شمس نيوز/ تحقيق-عبدالله مغاري
يخضع توزيع الأراضي في قطاع غزة ,إلى قانون تنظيم المدن لعام 1936الذي يقسم الأراضي إلى ما هو خاضع لنفوذ البلديات, وإلى ما هو خارج نفوذها. ويطلق على المناطق التي تقع خارج سيطرة البلديات مسمى" المناطق الإقليمية " حيث تقع وبشكل مباشر تحت نفوذ وزارة الحكم المحلي.
بالرغم من أن هذه الأراضي، والتي تبلغ مساحتها حوالي 80كم مربع, من مجمل مساحة قطاع غزة البالغة حوالي360 كم مربع, أراض زراعية يمنع البناء فيها, يلجأ الكثير من المواطنين للشراء والسكن في تلك المناطق بسبب انخفاض أسعارها.
وبعد أن يصبح وجودهم أمرا واقعا لا مفر منه، تقوم وزارة الحكم المحلي بمنحهم تراخيص بناء, وتوعز للبلدية الأقرب لهم بتوفير الخدمات الأساسية, مما يوقعهم في دوامة تجاهل البلديات والتهرب من مسؤولياتها.
لمن نتبع؟
المواطن" أبو محمد أبو غولة" الذي يسكن في منطقة تل الزعفران الحدودية, الواقعة بين مخيمي البريج والمغازي, أعرب عن استياءه لعدم اعتراف بلديتي المغازي والبريج بسكان المنطقة, حيث يقول لمراسل "شمس نيوز": نحن في هذه المنطقة نقع بين بلديتي المغازي والبريج, بلدية المغازي تقول لنا منطقتكم تابعة لبلدية البريج,و بلدية البريج تقول أنتم تابعون للمغازي ,رغم أننا نأخذ المياه من بلدية المغازي وترخيصنا من بلدية البريج".
ويضيف: حتى بعد الحرب، عندما ذهبنا لإصدار إفادة أضرار واجهتنا نفس المشكلة, بلدية البريج تلقي المسئولية عنا للمغازي، وبالعكس".
أما المواطن "أحمد عوض" الذي يسكن في منطقة السوارحة الواقعة بين مخيم النصيرات وبلدة الزوايدة, فقد لجأ إلى تركيب خط اشتراك كهرباء لمنزله باسم أحد جيرانه, بعد رفض البلديتين منحه الموافقة على تركيب خط الكهرباء بدعوى أن المنزل يقع خارج نفوذهما.
يقول عوض لمراسل "شمس نيوز": توجهت لبلدية النصيرات فقالوا لي إن منزلي تابع لبلدية الزوايدة, رجعت وتوجهت لبلدية الزوايدة قالوا لي إن بيتي ضمن سيطرة بلدية النصيرات ,استمرت محاولاتي لفترة وبدون فائدة".
ويتابع بالقول: اضطررت إلى للجوء لفكرة مد خط كهرباء عن طريق أحد الجيران الذي يبعد عني قليلا, وتعترف بلدية النصيرات أنه داخل حدودها، وتغلبت على مشكلة المياه بحفر بئر قرب البيت".
بلا خدمات
يشتكي المواطن "أبو غازي الطلاّع" من نقص وسوء الخدمات التي تقدمها البلدية, لسكان المنطقة الشرقية بغزة، ليقول: لا يوجد أي نوع من الخدمات، لا حاويات قمامة ولا شبكات صرف صحي ولا يوجد أي اهتمام من قبل البلدية, منطقة مثل هذه المنطقة يفترض أن يكون فيها وحدة إسعاف أو عيادة لو أصيب أحد هنا ممكن أن يموت قبل نقله للمستشفى".
ويضيف: كل واحد من السكان يلقي النفايات بمناطق عشوائية، وبعد أن تتكاثر القمامة, وتوشك على إغلاق الشارع، وتحت ضغط السكان ترسل البلدية سياراتها لإزالتها".
ويعتمد سكان هذه المناطق على الآبار كطريقة للتخلص من مياه الصرف الصحي لعدم وجود بنية تحتية ما يهدد المياه الجوفية بخطر التلوث، بحسب ما يقوله المختصون.
ويطالب "الطلاّع" الجهات المعنية بتوفير الخدمات اللازمة من شبكات صرف صحي ,وحاويات نفايات ,وشبكات إنارة ووحدات طبية للمنطقة التي يسكنها.
غير قانونية
من جانبه، قال نائب مدير الإدارة العامة للتخطيط والتنظيم في وزارة الحكم المحلي المهندس" صبحي سكيك ", إن القانون لا يسمح بالبناء في المناطق الإقليمية, مشيراً إلى أنها مناطق زراعية تحاول الوزارة الحفاظ عليها ومنع فوقها ليتم استغلالها في توفير الاحتياجات الزراعية مستقبلا.
ونوه "سكيك" إلى أن القانون يسمح ببناء بيت مكون من طابق واحد على مساحة 180مترا, لمن يملك خمسة دونمات على الأقل في المناطق الإقليمية أو الزراعية, مؤكدا أن الوزارة تعطي موافقة لاشتراك مياه وكهرباء للبيوت القائمة والمأهولة.
وقال "سكيك"في حديثه لمراسل "شمس نيوز": في حال جاء أحد يمتلك أقل من خمسة دونمات وتقدم للوزارة بطلب ترخيص بناء، الوزارة ترفض منحه ترخيص, لكن إذا كان المبنى قائما ومأهولا بالسكان، تتعامل معه الوزارة كحالة إنسانية وتمنحه اشتراك كهرباء ومياه".
وأضاف: بعد منحه الموافقة على اشتراك كهرباء أو مياه ترسله الوزارة لأقرب بلدية للمنطقة التي يسكنها لتزويده بالخدمات، لأن الوزارة لا تملك بنية تحتية في تلك المناطق".
البلديات مُفوضة
ولفت "سكيك" إلى أن وزارة الحكم المحلي قامت بتفويض البلديات بالإشراف على المناطق والأراضي الإقليمية بغرض مراقبة عمليات البناء, ومتابعة المخالفات, وتقديم الخدمات اللازمة للسكان، مشيرا إلى أن قلة الإمكانيات المادية والبشرية منعت الوزارة من متابعة هذه المناطق بشكل مباشر.
وزاد بالقول: معظم المناطق الإقليمية تقع قرب الحدود الشرقية، وقضية الأمن والإمكانيات الضعيفة تمنع الوزارة من متابعة تلك المناطق بشكل مباشر، ما دفع الوزارة لتفويض البلديات، وكتاب التفويض لا يعني ملكية البلدية لتلك المنطقة".
وأكد "سكيك" أن الوزارة حاولت الإشراف بشكل مباشر على هذه المناطق من خلال تشكيل لجنة أو دائرة تابعة لوزارة الحكم المحلي مختصة في هذا المجال, ولكن تشكيل إدارة مختصة يتطلب إمكانيات كبيرة ولا تتمكن الوزارة من توفير هذه الإمكانيات في الوقت الحالي" بحسب قوله.
وأشار إلى أن بعض البلديات تتجاوز القانون وتمنح بعض الأشخاص موافقة على اشتراكات مياه وكهرباء، الأمر الذي يعود بأثر سلبي على المدى البعيد".
البلدية تقدم خدمات
وفي السياق، قال رئيس بلدية المغازي الأستاذ "محمد النجار" إن البلدية تقدم الخدمات للمناطق الإقليمية المحاذية لمناطق نفوذ البلدية وفق النظام المعمول به من خلال البلديات، مشيراً إلى أن خدمات المياه والنظافة تقدم بشكل أساسي .
وقال النجار لـ"شمس نيوز": تقدم البلدية خدمات المياه والنظافة بشكل أساسي للمناطق الإقليمية بحكم أن هذه المناطق أساسا يفترض أن تكون مناطق صناعية ويتم تخطيطها، ولكن نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية لم يتم تطويرها كما يجب".
وبخصوص منطقة تل الزعفران الواقعة بين حدود البريج و المغازي أكد النجار أن المنطقة ليست إقليمية وتابعة ضمن نفوذ بلدية البريج، مشيراً إلى أن سكان المنطقة يتلقون خدمات التعليم والصحة والمياه من بلدية المغازي.
ونوه إلى أن سكان المنطقة طالبوا بالانضمام لبلدية المغازي قائلاً: كان هناك مطالبة من السكان نفسهم لينضموا لبلدية المغازي، لكن بصراحة البلدية الأخرى لم تستجب لذلك، وكان هناك رسائل موقعة من السكان وتوجهنا بها للحكم المحلي".
وأعرب النجار عن استعداد بلدية المغازي لتقديم الخدمات إلى سكان المنطقة بشكل كامل مشيراً إلى أن بلدية البريج تقوم بجباية رسوم الخدمات المقدمة لسكان المنطقة.
لكن نائب مدير الإدارة العامة للتخطيط والتنظيم في وزارة الحكم المحلي المهندس صبحي سكيك، كان قد أوضح لنا في سياق هذا التقرير أن منطقة "تل الزعفران" منطقة إقليمية لا تتبع لأي بلدية من حيث الملكية.