"الصورة التي رفعت، الأسبوع الماضي، في أثناء مداولات الهيئة العامة للكنيست، يمكن أن نجملها بجملة “نائب عربي ضد نائب عربي، وليس لأي منهما صلاحيات القرار”.
رئيس الموحدة/راعم، النائب منصور عباس، أدار جلسة الهيئة العامة، وصعد النواب من القائمة المشتركة واحداً تلو الآخر، وهاجموا الحكومة، خصوصاً منافسيهم على أصوات المقترعين و”قانون الكهرباء” الذي يسمح لمن بني بيته بدون ترخيص أن يحصل على الربط بالشبكة القطرية ضمن شروط معينة.
هذا حدث تاريخي في السياسة الإسرائيلية والسياسة العربية بخاصة، حين يمثل نائب عربي الائتلاف ويدافع عن القانون، ويقابله نائب عربي آخر، في هذه الحالة د. أحمد الطيبي، الذي يمثل معارضي القانون.
باحثون وخبراء في العلوم السياسية والتاريخ حتماً سيبحثون كثيراً فيما يجري اليوم داخل الكنيست في كل ما يتعلق بعلاقات العرب سواء في الائتلاف أو المعارضة. هذه الظاهرة قد تكون خاصة في العالم، خصوصاً أن النواب العرب في الائتلاف لا ينتمون إليه أو يؤيدونه حتى النهاية، ونواب عرب في المعارضة لا ينتمون إليها أيضاً بل ويعارضون طريقها بقدر لا يقل عن معارضتهم للحكومة.
ثلاثة تيارات سياسية بارزة اليوم في المجتمع العربي داخل إسرائيل: التيار البراغماتي بقيادة منصور عباس، الذي يقول إن على العرب ترك الجانب القومي والتركيز على الجانب المدني – الاقتصادي، والدفع من خلال الضم إلى الائتلاف بالمجتمع العربي؛ أما التيار الثاني، الذي تمثله القائمة المشتركة، فهو لمنتخبي الجمهور الذين يكافحون في سبيل الحقوق القومية بالتوازي مع الحقوق المدنية، بل وأحياناً قبلها، وهؤلاء يخطون على علمهم تأييدهم للمسألة الفلسطينية في كل زمان ومكان، ويرون أنفسهم والناخبين جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني مع خصوصية كمواطنين عرب في دولة إسرائيل؛ ثم التيار الثالث وهو كفاحي، أولئك المعارضين أيديولوجياً للمشاركة في انتخابات الكنيست، ويفضلون التركيز على تقدم المجتمع العربي من خلال السلطات المحلية ومنظمات القطاع الثالث، وينتمي إليهم الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية، الذي أخرج عن القانون قبل بضع سنوات، وحكم على قادته ومكثوا سنوات في السجن داخل إسرائيل، وحركة أبناء البلد وقسم كبير من مؤيدي ونشطاء التجمع الوطني الديمقراطي.
تؤدي الخلافات السياسية إلى انقسام كبير وقاس في المجتمع العربي. يبدو الأمر واضحاً على نحو خاص في الشبكات الاجتماعية، المليئة بتحريضات كل مجموعة ضد الأخرى، ولن أتفاجأ إذا ما أصبح الخلاف مواجهة جسدية، مثل الاعتداء على النائب عباس السنة الماضية في مدينة أم الفحم.
المطلوب الآن زعامة حكيمة تجلب كل الجهات السياسية العربية في إسرائيل إلى وضع من الحوار بدلاً من التحريض المتبادل القاسي والمنفلت، إذ إن المس بزعيم سياسي كهذا أو ذاك سيصبح مسألة وقت، ويحظر لسيناريو كهذا أن يحدث.