"المقاتلون فتشوا كارين ايه ولم يجدوا شيئا"، يستعيد الذكرى العميد احتياط يوسي كوبرفاسر، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية "امان" في 2002، الذي كان في غرفة العمليات الطائرة فوق سفينة السلاح في البحر الاحمر.
"موفاز سأل ماذا يحصل، وتشيني قال انهم وجدوا سكين أرز. نظر الى الوراء، اليّ وقال: يا كوبرفاسر انت ستعود الى تل أبيب عبر نافذة الطائرة. قلت له فيواصلوا التفتيش، وعندها سألوا الكابتن اين السلاح فأجاب لماذا لم تسألوا؟ واراهم. صخرة ازيحت عن قلبي".
قبل عشرين سنة بالضبط خرجت الى حيز التنفيذ عملية تكاد تكون غير مسبوقة تسمى "سفينة نوح"، في اطارها سيطر مقاتلو الوحدة البحرية 13 على سفينة سلاح فلسطينية. الايام كانت ايام الانتفاضة الثانية، ودم الاسرائيليين كان يسفك كالمياه. في شهر اذار 2002، بعد شهرين من القبض على كارين ايه قتل 81 اسرائيليا في 11 عملية فداية. في نهاية ذاك الشهر نشبت حملة السور.
الواقع
السلطة الفلسطينية التي كانت عرضت نفسها قبل بضع سنوات من ذلك فقط كمحبة للسلام، فعلت في تلك الفترة كل ما في وسعها كي تشجع مزيدا من العمليات، ولهذا الغرض اشترت سفينة وحملتها بأسلحة ايرانية، لو كانت وصلت الى المنطقة لغيرت وجه الصورة.
"فهمنا ان عرفات يبحث عن مصادر سلاح لأجهزة الامن الفلسطينية وللتنظيم"، يروي رئيس الاركان في حينه شاؤول موفاز. "بعد بضعة أشهر من القبض على سفينة سلاح اخرى، سانتوريني، بدأت تصل في آب 2001 الى شعبة الاستخبارات الانباء الاولى عن كارين ايه - عندها فهمت انه يجب فتح العين على البحر الاحمر".
حُملت السفينة في جزيرة كيش التي تقع في خليج عُمان بخمسين طن من الوسائل القتالية وانطلقت باتجاه مصر. ومن هناك خطط المخربون بتهريب الوسائل القتالية الخطيرة في حاويات مأطومة الى قطاع غزة. شخّص الجيش الاسرائيلي خروج السفينة فقرر الخروج في عملية استثنائية في حجمها.
نافذة زمنية لساعة
على الجانب العملياتي ائتمن مقاتلو الوحدة البحرية 13 الذين تدربوا قبل ذلك على الهبوط من المروحيات بالحبال، وفي حينه لم تكن هذه القدرة متوفرة في الجيش الاسرائيلي، وعلى السيطرة على السفينة بواسطة قوارب سريعة. الى جانبهم كانت ايضا في قلب البحر سفن صواريخ وغيرها من السفن. وفي الجو عملت مروحيات قتالية وطائرات قتالية، وكذا طائرات استخبارات. وبسبب الطبيعة الدراماتيكية والمعقدة للعملية، قاد عملية السيطرة رئيس الاركان موفاز بنفسه، الى جانب قادة سلاح الجو، سلاح البحرية وشعبة الاستخبارات، من طائرة قيادة خاصة. "كنا ملزمين بان نأخذ القرارات في الميدان، يروي موفاز. 500 كيلو متر عن شواطئ ايلات، مع قوة هائلة بحجمها وفي نافذة زمنية لساعة فقط من هدوء العاصفة، وصل المقاتلون مع ادواتهم الكثيرة الى كارين ايه.
"في تلك الفترة كانت غير قليل من العمليات الكبيرة في إطار الانتفاضة الثانية، لكن لا شك ان هذه كانت مهمة استثنائية"، يروي د. اليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم، وفي حينه قائد سرب مروحيات هينشوف (بلاك هوك) التي انزلت مقاتلي الوحدة البحرية الى السفينة. سبع دقائق فقط استغرقت السيطرة على السفينة، لكن في البداية لم ينجح المقاتلون في ايجاد السلاح المخبأ. وفقط بعد ان قاد الكابتن القوة الى الحاويات، اكتشف الكنز الهائل. 50 طناَ من السلاح الذي كان معدا لاستخدام المقاتلين في قطاع غزة بما في ذلك الاف الصواريخ وقاذفات الهاون، صواريخ آرب.بي.جي ومئات البنادق الرشاشة والبنادق القناصة.
معنى استراتيجي
يشير موفاز بانه مع كل الاحترام للصواريخ، كان التخوف بالذات من المواد المتفجرة: "كان في السفينة 2.2 طن من C4، والتي كانت تكفي لأكثر من 450 عملية انتحارية. كان هذا سيلحق بنا ضررا مجنونا، أكثر بكثير من كل الكاتيوشا".
المعنى الاستراتيجي للعملية كان حرجا بقدر لا يقل عن النجاح الأمني. في ذاك الوقت وجدت الحكومة والجيش صعوبة في اقناع الأمريكيين بالحاجة الى الخروج لحملة عسكرية لاحتلال مناطق السلطة الفلسطينية والقضاء على الإرهاب، كون الأمريكيين كانوا مقتنعين بان عرفات هو شريك حقيقي وليس مخربا متخفيا. عندما وصل موفاز الى الولايات المتحدة وفي يديه التوثيق الذي اثبت بان عرفات هو الذي ارسل السفينة أدى الامر الى تغيير الاتجاه الذي في نهاية الامر اعطى إسرائيل الشرعية للخروج الى حملة السور الواقي.
في مرآة الزمن يقول د. اليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم: ساعدت العملية الجيش الإسرائيلي مثل كثيرين آخرين لقطع شوط طويل، الامر الذي يقوم به اليوم أيضا، في المعركة التي بين المعارك. "الجيش الإسرائيلي يتعلم كل الوقت، وكل عمليات كهذه هامة. معرفة الماضي هامة لأجل التخطيط للمستقبل. الشجاعة السياسية التي كانت في العملية - تطبق بتقديري اليوم أيضا.