في نقله جديدة ونوعية استخدمت المقاومة الفلسطينية سلاحاً جديداً من نوع (ستريلا 2)؛ والمعروف باسم (SA-7 Grail)، وهو صاروخ أرض - جو خفيف الوزن محمول على الكتف؛ مخصص لاستهداف الطائرات والمروحيات على ارتفاعات منخفضة، وموجه بالأشعة تحت الحمراء وذو رأس حربي شديد الانفجار.
ويُعد إطلاقه من قِبل المقاومة الفلسطينية إيذاناً ببدء مرحلة جديدة عنوانها أنَّ (سماء غزة محرمة على الإسرائيليين) تماماً كما برها وبحرها، وهو سلاح سيشكل هاجساً ورعباً للكيان، وربما يغير من قواعد اللعبة.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنَّ المقاومة كشفت في وقتٍ سابق امتلاكها صواريخ "سام 7"؛ إذ ظهر مقاتلون في عرض عسكرية نظمته سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي 2014، ومسير آخر لكتائب القسام في عام 2013.
مرحلة جديدة
الكاتب والمحلل السياسي ماهر سامي الحلبي يرى استخدام المقاومة الفلسطينية صاروخ "SA-7 Grail" المخصص لاستهداف الطائرات والمروحيات نقلة نوعية وجديدة من ناحية الأداء والتحدي العسكري للعدو الإسرائيلي.
ويرى الحلي أنَّ استخدام مثل هذا الصاروخ المضاد للطائرات بمثابة بصيص أمل للشعب الفلسطيني بأن مقاومته ما زالت تحمل في جعبتها الكثير من المفاجئات التي لم تعلن عنها بعد.
وذكر أنَّ استخدام مثل تلك الأسلحة يُعد إطلاقه من قِبل المقاومة الفلسطينية إيذاناً ببدء مرحلة جديدة تختلف عن سابقاتها في التعامل مع العدو الصهيوني، لاسيما أن هذا النوع من الأسلحة سيشكل هاجساً ورعباً للكيان الكيان، وسيغير من قواعد اللعبة.
وقال الحلبي: "الملاحظ بأن المقاومة أصبحت تُبدع كل يوم في الإعداد والتطوير، وتفاجئنا بكل ما هو جديد، ففي الوقت الذي كانت تقصف فيه طائرات الاحتلال الإسرائيلية قطاع غزة كانت الصواريخ التجريبية تنطلق على سواحل بحر غزة تحاول المقاومة من خلالها إرباك الاحتلال، وتوصل رسالة بأننا لم نتوقف لحظة عن الإعداد وأن طائراتك لن ترهبنا وسنواصل الطريق حتى التحرير بإذن الله تعالى".
لن يحتمل العدو اسقاط طائراته
من جانبه، يعتقد الخبير الأمني والاستراتيجي د. محمود العجرمي أن استخدام هذه الصواريخ وبهذه الطريقة يمثل إعلاناً صريحاً وواضحاً من قبل المقاومة، أنها جاهزة ومستعدة للرد والتصعيد بطرق مختلفة.
ولفت العجرمي في حديث مع "شمس نيوز" إلى أنَّ ما حدث عبارة عن عنوان جديد مفاجئ للاحتلال الإسرائيلي، كون المقاومة عبرت بشكل واضح أنها تمتلك تلك الصواريخ، ولديها الإرادة في استخدامها ضد الأهداف الجوية الإسرائيلية.
وقال "أعقد أنه في حال تمكنت المقاومة من إسقاط إحدى تلك الطائرات ستدحرج كرة اللهب تجاه انفجار سريع ومباشر، كون حكومة بينيت الهشة والضعيفة لن تحتمل ذلك، كون ذلك سيؤدي إلى انفجار كبير لدى الجبهة الداخلية للاحتلال".
وأشار إلى أن هشاشة تلك الحكومة لا تعطيها المجال للدخول في معارك جديدة، مستدركًا "المقاومة حينما أطلقت صواريخ (السام 7) كان لديها الإرادة بإسقاط طائرات، لمواجهة العدوان، وإثبات أنها قوة ولها اليد الطولى".
وعاد العجرمي إلى الوراء مذكرًا أنه خلال الأسابيع الأخيرة أرسلت المقاومة رسائل واضحة أنها لن تسمح باستمرار الهجمة على الأسرى، وتحديدًا ما يتعرض له الأسرى الإداريين والأسير أبو هواش على وجه الخصوص، أو عدم التزام الاحتلال بتعهداته بخصوص إعادة إعمار قطاع غزة.
وأضاف "أيضًا تشديد الحصار على القطاع، إلى جانب تنصل الاحتلال وتعطيله لصفقة تبادل الأسرى، لتكون منسجمة مع طلبات المقاومة، وما يجري في القدس والضفة المحتلة، كل ذلك تعد عوامل لدخول معركة جديدة".
وأوضح العجرمي إلى أن هذه الرسالة لم تكن الأولى من المقاومة، مبيِّنًا أن المناورات العسكرية المختلفة، والصواريخ التجريبية، وإطلاق النار تجاه قوات الاحتلال قرب السياج الفاصل، بالإضافة إلى صاروخي "تل أبيب" جميعها تعد رسائل على المهتمين التقاطها.
ما هو نظام "سام 7"؟
"سام 7" هو نظام دفاع جوي صاروخي محمول على الكتف، من نوع أرض - جو، أنتجه الاتحاد السوفيتي سابقاً ودخل في الخدمة العسكرية منذ عام 1968.
يعمل النظام على التوجيه الحراري للصاروخ، ويبلغ مداه نحو 3,700 متر بارتفاع يصل إلى 1,500 متر بسرعة 430 متراً بالثانية.
يعرف في الغرب باسم "ستريلا" أي السهم، وشكلت هذه الصواريخ عنصراً أساسياً في المواجهة مع الحركات الثورية خلال فترة الحرب الباردة، إذ أنتج الاتحاد السوفيتي كميات كبيرة منها.
يتكون النظام من المقذوف الأساسي وهو عبارة عن أنبوب، يحمل محركاً يستعمل الوقود الجاف ويتميز بدفع مزدوج وتوجهه زعانف قصيرة. يقوم الرامي بتسديد الأنبوب في اتجاه الهدف باستخدام جهاز تسديد مفتوح، ويضغط الضغطة الأولى على الزناد، ثم ينتظر حتى يتحول الضوء الأحمر إلى الضوء الأخضر وهو ما يعني أن الرأس الباحثة قد التحمت في اتجاه الهدف، ثم يضغط على الزناد حتى نهاية مساره.
صواريخ "سام" في الصراع من الاحتلال
لعبت صواريخ "سام" دوراً مركزياً في حرب أكتوبر 1973، إذ أقام الجيش المصري جداراً من صواريخ "سام" المضادة للطيران بمختلف أنواعها بالإضافة لمنظومات مضادة للدروع، وقد تكبد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الدبابات والطائرات من جراء استهداف قواته بهذه المنظومات.
كان لكتيبة "سام 7" في الجيش المصري أدوار هامة في ضرب الطيران الإسرائيلي المنخفض الأمر الذي أدى لإسقاط عدة طائرات لجيش الاحتلال خلال الحرب.
استطاع الجيش المصري بغطاء من صواريخ "سام" والقذائف المضادة للدروع التقدم لمسافة نحو التحصينات الإسرائيلية على طرف القناة وتدميرها وإلحاق أضرار فادحة بها.
خلال اجتياح جيش الاحتلال للبنان في حزيران/ يونيو 1982، خطط لتدمير صواريخ "سام" من أنواع مختلفة التي نشرها الجيش السوري في منطقة البقاع للتصدي للطيران الإسرائيلي الذي اعتاد تنفيذ غارات على مواقع في الأراضي اللبنانية.
بعد ثلاثة أيام من الاجتياح، شن جيش الاحتلال عملية عسكرية على بطاريات صواريخ "سام" السورية، واستخدم طيران الاستطلاع في جمع البيانات عن بطاريات الدفاع الجوي في البقاع ومنظومات تكنولوجية للتشويش عليها، وبعد معركة جوية ضارية دمر الطيران الإسرائيلي معظم صواريخ "سام" وعدة طائرات سورية.
تنتشر في المنطقة عدة منظومات دفاع جوي بعضها متقدم ومن صناعة عدة دول بينها روسيا، وما يخيف جيش الاحتلال هو وصول بعض الأنظمة إلى فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان، في ظل دخول المعركة على الجو مراحل جديدة بعد انتشار الطائرات دون طيار وتصنيع المقاومة أنواعاً مختلفة منها، وظهور أسلحة مضادة لها، وقد أعلن حزب الله في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن إسقاط طائرة دون طيار إسرائيلية جنوب لبنان باستخدام أسلحة لم يكشف عن طبيعتها.