديدة على الاحتلال الصهيوني, بعد ان أظهرت قوة في ميدان المواجهة على مستوى الأداء القتالي ضد المحتل الغاصب, او على مستوى التطور التقني في سلاح المقاومة, وإدخال وسائل قتالية جديدة في الميدان, ومن اهم الإنجازات التي حققتها فصائل المقاومة الفلسطينية في ملحمة سيف القدس البطولية.
أولا: استطاعت المقاومة من خلال أدائها القتالي وقدرتها على قصف المدن الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م وقدرتها على تجاوز القبة الحديدية التي كان يباهي بها الاحتلال العالم كله، ومن خلال كثافة الرشقات الصاروخية التي أطلقت في وقت متقارب، والتي وصل مداها الى 250 كيلو، فرض معادلات جديدة على الاحتلال أهمها معادلة «القصف بالقصف والدم بالدم والتصعيد بالتصعيد».
ثانيا: استطاعت المقاومة الفلسطينية من خلال الإنجازات التي حققتها في معركة سيف القدس، واحباط اهداف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، اثبات كذب نظرية «الجيش الذي لا يقهر» وقد اهتزت صورة الجيش الصهيوني ليس امام العالم فحسب، انما امام الإسرائيليين الذين أيقنوا بأن جيشهم غير قادر على ردع المقاومة او وقف إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات، وغير قادر على تحقيق اهداف العدوان.
ثالثا: اثبتت معركة سيف القدس تطور في قدرات المقاومة على المستوى التقني وفي الأداء المقاوم، وقدرة على تسخير الميدان لخدمة المقاومة والتمويه على الاحتلال، ورغم استخدام الاحتلال لكل الوسائل التقنية الحديثة ومراقبة قطاع غزة «الساحلي» على مدار الساعة الا انه فشل في وقف إطلاق الصواريخ تجاه مغتصباته حتى اللحظة الأخيرة من المعركة، وبقيت المقاومة محافظة على قدراتها القتالية يشكلٍ أذهل الاحتلال.
رابعا: معركة سيف القدس أعادت مركزية القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية والإسلامية والالتفاف حولها بعد ان صورت بعض الأنظمة العربية القضية الفلسطينية على انها نكبة للشعوب وهى وراء كل الازمات التي تعاني منها المنطقة، لكن الشعوب في المنطقة تظاهرت في العواصم تأييداً للقضية الفلسطينية، وللمقاومة، وتوجهت الى المناطق الحدودية في لبنان والأردن للاشتباك مع الاحتلال والمشاركة في المعركة.
خامسا: معركة سيف القدس افشلت كل محاولات الأنظمة العربية للتعمية على القضية الفلسطينية إعلاميا وتجاهلها، فقد تصدرت فلسطين عناوين الاخبار الرئيسية في وسائل الاعلام المختلفة بفعل أداء المقاومة البطولي في الميدان والقدرة على نقل الصورة والخبر من قطاع غزة للعالم برؤية فلسطينية حيث حقق الاعلام الفلسطيني اختراقا في الرواية الإسرائيلية من خلال نقل الصورة والخبر الصحيح للعالم أجمع.
سادسا: استطاعت المقاومة بأدائها المشرف في معركة سيف القدس تغيير المسلمات لدى الإسرائيليين الذين كانوا يتعاملون مع قطاع غزة على انه الحلقة الأضعف، وان أي عدوان على غزة بمثابة نزهة لجيش الاحتلال وليس له ثمن، لكن الإسرائيلي فوجئ بقدرات المقاومة وآمن بتصريحاتها وتهديداتها وبات يثق في رواية المتحدثين باسم المقاومة، أكثر من ثقته برواية حكومته الامر الذي عزز الفجوة بين الحكومة والإسرائيليين.
لعل الجميع يعتبر ان ملحمة سيف القدس هي الحدث الأبرز في العام 2021م, لما خلفته من آثار سلبية على الاحتلال الذي اخفق في تحقيق اهداف العدوان, واسس لمرحلة جديدة من الصراع, واكسب المقاومة ثقة كبيرة على المستوى الذاتي وعلى المستوى الشعبي, وباتت إنجازات المقاومة في معركة سيف القدس تمثل حالة جديدة من المواجهة في وجه الاحتلال, وادرك الجميع ان المقاومة قادرة على تحقيق انتصارات على الاحتلال, وان الحقوق لا تقدم مجانا انما تنتزع انتزاعا من بين انياب المحتل الغاصب, وان أي مسارات أخرى غير المقاومة لن تجدي نفعا, ففلسطين لا تتسع الا لشعبها, ولا تقبل ان تعلق الادران في ثوبها الناصع, وستبقى رافضة لكل الغرباء الذين يحاولون الاستيطان فوقها, وشواهد معركة سيف القدس البطولية تدل على ان صراعنا مع المحتل الغاصب هو صراع وجود وليس صراع حدود, فسيف القدس أسست للمعركة الفاصلة ومثلت مرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال البغيض, والمعادلات التي فرضتها المعركة صبت في صالح المقاومة التي بات الجميع يعمل لها الف حساب, والرسائل التي وجهتها المقاومة للمحتل لا يمكن تجاهلها, كما لا يمكن تجاهل قدرة المقاومة على فرض المعركة على «إسرائيل» وتحديد بدايتها ونهايتها فلم يعد الاحتلال وحده هو المتحكم في تفاصيل المعركة, فالمقاومة لها كلمتها التي لا يمكن تجاهلها على الاطلاق.