بقلم/ ران أدليست
“بيتي بيتكم”، هكذا رحب صالح دياب، رب البيت، بضيوفه غير المدعويين ممن أتوا إلى بيته في حي الشيخ جراح. مشكلة دياب هي أن ضيوفه غير المدعويين، الذين هم مستوطنون، يريدون أن يلقوا به من بيته بمعونة عملائهم في أجهزة القانون، وهي مسألة صراع يومي منذ سنين.
قبل يوم من ذلك، أي الجمعة، دار هناك الطقس الدائم الذي يؤدي فيه كل طرف دوره بتصميم: المتظاهرون الداعمون والآتون من خارج الحي، سكان الحي، وحيالهم الشرطة. يتضمن الطقس اعتقالات وغرامات، وهنا وهناك جراحات (بما في ذلك جراحات دياب نفسه)، يوم آخر من الحياة الاعتيادية الباعثة على الاكتئاب في الشيخ جراح. النتيجة هي شوارع نقية: بيت فلسطيني، بيت يهودي، بيت مغلق.
حي الشيخ جراح، الحبيس بين طريق “حاييم بار-ليف” ووادي الجوز، هو مثابة كبسولة جغرافية لما يجري في القدس والضفة بأكملها. تجري في القدس الشرقية عملية تهويد عنيف. وحسب موقع “بتسيلم”، ففي أثناء تشرين الثاني فقط هدم بأمر من بلدية القدس والإدارة المدنية 45 مبنى في مناطق ضمت إلى أراضي بلدية المدينة وفي مناطق مجاورة لها، تعود لمحافظة القدس في السلطة الفلسطينية. وحسب الموقع، خرّبوا 18 بيت سكن، واعتقلوا 61 شخصاً، بينهم 26 قاصراً وسجنوا عقب مقاومتهم.
قبل بضعة أيام من ذلك، جرت مسيرة جماهيرية للمستوطنين نحو “حومش” التي هي منطقة عسكرية مغلقة. فلسطينيون في قرية برقة، قرب نابلس، بلغوا بأنهم تعرضوا لاعتداء المستوطنين الذين رشقوا الحجارة على اثنين من بيوت القرية بعد المسيرة، وأن بعضاً منهم نزلوا إلى القرية وحطموا شواهد قبور. ووزع في برقة منشور يدعو السكان للخروج لصد المستوطنين الذين سيحاولون الاعتداء على البلدة، وفي جنين سمع منشور يدعو المسلحين للتجند ومساعدة سكان القرية. دخل الشاباك، والجيش والشرطة في حالة تأهب. وفي الغداة، وقعت جلبة بين الجنود وسكان برقة. وحسب معطيات “الهلال الأحمر”، يوجد حتى الآن 68 جريحاً في برقة جراء إطلاق الجنود الإسرائيليين النار عليهم.
ما من سبيل لقول هذا بشكل مختلف: ميليشيات منفلتة العقال من المستوطنين تعمل في الضفة. والمحكمة العليا بصفتها محكمة استئنافات تعدّ شريكاً بالشر في المنطقة؛ برفضها توجهات فلسطينيين مثل دياب. “لن يكون بوسعنا التدخل في استنتاجات المحكمة المركزية المتعلقة بالوقائع”، قالت قاضية العليا دفنا باراك – ايرز في رفضها استئناف قرار إخلاء بيت عائلة من الشيخ جراح في 2018. “نعمل وفقاً لقوانين التقادم”. ولا سبيل آخر من قول هذا أيضاً: الأغلبية الصامتة أيضاً شركاء لكل ما يجري هناك.