كم آلمتنا آهاتك يا هشام، وكم أسعدتنا ابتسامتك التي انتزعتها بصمودك وإرادتك التي لا تلين، كانت لحظة الانتصار فارقة، حيث حلت الابتسامة على وجهك، وحل الغيظ والكيد والاذلال على وجه بن غفير وزبانيته وهم يحاولون اقتحام غرفتك التي ترقد بها في مشفى "اساف هار وفية" المقامة فوق بلدتنا المغتصبة صرفند ليغتالوا ابتسامتك، كم اغاظهم انتصارك يا هشام، وكم كان شعبك عظيما وهو يحول لحظة النصر الى عيد، حيث وزعت الحلوى واشتعلت الانوار والألعاب النارية في دورا والخليل ورام الله وغزة وبيت لحم، وفي كل بقعة من بقاع فلسطين, كانت تصريحات الأمين العام القائد زياد النخالة حاضرة بقوة على وسائل الاعلام العبرية, حيث اقروا ان تهديدات امين عام الجهاد القائد زياد النخالة كان لها اثر كبير في قرار الاحتلال بالموافقة على انهاء اعتقالك الإداري, وان بيان المقاومة القوي والذي يتوعد الاحتلال بالويلات, والاجتماعات المتتالية بين حماس والجهاد والتي لم تنقطع في الآونة الأخيرة على المستوى الداخلي والخارجي, الأثر الكبير في ارباك الحكومة الإسرائيلية المجرمة, على ارض مشفى "اساف هاروفية" رفع الفلسطينيون العلم الفلسطيني في وجه بن غفير وزبانيته الأشرار ليعبروا عن الانتصار على السجان, لقد تحول الموت الذي أراده الصهاينة المجرمين لهشام الى انتصار بفضل صمودك الأسطوري وايمانك بعدالة قضيتك يا هشام, بعد ان ظنوا ان انقاص 50 كيلو غرام من وزنك كفيلة بكسر ارادتك وانهاء حياتك, فعند دخول هشام المعتقل كان وزنه 85 كيلو غرام وعندما خاض اضرابه المفتوح عن الطعام لمدة 141 يوما وصل وزنه الى 35 كيلو غرام, فهل تدركون حجم المعركة وصعوبتها.
لم يكن هشام أبو هواش امام خيارين نصر او هزيمة, لان الهزيمة ليس لها مكان لدى الاسرى, المعركة كانت بين نصرين, اما انتزاع الحرية, واما نيل الشهادة وكلاهما نصر, كانت هناك محاولات مستميتة لإقناع هشام وقبوله بإنصاف حلول لكنه ابى واستعصم, وأوصى زوجته واسرته بعدم القبول بحلول وسط, فإما اطلاق سراحه بعد انتهاء مدة محكوميته في فبراير القادم, وامام الاستمرار في الاضراب المفتوح عن الطعام, وكانت اسرة هشام على قدر الوصية, وتمسكت بموقف هشام رغم كل الضغوط التي تعرضت لها, ورغم الاخطار التي واجهتها الاسرة داخل مشفى "اساف هروفية" الذي كان يرقد فيه الأسير هشام, ومحاولات المستوطنين الصهاينة الاعتداء عليهم, كان العرض الأول بأن يتم تجديد اعتقال هشام لمدة أربعة اشهر بعد انتهاء فترة اعتقاله, ويتم الافراج عنه في شهر يوليو 2022م لكنه رفض واصر على موقفه, ثم جاء العرض الثاني عبر الوسطاء بالإفراج عن هشام أبو هواش بعد انتهاء فترة اعتقاله الإداري بشهرين, أي في ابريل 2022م, لكنه رفض هو واسرته هذا العرض وتمسك بموقفه, الى ان وافق الاحتلال الصهيوني مرغما على الافراج عن هشام خلال الشهر القادم وتحديدا في تاريخ 26 فبراير 2022م, وهذا الانتصار تم توثيقه لضمان الافراج عنه في الموعد المحدد, وسيخضع هشام في هذه الفترة الى العلاج حتى يسترد جزء من صحته ويستعيد قوته, والشعب الفلسطيني الذي تضامن مع هشام أبو هواش بات ينتظر لحظة الافراج عنه بشغف كبير, وليحتفل الشعب وهشام بانتزاعه لحريته بالقوة, وليمثل هذا الانتصار مرحلة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني للأسرى الإداريين الابطال ضد الاحتلال .
الاحتلال الصهيوني الذي غاظه مشهد الاحتفال الشعبي الفلسطيني بانتصار هشام أبو هواش, شرع بشن حملة اعتقالات الليلة الماضية بحق الاسرى المحررين من أبناء الجهاد الإسلامي وحماس, في محاولة لاغتيال فرحة الفلسطينيين, وكلما استطاع اسير فلسطيني تحقيق نصر جديد على الاحتلال, جن جنون الإسرائيليين وشرعوا في عمليات اعتقال عشوائية في صفوف الفلسطينيين وتحويلهم للاعتقال الإداري, ولكننا ومن مساحة النصر التي سطرها الأسير البطل هشام أبو هواش, وسطرتها فصائل المقاومة الفلسطينية, وسطرها شعبنا الفلسطيني العظيم في الوطن والشتات, نؤكد ان المعركة لم تنته بعد, فسياسة الاعتقال الإداري التعسفية والمجرمة وفق القوانين والأعراف الدولية لا زالت قائمة ومستمرة, وان الهدف الأساسي هو اسقاط سياسة الاعتقال الإداري التعسفية, ورفع هذا الظلم الممنهج الذي يمارسه الاحتلال ضد شعبنا عن الفلسطينيين, ونحن متأكدين ان معركة الاسرى الإداريين لن تتوقف, واذا كان هشام قد انتصر في هذه المعركة, فإننا ننتظر اسير اداري اخر يستكمل هذه المعركة ويخوض اضراب مفتوح عن الطعام لأشهر عديدة, لذلك مطلوب من الاسرى الإداريين خوض معركة جماعية لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري برمتها, حتى لا تبقى سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين, انتصار هشام تحقق فيه هدف انتزاع حريته, الذي جاء رغما عن انف نفتالي بينت وحكومته المتطرفة, بتقديرات امنية وعسكرية قدمت للحكومة الصهيونية بضرورة انهاء قضية هشام أبو هواش لان المرحلة غير ملائمة لعملية عسكرية جديدة على قطاع غزة, وجاءت الاستجابة من حكومة بينت على مضض وعلى غير رغبته وحكومته.