قائمة الموقع

مواقف النخالة وتناغم منظومة الجهاد العسكرية والإعلامية

2022-01-08T08:27:00+02:00
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة.jpeg
بقلم/ علاء عبد العزيز

ما فعله قائد الجهاد الإسلامي زياد النخالة لم يكن عادياً، ولا يمكن المرور عليه بنظرة عابرة أو سريعة، فالصورة الذهنية التي صنعها القائد النخالة لنفسه ولحركة الجهاد الإسلامي منذ انتخابه أميناً عاماً للحركة، تستحق الوقوف أمامها ودراستها بكل ما فيها من محطات كان الرجل يؤسس فيها لفكرة جديدة تنطلق من بعدين رئيسيين، الأول هو الإنسجام التام مع خط سلفيه الأمين العام المؤسس د. فتحي الشقاقي والأمين العام السابق د. رمضان شلح، فلا يشعر أحد أن هناك تغييراً أو انقلاباً على تلك الحالة التي صنعها ثُلاثي أمانة الجهاد، فيرى المراقب أن محددات حركة الجهاد لم تتغير منذ تأسيسها في التعامل مع كافة القضايا الوطنية والإقليمية، مع وجود بصمة خاصة لكل من تسلم الأمانة العامة للجهاد الإسلامي، أما البعد الثاني فتجسد في المواقف الواضحة والصريحة والصادمة في بعض الأحيان، والتي يتمترس خلفا الرجل الذي سرعان ما يجعل المتلقي يستحضر البعد الوطني والمسؤول لمواقفه الحازمة التي لا تقبل الرمادية، وتصل إلى المستهدف منها بشكل مباشر ودون مواربة.

وفي ظل الكثير من المنعطفات، لم يغب النخالة عن المحطات الرئيسية والهامة التي تكتنفها الكثير من الأسئلة في الواقع الفلسطيني، والتي  تحتاج إلى اجابات سريعة وعاجلة وشافية ، ليكون الرجل حاضراً وبقوة ودون تردد ليجيب عنها، ما يعطي  أريحية كبيرة لدى الشارع الفلسطيني الذي ينتظر من يجيب على تساؤلاته.

المجاهد أبو طارق كما يحب أن يوصف، والأسير المحرر بعد سبعة عشر عاماً في سجون الاحتلال، والمؤسس للجناح العسكري لحركة الجهاد، يمتلك شعبية جارفة في داخل أروقة حركته، عدا عن القبول الشعبي الكبير الذي يلقاه الرجل الحاضر في كثير من المشاهد التي يغلب عليها طابع المتحدي، والتي يكون طرفها الآخر هو الاحتلال الاسرائيلي، ومن سار في فلكه.

ساهم النخالة ومن خلال منهج حركة الجهاد الإسلامي الذي يرى بأن جهد المقاومة لا بد أن يستهدف في هذه المرحلة الاشتباك مع الاحتلال ومشاغلته فقط، دون الدخول في مكتسبات سياسية أو سلطوية، على حساب المشروع التحرري، الذي رهنت حركة الجهاد نفسها له، مبشرةً بتحققه، بشرط إبقاء الأصبع على الزناد.

فحركة الجهاد الإسلامي وبحضور النخالة على قمة هرمها، وأمام أربعة عقود على انطلاقتها الجهادية، باتا تُشكل قوة وازنة ولها ثقلها على الساحة الفلسطينية والاقليمية، وأصبحت لاعباً مؤثراً يُحسب لها ألف حساب لدى العدو قبل الصديق، وعلى عكس حركات وطنية سبقتها في العمر والتأسيس يتلاشى مع الزمن حضورها، وتضعف قوتها، ويغيب تأثيرها، إلا إن الجهاد الإسلامي يتنامى بشكل متصاعد، ويتطور بشكل ملحوظ، وتزداد قوته العسكرية والشعبية، ويقابلها تطور في العمل المؤسساتي على كل الأصعدة والتي باتت اليوم تمتلك قوة مؤسساتية شفافة، كلها عواملٌ ساهمت في اكتساب ثقة الشارع بالحركة التي يُشهد لها بالمهنية والكفاءة والسيرة الحسنة لدى كوادرها ومؤسساتها، الأمر الذي أعطاها قبولاً كبيراً لدى أنصارها من جهة، ولدى الشارع الفلسطيني الذي يُكن لها الاحترام والتقدير من جهة ثانية.

أما عن المنظومة العسكرية والإعلامية، فالجهاد الإسلامي يمتلك درعاً وسيفاً باتا حاضرين بقوة في المشهدين الفلسطيني والإقليمي، فبالإضافة لما يفعله مقاتلو الجناح العسكري للجهاد في سرايا القدس على أرض المعركة من حضور قوي ومشهود تجسد في كافة المواجهات مع كيان الاحتلال، وأخرها في معركة سيف القدس الذي قدمت فيها سرايا القدس عملاً بطولياً عده مراقبون بأنه الأكثر حنكة وتأثيراً وحضوراً في الميدان، إلى جانب فصائل المقاومة، فتجسدت هذه الحالة في سيف القدس منذ ضربة الكورنيت الأولى شمال غزة، التي نفذها مقاتلو السرايا مستهدفين جيباً عسكرياً اسرائيلياً، فقتلوا وجرحوا من بداخله، وهي العملية التي وثقها الإعلام الحربي لسرايا القدس، في مشهد اعتبره مراقبون بأنه صورة النصر التي بقيت حاضرة طوال المعركة وما بعدها، ولم تكتف سرايا القدس بذلك، لتُتبع هذ العملية بآلاف الصواريخ والقذائف التي توزعت على رشقات لم تغب عن سماء المستوطنات والمدن المحتلة القريبة والبعيدة عن قطاع غزة، فكانت تقصف تل أبيب كما تقصف كرم أبو سالم، ولا مشكلة أمام مقاتلي السرايا في الحالتين، في الوقت الذي كانت تبشر فيه سرايا القدس، ً بأنها تمتلك ما يتجاوز ذلك عدة وعتاداً ونوعاً وقوةً تدميرية، الأمر الذي كان له تأثيره على الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال، ما جعله يخضع في نهاية المطاف، وصولاً إلى استجداء تهدئة مع سرايا القدس والمقاومة.

هذه المعركة وما سبقها من معارك وجولات بين الحروب، كان صوت الجهاد الإسلامي ملئ السمع والبصر، مسموعاً ومرئياً وحاضراً بكل قوة، فصورة عمليات سراياه كانت حاضرة بكل وضوح، هذا الصوت المسموع كان يرتكز بشكل رئيسي على ما يمتلكه الجهاد الإسلامي في منظومته الإعلامية واسعة الانتشار وكبيرة التأثير محلياً واقليماً، فحضر الجهاد الإسلامي ببطولات مقاتليه ومواقفه السياسة من خلال وسائل الإعلام التي أسس لها منذ سنوات، ومع كل مرحلة يُضيف وسيلة إعلامية نوعية جديدة.

فالجهاد الإسلامي يمتلك قناتين تلفزيونيتين، هما فلسطين اليوم والقدس اليوم، فالأولى تمتلك حضوراً كبيراً لدى المشاهد الفلسطيني والعربي، ورغم أنها تحمل فكر ورؤية وخطاب الجهاد الإسلامي، إلا إنها تستحوذ على نسبة المشاهدة الواسعة من كافة أطياف الشعب الفلسطيني، كونها تحمل خطاباً جامعاً، وهي تعتبر ملاذا للمشاهد خلال الجولات والحروب وعمليات التصعيد التي ينفذها الاحتلال في غزة والضفة والقدس المحتلتين، عدا أنها القناة التي يستقي منها المشاهد الفلسطيني والعربي أخبار فلسطين وتحليل المواقف والتعليق على الأحداث الجارية بكل مهنية وتجرد ، أما القناة التلفزيونية الجديدة القدس اليوم، والتي رغم ولادتها حديثاً إلا أنها سجلت حضوراً ملموساً في ما تبثه من برامج وأعمال وثائقية  وأفلام وبرامج تتحدث عن سير الشهداء والأسرى في قالب جاذب للمشاهد، ومع الوقت تزداد نسبة وصولها اامتابع، أما على الجانب المسموع فلدى الجهاد الإسلامي إذاعتان مهمتان هما القدس والأسرى، ولكل إذاعة دورها المشهود، فإذاعة القدس تقدم عدداً نوعياً من البرامج الإذاعية والمتابعة الخبرية العاجلة، ما جعلها محط أسماع الجماهير التي تتجمع حولها كونها صوتاً يخاطب الجميع، بخلاف إذاعات زميلة أخرى تهتم بمخاطبة جمهورٍ بعينه، وتهتم بالنوع على الكم،  أما الإذاعة الثانية، فهي إذاعة الأسرى المتخصصة، والتي تعتبر ملاذ الأسرى وعائلاتهم، وتشكل صوتاً يصدح بهم الأسرى ويخاطبهم ويستمع إلى صوتهم رغم عتمة السجن وقسوة القضبان، أما على صعيد القراء، فلا يمكن تجاوز أول جريدة ناطقة باسم المقاومة، أسسها الشهيد هاني عابد قبل نحو ثلاثة عقود، وباتت اليوم تخاطب الجمهور الذي يتابعها ورقياً، أو من خلال متابعتها بشكلها الإلكتروني، وهي تشهد مواكبة للتطور التكنلوجي المتسارع، وفي المشهد على صعيد المواقع الإلكترونية فوكالتا فلسطين اليوم وشمس نيوز ، تخاطبان رواد الشبكة العنكبوتية، وتملآن وقتهم بكل جديد على صعيد الخبر والمقال والتحليل والصورة الحصرية.

وحديثاً بات لافتاً الظهور الكبير لمنصات الجهاد الإعلامية على مواقع التواصل الإجتماعي، من خلال الحملات الإعلامية التي تصل إلى مئات آلاف المتابعين أو ملايين في أغلب الأحيان، من خلال وكالة ميثاق الإعلامية التي تنتشر عبر منصاتها المتعددة على كافة وسائل التواصل الاجتماعي ، ومن خلف هذا المشهد الإعلامي المنتظم والذي يعرف محدداته وفق ما أعد له، يبرز جلياً دور المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الذي يُطلق مواقفه وتوجيهاته وفق ما يقتضيه المشهد بناءً على المحددات الوطنية والإسلامية التي تنسجم معها وسائل اعلام الجهاد التي توصف بصاحبة الرسالة الوحدوية، وذو هوية واضحة.

أما عن الإعلام الحربي لسرايا القدس، والذي يقوم بدور بارز على الصعيد الداخلي الفلسطيني وخارجه، أو على صعيد الحرب النفسية على المجتمع الإسرائيلي، فالمُنتج الذي يُصدره الإعلام الحربي بشكل مدروس ونوعي ودائمٍ، من حيثُ صورة العملية ضد العدو، والتدريبات، والفيلم التوثيقي والوثائقي والأنشودة والكلمة الموجهة والمواقف العسكرية القوية ، عدا عن الظهور اللافت للمتحدث العسكري أبو حمزة، كلها شواهد على حالة النضج والتطور الكبير على صعيد العمل الإعلامي العسكري المؤثر وبقوة.

 هذا المشهد العسكري والإعلامي للجهاد الإسلامي، يبدو منسجماً تماماً مع مواقف الأمين العام للحركة زياد النخالة، الذي أطلق عدداً من المواقف التي كان آخرها اعتباره استشهاد الأسير المنتصر في اضرابه هشام أبو هواش عمليةَ اغتيال تستوجب الرد وفق ( عملية اغتيال )، هذ التصريح تلقفه الجناح العسكري سرايا القدس ببدء التجهز على الأرض والاستعداد لكل الاحتمالات التي تقتضي قصفاً لتل أبيب أو تصعيد المشهد العسكري ضد الاحتلال، واقترن بالتغطية الاعلامية الموجهة لوسائل اعلام الجهاد والتي جيشت الرأي العام نحو اسناد الأسير المضرب عن الطعام وهو يصل شهره الخامس من الاضراب، فالمنظومة العسكرية والإعلامية للجهاد الإسلامي تشكل نموذجاً حياً لمفاصل حركة الجهاد الإسلامي ومؤسساتها التي تشكل حضوراً قوياً على مستوى العمل الإجتماعي والنقابي والثقاقي والأكاديمي والسياسي، عدا عن الإطار النسوي الذي يُشار له بالبنان، فحركة الجهاد الإسلامي وفي ظل هذه المعطيات، تعبر عن حالة وطنية إسلامية تستحق دراستها والوقوف أمام عملها النوعي والرزين والحكيم من كافة زواياه، بكل تجرد وشفافية.

اخبار ذات صلة